سوريا تدخل مرحلة جديدة.. ترامب يُلغي عقوبات «قيصر» - عين ليبيا
وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2026، الذي يتضمن أضخم موازنة سنوية لوزارة الدفاع في تاريخ الولايات المتحدة بقيمة تتجاوز 900 مليار دولار، ويتضمن في الوقت ذاته إلغاء قانون قيصر الذي فرض عقوبات واسعة على سوريا منذ عام 2019، في خطوة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية إقليمية ودولية.
وأُقرّ القانون بعد مصادقة الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ، حيث جرى التوقيع بعيدًا عن كاميرات الإعلام، خلافًا لما كان معلنًا سابقًا، ما أضفى طابعًا سياسيًا لافتًا على توقيت وآلية إقراره.
ويحدّد القانون أولويات الدفاع الأمريكي للسنوات المقبلة، ويلزم البيت الأبيض بتقديم تقارير دورية إلى الكونغرس على مدى أربع سنوات، لتقييم أداء الحكومة السورية في ملفات مكافحة الإرهاب والمخدرات، وحماية الأقليات، والتقدم نحو تحقيق السلام مع دول الجوار، مع ربط استمرار رفع العقوبات بنتائج هذه التقارير.
وينص القانون على منح الرئيس الأمريكي صلاحية إعادة فرض عقوبات محددة على سوريا في حال جاءت التقارير سلبية لفترتين متتاليتين، وهو ما يربط المسار الاقتصادي السوري بتطورات سياسية وأمنية تخضع للرقابة الأمريكية المباشرة.
وصوّت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح مشروع القانون بأغلبية 77 صوتًا مقابل 20، بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، بعدما صادق مجلس النواب عليه في وقت سابق، في خطوة وصفت بأنها تمهّد لمرحلة جديدة في العلاقة بين واشنطن ودمشق.
ورحّبت الحكومة السورية بالقرار، واعتبرته نقطة تحول في مسار التعافي الاقتصادي، مع توقعات بأن يفتح الباب أمام عودة الاستثمارات الأجنبية، واستئناف المساعدات الدولية، ودعم جهود إعادة الإعمار، في ظل قيادة الرئيس السوري أحمد الشرع.
وأشارت تقديرات اقتصادية إلى أن العقوبات الأمريكية شكّلت أحد أبرز العوائق أمام تعافي الاقتصاد السوري خلال السنوات الماضية، وأن رفعها يعكس نجاح الحكومة السورية الجديدة في إعادة التموضع السياسي والدبلوماسي، ويمهّد لإعادة دمج البلاد في النظام المالي الدولي.
وفي هذا السياق، قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية إن إلغاء قانون قيصر يزيل حاجزًا قانونيًا أساسيًا كان يمنع اندماج سوريا في النظام المالي العالمي، ويفتح المجال أمام السعي للحصول على تصنيف ائتماني سيادي، بداية بتصنيف استشاري منخفض، ثم الانتقال لاحقًا إلى تصنيف علني مع تحسن الظروف الاقتصادية.
وعلى الصعيد الإقليمي، رحّبت السعودية بقرار الولايات المتحدة، وأكدت وزارة الخارجية السعودية أن إلغاء العقوبات يدعم الاستقرار والتنمية والازدهار في سوريا، ويعكس تقديرًا للخطوات التي تتخذها الحكومة السورية لإعادة بناء الدولة وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين والمهجرين.
وثمّنت الرياض الدور الإيجابي الذي لعبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدءًا من الإعلان عن رفع العقوبات خلال زيارته إلى الرياض في مايو 2025، وصولًا إلى توقيع قانون تفويض الدفاع الوطني الذي تضمّن الإلغاء الكامل لقانون قيصر.
ويمثّل إلغاء قانون قيصر تحولًا جوهريًا في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، وينعكس مباشرة على الاقتصاد السوري عبر تخفيف القيود على التحويلات المالية، وفتح قنوات التجارة والاستثمار، وتمكين المؤسسات المالية من التعامل مع دمشق، ما يعزز فرص الاستقرار النقدي وإعادة تشغيل القطاعات الإنتاجية.
وأُقرّ قانون قيصر في ديسمبر 2019 لفرض عقوبات واسعة على أفراد ومؤسسات مرتبطة بالنظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد، واستهدف قطاعات حيوية في الاقتصاد السوري، وشكّل أحد أكثر أنظمة العقوبات صرامة، إلى أن أُطيح بالأسد عام 2024، وبدأ مسار سياسي جديد انتهى بإلغاء القانون ضمن موازنة الدفاع الأمريكية لعام 2026.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا