د. طه أحمد طلعت.. ليتني فعلت أكثر - عين ليبيا
من إعداد: د. غسان شحرور
مهما تحدثت عن بعض الأشخاص خلال حياتهم عرفاناً واحتراماً، ومهما عبرت لهم عن مشاعر الشكر والتقدير، يأتي يوم رحيلهم فأقول ليتني فعلت ذلك أكثر وأكثر.
إنه الإنسان الدكتور “طه أحمد طلعت”، صاحب مسيرة العطاء الإنساني والاجتماعي والعلمي، من الرواد الكبار الذين نهتدي بهم، ونتحدث عنهم، فهذا حق من حقوقهم، وواجب من واجباتنا، لايسعنا معه إلا الوفاء لهم في عالم تسوده الأنانية وقيم الترف والاستهلاك، لا أستطيع في هذه العجالة، إلا أن أذكر بعض محطات حياته في سطور، لأنها وبكل بساطة خير من يتحدث عنه:
نعم، من صفاته التواضع الكبير شأن معظم أهل السودان، ففي بداية أحد المؤتمرات العربية التي شاركت في تنظيمها والتقيته فيها، ظننت انه لم يتمكن من الحضور، وتبين لي لاحقاً أنه يفضل الجلوس بين الشباب المشاركين من جمعيات الصم القادمين من ولايات السودان المختلفة، فهو يحرص على مشاركتهم في الحوارات وعرض تجاربهم، وكان خلال جلسات المؤتمر، كثيرا ما يتحدث عن مشاريع جمعيات السودان الأهلية، التي تبدأ ولا تنتهي.
لقد تأثرت كثيراً عندما حدثني عن التهاب الكبد الذي أصابه منذ الصغر، وتجربته المريرة معه، الأمر الذي اضطره الى اجراء عملية كبيرة لزرعة الكبد، لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة البذل والعطاء بعد ذلك لعشرات السنين دون كلل أو ملل.
لقد رحل عن عالمنا في يوم السبت الموافق الاول من كانون أول/ ديسمبر 2018 ، بعد مسيرة طويلة من الإنجازات، وسيرة تعيش في قلوب من عرفوه وعملوا معه.
لقد فقدت الجمعية القومية السودانية لرعاية الصم مؤسسها ورئيسها، وفقد الإنسان العربي، والاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، ومنظمات الأشخاص الصم، والمنظمات الطبية والإنسانية والحقوقية رائداً من كبار الرواد والآباء المؤسسين.
حقاً، لقد فقدنا طبيباً وصديقاً كبيراً، لقد فقدنا مثالا يقتدى به كإنسان ومواطن، نعتز به ونفتخر، نتحدث عنه، ونعلو به، وندعو له، مثالا نكتب عنه لأجيال المستقبل، فأعماله في كل مكان، محبته في كل القلوب، ريادته في كل العقول.
إن غاب فضلٌ يوما لصاحبه ففضله في العقول لم يغبِ
نعم في يوم رحيله لابد أن أقول: “ليتني فعلت أكثر”.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا