رد على الشبهات التي يروجها الإعلام الكاذب والأجهزة الاستخباراتية في تشويه التاريخ الإسلامي العثماني - عين ليبيا
من إعداد: د. علي الصلابي
قال تعالى: “يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ أَن تُصِيبُواْ قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”.
خرجت علينا الأبواق الإعلامية المأجورة وبعض المنتسبين لأهل العلم ممن تبنوا أساليب الطعن والتشويه ونشر الادعاءات الكاذبة حول تاريخ الدولة الإسلامية العثمانية وسلاطينها العظام، وروجوا لتلك الادعاءات بطريقة لا موضوعية ومليئة بالاتهامات والافتراء، وادعوا بأن مرحلة حكم الدولة العثمانية للبلاد العربية كانت مرحلة مظلمة تسوها المظالم والبطش والتنكيل والطغيان، وعملهم هذا وظف خدمةً للثورات المضادة وأعداء الإنسانية والحرية والسلام والأجهزة الاستخباراتية التي تحارب إرادة الشعوب، وهو الشيء نفسه رأيناه في مسلسل “ممالك النار”، ومن تلك الشبهات والافتراءات المنتشرة:
وحرصاً مني على تبيان الحقيقية التاريخية والمحافظة على تاريخ الأمة الإسلامية العظيمة وحضارتها ودور العثمانيين فيها ولحرصي على هداية هؤلاء الناس، ومحاولة إخراجهم مما هم فيه خدمة لمشاريع سياسية تهدم المجتمعات وتسيء لماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، لذلك عدت إلى المصادر التاريخية من منابعها، وأردت التحقق من كل ما ورد من تشويه بعيداً عن الافتراء والكذب واستغباء الآخرين، وذلك لله ثم للتاريخ ولأبناء الأمة.
التشويه الأول: ما قيل حول دخول سليم الأول إلى القاهرة وقتله آلاف المصريين الأبرياء!
ادعوا كذباً بأن السلطان العثماني سليم الأول عندما دخل إلى القاهرة قتل عشرين ألف مواطن مصريٍ بريءٍ، وأحرق البلاد، وبأن السلطان أرسل العلماء والحرفيين إلى إستانبول، وعاشت البلاد المصرية سنوات من الظلم والجوع والفقر والحرمان. فهل هذا الادعاء صحيح!؟
وأضاف في الثناء على العثمانيين، قائلاً: “وكان العثمانيون في صدر دولتهم من خير من تقلد أمور الأمة بعد الخلفاء المهديين، وأشد من ذب عن الدين، وأعظم من جاهد المشركين، فلذلك اتسعت ممالكهم بما فتح الله على أيديهم، وأيدي نوابهم، وملكوا أحسن المعمور من الأرض، ودانت لهم الممالك في الطول والعرض، هذا مع عدم إغفالهم الأمور، وحفظ النواحي والثغور، وإقامة الشعائر الإسلامية والسنن المحمدية، وتعظيم العلماء وأهل الدين، وخدمة الحرمين الشريفين، والتمسك في الأحكام والوقائع بالقوانين والشرائع، فتحصنت دولتهم، وطالت مدتهم، وهابتهم الملوك، وانقاد لهم المالك والمملوك”[2].
التشويه الثاني: ما قيل عن دخول العثمانيين إلى بغداد وقتلهم لعشرين ألف عراقي بريءٍ ونهب خزائن العراق وإرسالها إلى إستانبول!
ادعى المشوهون بأن السلطان العثماني سليمان القانوني عندما دخل إلى بغداد، وطرد الصفويين منها، قام بقتل أكثر من عشرين ألف عراقي وقام بنهب ثروات بلاد الرافدين وإرسالها إلى عاصمة بلاده، فما صحة هذا القول!؟
في الحقيقة، وإن كانت هذه الأبواق قد وجدت ضالتها في تاريخ ابن اياس فاستشهدوا به في الادعاء الأول، فإن الادعاء الثاني يفتقر إلى الدليل أو المصدر التاريخي، وذلك لأنه في حقيقة الأمر لم يجدوا مصدراً يدعم قولهم والأباطيل التي ساقوها، فليس هناك مصدر تاريخي يذكر هذه الرواية التي تم اختلاقها. وسنلقي الضوء على بعض المرويات في المراجع التاريخية لنرى ماذا فعل السلطان سليمان بعد دخوله بغداد:
ومما سبق ذكره نجد بأنه لم تحدث مثل هذه المجزرة إطلاقاً، حيث أن بغداد قد سُلمت تسليماً للسلطان العثماني بعد أن فرت حاميتها الصفوية، وعليه فلم يحدث اشتباك أو معركة، وفتحت بغداد بدون إراقة دماء، وحتى بعد دخول السلطان سليمان إلى بغداد لم يصطدم مع أهاليها حتى الشيعة منهم، بل سعى إلى الإصلاح وإلى كسب ود الأهالي وانتهج سياسة عادلة بين الطوائف عززت السلم الداخلي في البلاد، على عكس السياسة الطائفية الدموية التي اتبعتها الدولة الصفوية.
التشويه الثالث: ما قيل عن قيام القائد العثماني فخري باشا بقتل وتهجير أهل المدينة المنورة، وقام بنقل الحجر الأسود وميزاب الكعبة إلى إستنابول!
وهذا يثبت أن فخري باشا لم يذهب إلى مكة أصلاً، لأنه سرعان ما سقطت مكة والمناطق المحيطة بها بيد قوات الشريف حسين (المتعاون مع الإنكليز)، فهو ضرب الحصار على المدينة إلا أن حاميتها بقيت صامدة بقيادة فخري باشا لمدة عامين وسبعة أشهر، بفضل الإجراءات العسكرية الناجحة التي اتخذها فخري باشا.
فكيف لفخري باشا أن يجلب التركمان إلى المدينة المنورة بدلاً من العرب الذين هجرهم!؟ وما مصلحته في ذلك، وخصوصاً وأن المدينة على وشك السقوط، وقد سلمت بالفعل في نهاية الأمر باتفاق بين فخري باشا وبين المحاصِرين من قوات الشريف حسين!؟
التشويه الرابع: الادعاء بأن مجزرة قبيلة الجوازي الليبية ارتكبت تحت عين الدولة العثمانية
وفي هذا الصدد يمكن القول، بأن المجزرة قد حدثت بسبب ظروف سياسية مرتبطة بصراع القرمانليين على الحكم والإقطاعات بين يوسف باشا وأبنائه في طرابلس التي تحولت إلى دولة مستقلة، أضف لذلك، بأن الأسرة القرمانلية لم تكن خاضعة للدولة العثمانية في تلك الفترة إلا إسمياً. فالدولة القرمانلية كانت منفصلة عن العثمانيين تماماً في سياساتها الداخلية والخارجية؛ فكيف يتم نسب هذه الحادثة للدولة العثمانية، والحكم القرمانلي يومها عمره قرابة المائة عام، منذ أن خلع أحمد القرمانلي آخر الباشوات العثمانيين (في عهدهم الأول) وذلك عام 1711![8]؟
حيث ذكر محمود ناجي في كتابه (تاريخ طرابلس الغرب) عن الحالة في ليبيا تلك الفترة، قائلاً: “إن طرابلس في عهد هذه الأسرة الحاكمة التي تأسست بأحمد بك أخذت شكل بلاد مستقلة أكثر منها إيالة وجعل القرمانليون نفوذ الدولة العثمانية التي تعد متبوعهم كأن لم يكن، وبذلك أصبحوا دون استئذان يحاربون الدول الأوروبية ويعقدون معها المصالحات والمعاهدات، واتخذوا لأنفسهم بين الأهالي وبدون حياء لقب أمير المؤمنين السامي…”[9].
وذكر نيكولاي بروشين بأن أحمد القرمانلي بعد أنه اكتسب شرعية أمام الليبيين بالحصول على ألقاب بيلرباي وباشا من السلطان العثماني عام 1722، انتقل إلى خطوة تالية وهي تحقيق الانفصال عن الباب العالي وترسيخ سلطته المطلقة على الولاية وانتهى في واقع الحال إلى تأسيس دولة إقطاعية مستقلة لا تعترف إلا شكلياً بالسلطة العليا للسلطان التركي، وقسم البلاد إلى مناطق عين على كل واحدة منها قائداً من الموالين له[10]. ويعزز ذلك أن أحمد القرمانلي مؤسس هذه الدولة، عندما وصل للحكم أقام مجزرة شبيهة لمجزرة الجوازي بقادة الإنكشارية وكبار جندهم، وجعل من قبيلة المحاميد العربية سلاحه وشوكته. وحافظ المحاميد على ولائهم للأسرة القرمانلية، وكانت من رسائل غومة المحمودي للباب العالي، عندما رفع عصا الطاعة في ثورته على العثمانيين في عهدهم الثاني، هو تسليم الحكم لحفيد القرمانلي، حيث بجَّل حكمهم، وعظَّم عهدهم، وكانت من وصية أحمد باشا القرمانلي لابنه محمد الذي استخلفه على الحكم أن يحفظ وده وعهده للمحاميد الذين ساعدوه في حكم طرابلس. ثم كيف حاربت سفن طرابلس لوحدها الحملات الأميركية إذا كانت تُحكم من الباب العالي؟ ولماذا أرسلت أوروبا أساطيلها البريطانية والفرنسية إلى يوسف القرمانلي وتهديدها له عندما ضاقت ذرعا بمهاجمته لسفنها، بدلاً من أن تراسل وتهدد السلطان في الأستانة؟
وما يؤكد ذلك، أنه في عام 1793م، وبينما كان الصراع دائراً بين علي باشا القرمانلي وأخيه يوسف باشا نزل أسطول علي بن آدم الجزائرلي مدعوماً من السلطان العثماني لاستعادة سلطة الدولة العثمانية في طرابلس، وكان الأسطول يحمل الأعلام التركية ومعه فرمان سلطاني وتسع سفن سلطانية، واستولى على العاصمة طرابلس، وزار الجزائرلي إستانبول وحصل على دعم السلطان العثماني سليم الثالث، وكان السلطان راغباً بتصفية الاستقلالية الكبرى لطرابلس الغرب وإلغاء وراثية الأسرة القرمانلية، ورغم ضعف السلطنة آنذاك جعلها مستعدة لتأييد أي مغامر يخدم السلطنة بحق وصدق. ولكن لكثرة استبداد الجزائرلي دعم الباب العالي عودة القرمانليين لحكم طرابلس بدعم من حمودة باي والي العثمانيين في تونس عام 1795م[11]، وتم تعيين أحمد القرمانلي باشا على طرابلس ونائبه يوسف باشا[12].
وما يدلنا على استقلالية القرمانليين عن الباب العالي والتبعية الاسمية لا أكثر، أنه في عهد يوسف باشا أراد السلطان العثماني محمود الثاني إعادة تنظيم الجيش العثماني وإيجاد قوات رديفة بجانب الإنكشارية، ولكن إنكشارية طرابلس رفضت الانصياع للنظام الجديد ووقفت بكل قواتها ضد الباب العالي. وعلى الرغم من أوامر محمود الثاني الصارمة إلى يوسف باشا بتطبيق النظام الجديد في الجيش بهدف التخلص من سلطة الإنكشارية، لكن بقيت دون تطبيق، واستعان يوسف باشا بفرق نظامية خاصة اسمها “الشاويشية” لحفظ دولته[13].
وتفيد بعض الروايات التاريخية أن الذي شجَّع قبيلة الجوازي للتسلط على بقية القبائل حتى قبائل خليج سرت وغزوهم ونهبهم هو تحالفهم مع أحمد القرمانلي، أخ يوسف القرمانلي، الذي عينه يوسف القرمانلي والياً على درنة عام 1809، رغم ما بدر منه قبل ذلك، عبر وساطات بريطانية. فقد دعم أحمد قبائل الجوازي الذين كانت تربطه بهم علاقات نسب. وهذا المبرر المنطقي الذي دفعه للهرب إلى مصر بعد أن وصل جيش ابن أخيه محمد باي، كما هربت قبائل الجوازي إلى غرب مصر أيضا.
لاحقاً، بعد عودة محمد باي القرمانلي مَزهواً بإنهاء خروج القبيلة عن سلطة القرمانليين في المنطقة الشرقية، اغترّ بنفسه للدرجة التي تمادى فيها وحاول طعن والده في إحدى لحظات غضبه، مما دفع والده إلى إبعاده للمنطقة الشرقية. ويبدو أن والده كان يحبه جداً حتى يجعله حاكماً على المنطقة الشرقية، بدل معاقبته على تعرضه له بخنجر مما أدى لقتل خادمة للباشا رمت نفسها أمام الخنجر دفاعاً عنه.
وبين عامي 1815 – 1816م 1816، وصل محمد الباي لبرقة والياً لأبيه ولكنه أقام تمرداً بين على سلطة والده من خلال قبائل الجوازي نفسها. وحينها قرر يوسف القرمانلي وضع حد نهائي لابنه البكر وأرسل له جيشاً بقيادة أصغر أبنائه يومها أحمد القرمانلي، الذي استطاع أن يهزم أخاه الذي فرّ هارباً لمصر، بينما قامت قبيلة الجوازي بمحاولة استرضاء يوسف القرمانلي بإرسال 22 فرداً من أبناء القبيلة ليبقوا رهائن في طرابلس، لتأكيد نيتها هذه المرة بعدم الخروج على حكمه مرة أخرى، لكن القرمانلي ما كان ليثق بهم مرة أخرى، لذلك عمل ابنه أحمد على تقريب مشائخهم لجواره، ليطمئنوا له ويَبقوا قُرب عينيه، خصوصاً وأن الأنباء التي كانت قادمة من مصر تقول عن عزم أخيه الأكبر للعودة إلى برقة بدعم من والي مصر، وربما سوف يسعى في حربه من خلال هذه القبيلة الخارجة على سلطان الدولة القرمانلية، والتي فقدت امتيازاتها السابقة.
وفي اليوم الخامس من سبتمبر، جاء مشائخ قبيلة الجوازي لمدينة بنغازي، إذ حضر 45 شيخاً لقصر الباي، حيث استقبلهم بترحاب كبير وشرب معهم القهوة، قبل أن تفتح الأبواب من الحجرات المجاورة ويخرج منها مماليك الباي وقتلوا البعض منهم، واعتقلوا البقية ليكملوا عليهم الواحد تلو الآخر. ثم هاجم جنود الباي مضارب ونجوع القبيلة التي غادرها الكثير من أبنائها نتيجة وصول أخبار مقتل مشائخهم، وأمَّا الأبناء الرهائن فقد تم قتلهم كلهم.[14]
إذن، فحادثة الجوازي كانت نتيجة صراع على السلطة بين أفراد الأسرة القرمانلية، وإن أية محاولة لإلصاق هذه الحوادث بالدولة العثمانية لا تغدو أن تكون محاولات بائسة، وادعاءات مغرضة لا تستند إلى منطق تاريخي أو حقائق علمية ذكرتها مصادر التاريخ الليبي أو الإسلامي العثماني.
ولا يمكن أن نسيان أو غض الطرف عن مجزرة قبيلة الجوازي التي ارتكبها الحاكم القرمانلي، وهو الذي يتحمل المسؤولية التاريخية، وجزاءه عند الله، لأنها جريمة لا يمكن قبولها أو تبريرها، وتخالف الفطرة الإنسانية السليمة. ولكن طالما أن الوالي العثماني محمد علي باشا هو من استقبل الجوازي في مصر وساندهم في انتفاضتهم ضد الحاكم القرمانلي، وبالتالي: لم ذلك التحريف التاريخي للحقائق؟ ولم لا نقول بأن الباب العالي زمن السلطان محمود الثاني أعطى أوامره لمحمد علي باشا والي مصر بمساعدة الجوازي ضد الحاكم القرمانلي واستقبالهم في مصر؟
ونختم ما ذهبنا إليه بما جاء في كتاب محمود ناجي (تاريخ طرابلس الغرب): “هاي هي ذي الدولة العلية العثمانية في هذا الوقت تعقد العزم على إنهاء صحائف القرمانليين الملوثة بالدماء فتتكرم بحصر نواياها الجميلة في أن يشمل الإيالة عهد من السعادة والاطمئنان وتتفضل بتحقيق ذلك بالقوة 1251” وأضاف: “في سنة 1251ه المباركة أرسلت الدولة العلية أسطولاً متألفاً من اثنتين وعشرين سفينة حربية تحمل ستة آلاف من العساكر النظاميين بقيادة الفريق مصطفى نجيب باشا فاحتلت إيالة طرابلس وامتلكتها من غير حرب…”[15].
التشويه الخامس: الافتراء بالقول بأن الأتراك حاصروا لبنان ومنعوا دخول الماء لها ومات مائتي ألف لبناني جوعاً وذلك عام 1919م:
ويقول الحكيم كذلك: “كانت إساءة القائمين على العمل من مديرين ومتعهدين ومشرفين لواجباتهم من جهة، وجشع المتاجرين بقوت الشعب من جهة أخرى في مقدمة الأسباب التي حالت دون وصول الفقراء إلى حقهم من الخبز الضروري للحياة، فانتشرت المجاعة في لبنان ولجأ العديد من الفقراء إلى بيروت حيث افترشوا الأرض في الطرقات والتحفوا السماء”[17]. وهكذا من خلال هذه الاقتباسات البسيطة والصادرة عن واحد من أبرز مؤرخي التيار القومي العربي -المعروف بنقده للعثمانيين-فإن أسباب المجاعة مرتبطة أساسا بالجوائح وخاصة الجراد، والاحتكار وسوء التسيير وجشع كبار التجار.
خاتمة:
هذا تحقيق أهديه للباحثين عن الحقيقة التاريخية ولأصحاب الضمائر الحية، فلماذا التشويه والتزوير والافتراء على تاريخ دولة تعتبر من الدول الإسلامية العظيمة التي تعاقبت على حكم الأمة، وكان قبلها عهد النبوة والخلافة الراشدة والدولة الأموية ثم العباسية، وتعاقبت خلالها دول السلاجقة والزنكيين والأيوبيين والمماليك، كما لا يُنسى للدولة العثمانية دورها العظيم في نشر الدين الإسلامي في آسيا وأفريقيا وأوروبا، وبأنها حمت السواحل الإسلامية من الحملات الصليبية والصفوية.
وحقاً، لولا الله تعالى ثم الدولة العثمانية لما حافظت ليبيا وتونس والجزائر في شمال أفريقيا على هويتها الإسلامية، ولكانت الأراضي المقدسة في الحجاز مهددة من قبل حملات الصليبيين في الغرب، وبلاد الشام والعراق تحت وطأة حكم الصفويين من الشرق.
وفي نهاية المطاف، يمكننا القول: إن تلك الأكاذيب تبناها منتسبون لأهل علم وإعلاميون وظفتهم الأجهزة الاستخباراتية في سبيل التشويه ونشر الأباطيل، وهو باب خطير يفرق الصف ولا يجمع، ويهدد المجتمعات بالانهيار الكبير، ويرسخ لثقافة المناطقية والجهوية والقبلية التي تستغلها الأطراف الطامعة بخيرات أمتنا، والتي تعمل على استباحة دماء الأبرياء من الليبيين وغير الليبيين وتستنزف خيراتهم، فلا بد أن تكون رسائلنا مأسسة على مخافة الله والدعوة لحقن الدماء، والكف عن تشويه حقائق التاريخ الإسلامي، توظيفاً لأغراض سياسية وغايات شخصية، بل يجب مد يد السلام ودعوة الأطراف المتنازعة للحوار والسلم الأهلي، فإنها المنقذ الوحيد لليبيا والأمة شرقها مع غربها وشمالها مع جنوبها.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
والحمد لله رب العالمين.
مصادر التقرير:
[1] عبد الرحمن الجبرتي، عجائب الآثار في التراجم والأخبار، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة، (2012)، ص 34.
[2] الجبرتي، المرجع السابق، ص 34.
[3] محمد أنيس، الدولة العثمانية والشرق العربي: (1514 – 1914)، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ص 113 -114.
[4] محمد أنيس، الدولة العثمانية والشرق العربي، ص. ص 136 -137.
[5] موقع الموسوعة الإسلامية (İslam Ansiklopedis)، وقف الديانة التركي (türkiye diyanet vakfı)، انظر: https://islamansiklopedisi.org.tr/fahreddin-pasa
[6] الأمير شكيب أرسلان، مدونة أحداث العالم العربي ووقائعه (1800 – 1950) حسب التسلسل الزمني، تحرير يوسف حسين إيبش-توما توفيق عريضة-يوسف قزما خوري، لبنان، ط2، (2011)، ص 81.
[7] يوكسل نظام أوغلو، “جبهة الحجاز عام 1917: انتشار الثورة العربية وخطة تخلية المدينة”، مجلة بيليغ التركية، العدد 66، صيف 2013، ص 130. انظر: http://bilig.yesevi.edu.tr/yonetim/icerik/makaleler/2407-published.pdf
[8] وائل إدريس، “مذبحة قبيلة الجوازي بين الحقيقة والتزوير”، شبكة ميسلون للدراسات والإعلام،24/12/201، انظر: https://cutt.us/us2hF
[9] محمود ناجي، تاريخ طرابلس الغرب، ترجمة عبد السلام أجهم ومصطفى الأسطى، منشورات الجامعة الليبية، كلية الآداب، طرابلس، 1970، ص 159.
[10] نيكولاي بروشين، تاريخ ليبيا من منتصف القرن السادس عشر حتى مطلع القرن العشرين، ترجمة عماد حاتم، ط2 2001، دار الكتب الجديدة المتحدة، بيروت، 108 – 109.
[11] بروشين، المرجع السابق، 145.
[12] بروشين، المرجع نفسه، 150.
[13] بروشين، المرجع نفسه، ص 161.
[14] وائل إدريس، المرجع السابق.
[15]محمود ناجي، تاريخ طرابلس الغرب، ص 170.
[16]يوسف الحكيم، بيروت ولبنان في عهد آل عثمان، دار النهار للنشر، الطبعة الرابعة، 1991، ص249.
[17] يوسف الحكيم، المرجع السابق، ص. ص250-251
[18]حمزة تكين، “لبنان في الوثائق العثمانية… معرض يحكي تاريخ البلاد إبان الحكم العثماني”، جريدة رأي اليوم، بيروت، 16/3/2014.
جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا