ستٌّ بأربعين - عين ليبيا

من إعداد: نوري الرزيقي

منذ ست سنوات والفشل والمعاناة هما العنوان الرئيسي لجميع الحكومات التي تناوبت على حكم البلاد ولا زالت وعلى الوطن والناس أجمعين.. لقد حدث في هذه السنين ما لم يكن متوقعا أبدا حيث أظهر غالبية الذين تصدروا المشهد السياسي والناس على حد سواء من الأعمال ما لم يخطر على بال أحد! إنه أمر يحتار فيه صاحب العقل، يحتار فيه الوطني الغيور، يحتار فيه صاحب الضمير، كيف لا وهو الذي كان يحلم بوطن يسود ويعلو فيه القانون فيكون فوق الجميع، يحلم فيه بمحكمة وطنية عليا يرأسها وبعضويتها أناس أقوياء أشداء بالقانون على أنفسهم والأقربين يخافون الله فيما يفعلون، بمحكمة يقف أمامها رئيس الدولة وما دونه من المسئولين ليحاسبوا على أدنى تجاوز يقومون به في حق هذا الشعب وفي حق هذا الوطن؟ ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

كيف لا يحتار صاحب العقل وهو بعد ذلك الحلم يرى وطن أصبح مرتعا للمجرمين، وطن أصبح فيه المجرم وصاحب السوابق قائدا ميدانيا مخضرما لا يشق له غبار! يا ويلنا ونحن نستنشق الغبار ليلا ونهار. كيف لا وهو يرى المواطن المسكين يذوق الأمرّين وتُنتهك حرمته وينال منه ما ينال ويتعرض للسب والشتم من الرعاع الذين لا يعرفون حرمةً، ويقف من الليل إلى النهار تحت وطأة الخوف والجوع من أجل أبسط الحقوق وهو سحب مبلغ من مال وكثيرا وبعد معاناة لا يعلمها ولا يعرف طعمها المر إلا من ذاق ويلاتها يرجع خاوي اليدين يندب حظه التعيس ويندب الرعاع ومسئولي البلاد، هذا قليل من كثير من المعاناة التي يمر بها المواطن يومياً؟!

هكذا هي الست العجاف حدّث ولا حرج، حدّث بما في نفسك وقل ما تشاء ستجد عندنا سندا وبرهانا فالست فاقت كل التصورات ولا زالت فماذا تريد أن تقول: نحن نقتل بعضنا بعضا ولا نبالي بحرمة الدم بالرغم من أننا ندعي الإسلام ولكننا نفهمه كما يحلوا لنا ونكيفه على هوانا ألم تسمع بقول الله تعالى:” أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (الجاثيه:23)، فنحن لا نهوى ولا نحب شيئا إلا فعلناه دون حدود ولا قيود دينية ولا اجتماعية ولا أخلاقية ولا غيرها فنحن نتبع أنفسنا مطلقا. ولأننا لا نتعظ ولا نتبع هديه سبحانه ولا نتذكر ولا نتفكر فيما آلت إليه أحوالنا ولا نراعي ذلك في أي مجال من مجالات الحياة بما في ذلك مساجدنا “خطبائنا” التي كان من المفترض أن تدعوا الناس إلى التحابّ والتعاون ونبذ الفرقة والكره والعصبية والضغينة ولكن..! كذلك نحن لا نتفكر ولا نتدبّر في كل خطوة وعمل من أعمالنا اليومية.

حدّث بأننا جعنا، حدّث بأننا خائفون يترقبنا ويطاردنا الموت في كل لحظة وحين، حدّث ولا حرج نحن نختطف الصغار والكبار ونسرق في الطرقات والبيوت في الليل والنهار وفي غياب الدولة يتم ذلك بدعم من شيوخ قبائلنا وكبار مدننا ومجالسنا الاجتماعية لأنهم يشعرون بأن اللصوص وقطاع الطرق والمجرمين هم من سيقومون بحماية قبائلهم وقراهم ومدنهم والدفاع عنها إذا ما تعرضت لأي طارئ.

نعم لقد أطلق النظام السابق حين تأكد من نهايته قرابة العشرون ألف مجرم من السجون وزودهم بالعتاد وفتح مخازن الأسلحة للجميع بل وصل الأمر إلى رميها في الصحراء فوصلت ليد كل خيّرٌ ولعين … لمن أراد بما في ذلك المجرمين واللصوص والقتلة ليشكلوا بها كتائب مسلحة فرضت وجودها بالقوة وهي المسيطرة الآن وتقوم بتلك الأعمال المشينة في مقابل ضعف الحكومات المتوالية ولكن ليس هذا بعذر لمن يريد بناء مجتمع سليم ودولة، لقد انطفأت شمعة النظام السابق ويجب أن ينتهي معها مبررنا وتعليق فشلنا عليه، كما يجب ألا نعلّق فشلنا على أي دولة كانت بل يجب أن نكون أقوياء شعارنا: تجري الرياح كما تجري سفينتنا *** نحن الرياح ونحن البحر والسفن.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا