بنغازي الحزينة ونداء للسلام - عين ليبيا

من إعداد: خالد الهوني

(دعوة للتفكير بطريقة مختلفة)

كل يوم، تطالعنا الاخبار والصور من بنغازي، عن حجم  التدمير  الذي يحدث للمدينة، وعن الاعداد المخيفة من القتلى والجرحى، التي تستقبلها مستشفياتها يومياً، حتى لكأن المستشفيات أصبحت مجرد ممرات عبور للمقابر، دون أن  يتحرك أحد  للإيقاف هذا النزيف المتواصل من الدماء، فلا وفود من الحكومات، ولا مجالس أعيان، ولا عقلاء ولا شيوخ… لا أحد.

فقذائف الموت العشوائية  والعمليات القتالية، لم تترك أحد من جميع أطياف أهل المدينة، إلا وأخذت حصتها منه، فقد حصدت بمنجل الموت، الاطفال  والشباب، النساء والرجال والشيوخ، العسكريون والمدنيون، الثوار وغير الثوار، الليبيون والأجانب، حتي لكأنها أحتفالية للموت يشارك الجميع فيها مُجبراً، بكل حزن وألم و  تعاسه.

إن اللجوء للعنف والقوة في معظم الاحيان يزيد المشاكل تعقيداً ولا يساعد في حلها، وقد يؤدي إلى نتائج عكسية، فقد يؤدي بالطرف الذي هوجم، إلى الإنغلاق على نفسه والتحالف مع أي  جهات أخرى كانت، من أجل التغلب علي خصمه، حتى ولوكان مختلفاً معها في كثير من الجوانب، هذا قد يؤدي لأن يحتوي الحليف الجديد، حليفه الذي أستنصر به ويبتلعه، لتجد نفسك أمام عدوأكبر وأشد خطراً مما كنت تتوقع، لذا يجب إستخدام العقل والحكمة، وتفهم وجهة نظر الطرف الاخر، وإيجاد نقاط مشتركة يمكن التفاهم عليها، وتغليب نقاط التصالح والمصالح المشتركة على نقاط الخلاف والتصادم.

بعد مرور أكثر من سنة من القتال، وعجز أي من الطرفين المتحاربين في بنغازي على حسم المعرة لصالحه، أرى بأن يتم السعي لإعلان هدنة بين الطرفين المتحاربين، والدعوة للجلوس إلى مائدة الحوار، والبحث عن أرضية مشتركة يُتفق عليها، وفتح باب للحديث المباشر بينهما، بدل التقافز بين الصخيرات وجينيف وبرلين والجزائر، بين أطراف لا أراها فاعلة، والسعي لإعلان حكومة، لا أظنها  ستختلف كثيراً عن الحكومات التي سبقتها،  فالقتال الدائِر في بنغازي لم يتوقف قط، منذ بدايتة في ربيع 2014، وإلى اليوم، ولم يتم مناقشته بخصوصية وإهتمام في أي من جولات الحوار السابقة، ولا أظن بأن أي من الاطراف المتفاوضة اليوم قادرة على إيقافه، فلا الفريق ركن خليفة حفتر ومن معه  يستمعون لمجلس النواب وحكومته، ولا مجلس ثوار بنغازي يستمع للمؤتمرالوطني  وحكومته.

ما دام المال والسلاح والمقاتلون يتدفقون على بنغازي لدعم طرفي القتال فيها، فلن يكون هناك حسم ولن يكون هناك أنتصار لأي منهما علي الاخر، ولن يكون هناك سوى الموت والخراب والدمار.

كما أن ما يزيد الأمور سوء هوغياب صوت الشارع، المخنوق والخائف من الموت العشوائي، واللاهث وراء حاجياته اليومية، ذلك وسط الإرتفاع المستمر للأسعار وتدني مستوى  الخدمات، وتعطل عجلة الحياة وشللها، في العديد من مناطق المدينة، إن لم يكن في المدينة  بأكملها.

يجب على أهل بنغازي، وهم لاتنقصهم الجرأة ولا الشجاعة، أن  يرفعوا أصواتهم بالتظاهر السلمي ليسمعه المتقاتلون، والذين من الواضح بأنهم إلى الان، لا يستمعون إلا لصوت العناد والتعنت والتشبث بالرأي، ولصوت الرصاص والقذائف التي يطلقونها على بعضهم البعض وعلى سكان المدينة المغلوبين على أمرهم.

آهل بنغازي الذين تبعثرت كرامتهم، ولم يبزغ عليهم فجر، منذ بداء هذا القتال الجنوني،  فليخرجوا وليرفعوا أصواتهم مطالبين  بوقف القتال، وأن يطالبوا  بالسلام لمدينتهم، فهذا هو  الصوت الاجدر بأن يرتفع، لا رايات الاستسلام، ولا الرايات الخضراء ولا السوداء ولا غيرها، وليطالبوا المتقاتلين بالتوقف، قبل أن تُدمر مدنتهم بالكامل فوق رؤوسهم، لأنه حين ذاك، سيصبح الوقت متأخراً  لفعل أي شيء، ولربما  سيضطر من بقى منهم أحياء إلى ركوب قوارب الموت، بحثاً عن ركن آمن لهم ولعائلاتهم، هذا الذي أصبح يفعله البعض منهم اليوم،  ولعلكم تشاهدون، ما يحدث لأشقائنا من السوريين، وأخشى أنا أصبحنا لسنا ببعيدين عنهم.

إن الحوار المباشر بين الاطراف ذات العلاقة في الصراع الدائر في بنغازي، هوالخيار الانجع لحل هذه الازمة، والذين أعتقد بأنهم  تجمعهم أرضية مشتركة، هي في أقلها دينهم الواحد،  ووحدة الوطن وسلامة أراضيه، وحرمة أرواح أهل مدينتهم وممتلكاتهم، هذه الاشياء التي لا  أعتقد بأنه يختلف عليها أثنان.

لو حدث ذلك فسنحفظ الكثير من الارواح  التي نفقدها كل يوم، وسنوفر الكثير من الوقت والجهد من أجل إعادة إعمار بنغازي، والتى آلت الكثير من مناطقها إلى دمار لن يكون من السهل علينا  إصلاحه مستقبلاً… وإلا… فعلى بنغازي وأهلها  الســلام.



جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا