راشد الغنوشي يصدّر استراتيجية الفشل الى ليبيا - عين ليبيا

من إعداد: د. عثمان زوبي

أنا من أنصار التيار الإسلامي في الحياة العامة بما فيها الممارسة السياسية ونظام الحكم وأقصد به تشريعات القوانين، وأقصد بالتيار الإسلامي ذلك التيار الذي يقوم على أسس الدين، والعلم، والتطور الحضاري بكل معانيه والذي يستند الى أمر القرآن حتى يكون الانسان خليفة في الأرض تحقيقا للوعد الصادق بسيطرة الانسان على الأرض وحيثما قادته عبقريته في عوالم الكون عمرانا ، وبنيانا ، وتنعما. حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ؛ وظن أهلها أنهم قادرون عليها أناها أمر الله بنهاية الدنيا ليفوز من فاز، ويخسر من خسر.
ولا أقصد بالتيار الاسلامي ذلك الذي ترك القرآن ، وانشغل بالعنعنان ( عن، عن، عن) ، وماضي الزمان الذي اجتهد الصادقون المستنيرون فيه بما تيسّر لهم في حينه من معرفة ففسروا الأمور بما خدمهم ؛ ولكنه لم يعد ينفع لهذا الزمان. والذي بسبب العنعنان انقسم الجهلة والذين في قلوبهم مرض من المسلمين الى 73 فرقة يتجادلون ويتقاتلون ويتآمرون على بعضهم لصالح عدو الدين ليس حول القرآن ولكن حول تخريجات فلان وفلان وفلان. فضلّوا وأضلّوا.
غير أن تجربة الاخوان المسلمين الفاشلة في مصر والتي جعلت سفهاء الكفر والالحاد هناك يفتكون سدة الحكم من بين ايديهم ، ويجعلونهم مثارا للسخرية والتندر ، ويلقون بهم في السجون ويمزقونهم شرّ ممزق حالة تدمي قلب كل محب لحقّ الله. لماذا ؟ لأن الاخوان آمنوا ( بمنهج السلمية المطلقة في الممارسة السياسية ، وكفرو بالعنف كفرا مطلقا ) وهو ما يتعارض وواقع التدافع البشري والصراع الانساني من أجل التأثير الإيجابي في الحياة. كل مسلم وكل انسان عاقل ضد العنف المعتدي بغيا ووحشية ؛ ولكن ليس معناه أن تعطي خدّك الأيسر لمن لطمك على خدّك الأيمن. هذا لايرضاه القرآن.
وفي تونس وقع الاخوان المسلمون من حزب النهضة ( بالتدريج الممنهج الذي رسمه لهم أعداؤهم ) في فخ التراجع عن التدافع المشروع ، ورضوا بالمهادنة الخانعة لمن يكرهون الاسلام لا لشيء إلاّ لأنه اسلام. وهكذا رجع من لا يحفظ سورة الفاتحة ليكون رئيسا للجمهورية ؛ ومن يعتبر زواج المرأة المسلمة التونسية من الكافر حضارة ليكون رئيسا للوزراء ، وليحمي الدستور التونسي الجديد الشذوذ والفسوق. كل هذا ، اعتقادا سيء التقدير من قبل قادة النهضة بأن أفضل الاستراتيجيات السياسية هي أن تنام مع قاتلك طول الليل في غرفة واحدة ؛ على رجاء منك بأنه سيعتذر لك في الصباح. !!!!! انها استراتيجية لا تخل من السذاجة ، والعبط ، والطمع الذي يؤدى الى الهلاك.
ولقد تابعت ماقاله أول رئيس تونسي بعد ثورة 14 جانفي المظفرة العلماني د. المنصف المرزوقي الذي تحالفت معه النهضة ؛ والذي أخرجته وأخرجت النهضة معه من سدة الحكم شياطين الكفر والالحاد من قوى تحالف بورقيبة وبن على . ولقد بيّن المرزوقي أن الفرصة كانت مواتية عدة مرات لأن يسدّ تحالفه مع النهضة باب عودة زبانية النظام القديم الملحد للحكم. غير أن تلكؤ قادة النهضة عن التمييز بين المبدأ وفن التعامل ، وبين المبادرة ورد الفعل ، وبين شعرة معاوية والسهم القاتل ، وبين الصبر و الطمع في أن الدّبور سيفرز عسلا قاد الثورة التونسية الى تفريغها من محتواها الاسلامي والى تخليصها من وهجها الاسلامي المستنير.
واليوم يأتي السيد راشد الغنوشي ليسوّق لمنهجه الاستراتيجي القائم على التمسح باذيال الخصم ومحاولة ارضائه واشباع غروره ( والفاشل في تونس حتى الآن ) الآن ليبيعه الى الليبيين في مؤتمر داكار بالسنغال بدعوى ( الجهود من أجل المصالحة الوطنية في ليبيا ). فماذا يريد السيد الغنوشي ومن يناصره من تجار السياسة الليبيين من مؤتمر داكار ؟؟. يريدون ارجاع زمرة الفاسدين والسراق والقوادة من عبيد نظام القذافي لينالوا نصيبهم من جديد في هتك أعراض الليبيين وسرقة اموال الليبيين ( كفئة وكتلة وليس كمواطنين أفراد !!!!). سبحان الله !!!. كيف يحدث هذا. وقد سارة الدماء انهارا ، استشهد من استشهد ، وتيتّم من تيتّم ، وترمّل من ترمّل ؟؟!!.
هؤلاء الذين يسميهم راشد الغنوشي ومن حاوره بأنصار نظام القذافي هي تسمية غير صحيحة ، وساذجة ، وضحك على الذقون. هؤلاء لم يكونوا أنصارا لنظام القذافي لأن معمر القذافي كان أكثر ذكاء ، وحنكة ، ودهاء من أن يحتاج لمثل هؤلاء الأنذال الفسدة القوادين والمجرمين ليدعم حكمه. هو عرف طمعهم ، وحقدهم ، وشرّهم ، ونجاستهم ، وسفالتهم ، ونذالة أصلهم فاستمتع بهم في مسرحية عمرها 40 عاما وهو يشاهدهم يرقصون أمامه كالقرود ، ويطرحون نساءهم امامه ليمتطيها وعيونهم ترمق فحولته ، واستلذّ بما يعبدونه به من عبارات التأليه والتمجيد.
لو قلت ياسيد الغنوشي انت ومن حاورك أنه من حق كل الليبيين فوق الأرض الليبية التمتع بحقوق المواطنة للعيش والمشاركة السياسية كافراد …. لكان ذلك أسلم. نعم ؛ كل شعب في العالم فيه الشريف والحقير ، والعفيف والسخيف ، والديوث والغيور ، والمؤمن والكافر. لكن لم أسمع إلاّ منك ياغنوشي أنه على شعب صنع ثورة بالدماء أن ينحني أمام أنذاله ، وسفهائه ، ومجرميه كمجموعة ويضعهم فوق رأسه ويقدم لهم الحكم من جديد ليحكموه. ولا حول ولا قوة الاّ بالله.
التراث الشعبي الليبي والتونسي واحد . ولذلك لابدّ وأن السيد راشد الغنوشي يعرف المثل الشعبي الخاص ( بالبدرنّة ) وضرورة حذق الصنعة أو تركها. والذي يفيد أنّه من لا يقدر على تحمل حرارة الكوشة فليخرج من المطبخ كما قال الرئيس الامريكي ترومان لمن لامه على إلقاء القنبلة الذرية على اليابان.
ومع أيماني الصادق بحكمة الرئيس الامريكي روزفلت ( والتي حفظها منه الأمريكان عن ظهر قلب ويمارسونها حتى اليوم ) والتي تقول ” تكلم بنعومة ولكن أمسك هراوة ” فإنني أيضا أقول ” الحلال بيّن والحرام بيّن “. أن تكون سياسيا مراوغا وحاذقا ولاعبا جيدا فهو مطلوب ؛ ولكن ليس على حساب المبادئ وبشكل مفضوح كإعلانات الملاهي. والله غالب على أمره ؛ ولكن أكثر الناس لا يعلمون.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا