خطاب مفتوح إلى فخامة رئيس المجلس الرئاسي: نظرة لرعاياك يا مولانا - عين ليبيا

من إعداد: عبد الرحمن الشاطر

تجشمت مشقة رحلة الى عاصمة الامارات العربية المتحدة ( أبوطبي ) يوم الاربعاء الماضي 27-02-2019 وتناقلت وسائل الاعلام المختلفة عقدكم اجتماعا مهما توصلتم خلاله الى اتفاق مع السيد خليفة حفتر على ترتيبات لوضع نهاية للمراحل الانتقالية.

غرّدت بعثة الأمم المتحدة بمباركة هذا التفاهم وصرح أمين عام الأمم المتحدة بالترحيب وأعلنت دول كبرى تأييدها لتلك التفاهمات.

لم يخرج أحدا منكم لا حضرتك ولا حضرة السيد حفتر ولا حضرة السيد سلامة ليعطينا تفاصيل ما حدث وكيف حدث وما هي مكوناته وبنوده وما هي آليات تنفيذه.

أبقيتم جميعكم ( القطوص في الغرارة ) لا عرفناه أبيض اللون أو أسوده ولا هو بين البينين.

اجتاجت الساحة الليبية موجة عارمة من الشكوك حول ما تم التفاهم عليه بينكما:

  • هل هو تقاسم للسلطة بينكما؟
  • هل هو حل لأزمة معقدة استمرت لسنوات؟

اذا كان الأمر الأول فمن حقكما تأسيس شركة تجارية يكون مقرها أبوظبي وبرأسمال اماراتي صرف. فانتما مواطنين لكما الحق في تأسيس شركات أينما كان وأينما تتوفر شروط التهرب من الضرائب.

أما اذا كان الأمر الثاني فأنتما غير مخولين للانفراد بحل المُعقد دون الرجوع الى قواعدكما للتشاور معها. فأنتما تتحدثان عن دولة والدولة بها سكان بالملايين يسمون بالمواطنين وهم الجمعية العمومية التي ينبغي أن يؤخذ رأيها في أمور تعنيهم ولا تعنيكما أنتما فقط.

اذا كان السيد حفتر يستند الى قوة المدفع والبندقية والمساندة المعلنة من دول سماها تقرير لجنة الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي وأنه ليس في حاجة الى التشاور مع مجلس النواب الذي كلفه بمنصبه.

فأنت يا فخامة الرئيس مدني مكلف بموجب اتفاق سياسي موقع من سلطتين تشريعيتين متنازعتين توصلتا الى تفاهم بتعيينك موظفا بمنصب رئيس مجلس رئاسي ورئيسا للحكومة وهذا لا يجيز لك الانفراد باتخاذ قرارات مصيرية دون الرجوع لرؤسائك مهما كانت النوايا حسنة.

التأييد الدولي الذي يحظى به منصبك سيكون لك منه على أقصى تقدير فرصة حق الاقامة أو اللجوء السياسي في دولة من دوله لا أكثر ولا أقل عندما يشتد التأزم ويتفجر الاحتقان. لأن المجتمع الدولي لا يستطيع أن يفرض على شعب أينما كان رأيه ولو بالقوة.

أما عن غسان سلامة المبعوث الأممي الذي كلف بحل الأزمة الليبية ، فقد ثبت أنه كلما اقتربت الأزمة الليبية من الانفراج والحل .. يظهر علينا بتخريجة تزيد الأمور تعقيدا.

قدم له المتحاورين عن مجلسي النواب والدولة سيناريوهات لتعديل الاتفاق السياسي في جزئية منه تتعلق بالسلطة التنفيذية وذلك بتقليص الرئاسي الى ثلاثة وفصل الحكومة عنه وسيناريوهات اختيار ألأعضاء الثلاثة ورئيس الحكومة.

لم يأخذ بها .. وقدم مقترحا نسف به ما تم الاتفاق عليه بين الجسمين المالكين للاتفاق السياسي وقدم مقترحا من عندياته أو من عنديات غيره نسف به ما تم الاتفاق عليه في تونس وأغلق قاعة اللقاءات بين الطرفين . وضع المفتاح في جيبه وظلت القاعة مغلقة حتى يومنا هذا.

بعدها قال بأنه يخطط لمؤتمر جامع .. وما أدراك ما المؤتمر الجامع؟

قدمنا له تصورات معقولة ومقبولة مستشرفة مطالب الشعب الليبي في دولة مدنية مبنية على أسس ديمقراطية سليمة وتداول سلمي على السلطة ناقشناها معه ومع مكتبه السياسي.

  • رحب وأثني وشكر.

عقد 77 ملتقى تشاوري لسبر اتجاهات الليبيين.واجتمع شخصيا بشرائح واسعة من أطياف المجتمع الليبي ولم يقص أحدا.

  • رحبنا وأثنينا وشكرنا..

قال في اجتماع بالمجلس الأعلى للدولة وكنت حاضرا بأنه لن يسعى ولا تسمح له ثقافته وشرف المهمة التي يقوم بها لتمكين عسكرة الدولة الليبية وأن الحل لن يكون عسكريا على الاطلاق.

  • أثلج صدورنا وقلنا نعم الوسيط المدرك والمتشبت بمدنية الدولة.

قال أن مخرجات الملتقى الجامع ستكون تعبيرا صادقا عن ارادة الليبيين فهم أصحاب القضية وهم أصحاب الحل والربط والقرار.. ولن يكون الملتقى الا تعبيرا عن ارادة الليبيين ولن يفرض عليهم الحل فرضا.

  • قلنا ما أروعه من كلام متزن ورزين .

قال لن أعلن عن عقد المؤتمر الجامع الا بعد نضوجه.

  • قلنا عين الحكمة .. الرجل لا يريد أن يتحمل وزر الاخفاق في مهمة صعبة تتعلق بشعب يطمح للحرية وبناء دولة عصرية. الرجل يحترم ثقافته الواسعة ولا يريد أن يلطخ تاريخه.

أنضج الطبخة دون أن يمكننا من تذوق طعمها. فذهب لدولة موغلة في التدخل في الشأن الليبي بالمال والاعلام والسلاح وليست محايدة على الاطلاق. واستدعي موظفين أحدهما يتبع مجلس النواب والآخر لدى مجلسي النواب والدولة المالكين للاتفاق السياسي. حجته في ذلك كما فهم سياسيون التقوا به مؤخرا بأنه جمع معرقلين اثنين رئيسيين و مهمين للتفاهم بينهما وأنه لا يدري تفاصيل ما دار بينهما في اجتماع لم يحضر منه الا نصف ساعة  من زمن دام ساعتين(!!) وأن ما تم التفاهم بينهما هو ما سيقرره الملتقى الجامع وعلى الليبيين أن يحكموا العقل ويحسنوا الاختيار بقبول  ذلك!!!

وفي لمح البصر خرج علينا بتغريدة يقول فيها لقد نضجت الطبخة فتفضلوا على بركة الله ابلعوها دون أن تغصوا بها. وفي تغريدة تالية لها طلب منا أن نحكم العقل ونحسن الاختيار ونقبل صاغرين دون مناقشة.

ألم يكن الأجدر به أن ينصح نفسه ويحكم عقله ويلتزم بما كان يتعهد به أمامنا وأمام الرأي العام بتغريداته ليلبسنا عنوة دون أن يحترم عقولنا أو مبادئ الديمقراطية السليمة التي يتحدث عنها ويؤمن بها وزر تفاهم غيّب مالكي الوطن وأصحابه وأغضب جموع الشعب ولن يقبلوه حتى لو مرره بقرار من مجلس الأمن. وسوف يؤدي الى تقسيم ليبيا ان لم يجرها الى حرب أهلية.

بأي عقل ومنطق يتصرف هذا الرجل في مصير أمة ويغيب ارادتها ويختزلها في أشخاص معدودين؟

الآن وضح لنا المستور وانكشفت عورة مجلس الأمن الدولي بدأها برناندينو ليون وواصل استخفافه بنا كوبلر وحنضل الختام غسان سلامة.

ما علينا..

الآن المطلوب منك يا فخامة رئيس المجلس الرئاسي أن توضح لرعاياك وهذا حقهم عليك:

  • هل ذهبت وتفاهمت في أبوظبي بصفتك مواطن تسعى لايجاد حل لمشكلة يعاني منها اخوتك المواطنين؟ ذلك اجتهاد تشكر عليه حتى وان شابه خلل.
  • أم أنك ذهبت تمثل منصبك؟ فهل استشرت بقية زملائك من الأعضاء وأخذت رأي الحكومة ثم طلبت جلسة مع مجلس الدولة فأطلعتهم عما تنوي التفاهم عليه وما هو الحد الأدنى والأقصى لهامش مفاوضاتك؟
  • وان لم تفعل ذلك مسبقا وكان الأمر على عجالة فهل بعد عودتك أطلعت زملائك عن تفاصيل ما حدث وهل حضرت للمجلس الأعلى للدولة لتقديم احاطة شاملة؟
  • وان لم تفعل وهذا ما حصل واستعضت عنه بترتيب اجتماع بعمداء بلديات المنطقة الغربية و لم تقدم كلمتك جديدا وانما كلام مرسل مضغناه لعدة سنوات ولم نصل الى اعلان تفاصيل الحلول المتوخاة التي اتفق عليها أغلبية أفراد الشعب. ولذلك أدعوك بالحاح أن تظهر على الشعب في لقاء مصور تقول لهم تفاصيل ما يمس حياتهم ومستقبلهم ومستقبل هذه الدولة التي أنت موظف فيها ولست قيّما عليها.

فخامة الرئيس نريد أن نعرف الحقيقة كاملة وبكل تفاصيلها ولمن شاء الحق في مساندتك ولمن شاء الاعتراض وهو حق له . فكلنا مواطنون وكلنا نحب وطننا والغموض في هذه الحالات بحجة الحرص على سلامة الدولة لا يفيد. والوقوف على مسافة واحدة مع من يتدخل في الشأن الليبي كلام مرفوض لأنه موقف ضعيف لا ينتج أويتبنى مشروع الدولة وانما يتلقى الأنسب له مما يقدمه غيره من الدول كما لو أننا نفاضل بين أحسن تارزي في العالم ليفصل لنا ثوبا نرتديه.

سكوتك وغياب ظهورك العلني لمصارحة الأمة خطأ أتمنى أن لا ترتكبه لأن الاحتقان يتكاثف . ولا أتمنى أن أراك في موقف صعب يستحيل علاجه.

رجاء يا فخامة الرئيس لا نريد بنغزة طرابلس عاصمة كل الليبيين. ولا نريد تقسيم ليبيا أو اضمحلالها.

عندما نموت لا نحمل معنا الا التاريخ..



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا