سياسة بدون ساسة - عين ليبيا

من إعداد: حسين بن مادي

ندركها نعيشها وتعيش معنا اصبحت جزءا من مجتمعنا ومشاكلنا الليبية وهي شبه يومية ولا يمكن ان ننفي انها السبب الرئيسي في دمار حياتنا وحياة الاجيال القادمة وهي “السياسة” وهي عبارة عن معالجة ورعاية كافة شؤون الدولة الداخلية منها والخارجية وتقوم ايضا بتوزيع النفوذ والقوة ضمن حدود المجتمع.

وتعرف ايضا بأنها اجراءات مجتمعات ومجموعات بشرية ودراسة السلطة التي تقوم بتحديد المصادر المحدودة وتقسيم بعض الموارد الموجودة في المجتمع عن طريق السلطة التشريعية والتنفيذية وتقوم علي دراسة الواقع وتغيره موضوعيا.
لا يمكننا ان ننكر بأنه بسبب السياسة التي يمر بها مجتمعنا الليبي هي مرحلة بالغة الخطورة متمثلة في الاحتقان الاجتماعي الذي خلق تدميرا للانسجام المجتمعي واللحُمة الوطنية  وترجع اسباب هذا النزاع والاحتقان الي بروز عدة اشياء ومنها بروز مجموعة من الاحزاب المختلقة التي تكونت بعد ثورة 17 فبراير

إذا كان هذا الاحتقان سياسي او فكري او تنظيمي فإن الازمة تكون في عقل المواطن الليبي ليست ازمة طائفية مذهبية وليست ازمة بين حكام او برلمانات او احزاب وطبقات سياسية وانما الازمة متمثلة في الانسداد السياسي بعدم ممارسة كافة الليبي للسياسة اصلا والتي كانت حكرا على شخص واحد فقط طيلة أكثر من اربعه عقود.

لم يتمكن العقل السياسي الليبي ان يدير ويدبر مشاكله على المستوي الليبي بعد قيام ثورة 17 فبراير وانتهاء الحكم الشمولي وتسارعت الاحداث وتناست القضايا الكبرى منها والصغرى داخل المجتمع ذاته وازدادت المواقف خطورة حتى وصل الامر الى كل بيت واسرة ليبية بدءا من صعوبة الحصول على السيولة النقدية من البنوك والغلاء الفاحش في اساسيات ومتطلبات الحياة اليومية من مأكل وملبس ومعالجتها من ابسط امور السياسية.

فالسياسة والسلطة في مجتمعنا الليبي مرتبطة ببعضها البعض وفي ضل غياب الدستور الذي مازال يطبخ ولا نعرف اين حطت به الرحال مند خمسة سنوات بعد انتخاب لجنة الستين لصياغة الدستور فأصبحنا من الشعوب المهمشة سياسيا وعرضة للفوضى والانحلال السياسي.
ولا ننسي التداخلات الدامية بين الصراع القبلي والسياسي، فمن المستحيل ان تفكك المعادلة وان تغربل الاطراف في عدم وجود طريق سليمة وخاليه من المطبات التي يخلقها الساسة لبعضهم البعض لاختلاف توجهاتهم السياسية.

وانتقال الصراع الى بعض فئات ا لمجتمع الامر الذي يقد يصل الى كارثة، ويبشر بحرب اهلية عميقة كالتي عرفتها بعض شعوب العالم لا قدر الله.

ولكن الامر الذي يطرح نفسه لماذا يفشل الشعب الليبي وخاصة الفئة المثقفة منه متمثلة في منظمات المجتمع المدني  التي نعول عليها كثيرا  في انتاج وفرض عقد سياسي متين بين القوي المتصارعة بحيث يتم التداول السلمي للسلطة ولا يمكننا التخلي عن  مبدا بانه لا وحدة ولا تقدم ولاديمقراطية الا بصياغة عقد سياسي جديد يسير فيه الشعب الليبي  ويلبي جميع طموحاته،  وبإمكانه ان يصل بمجتمعنا الي بر الامان بعد السنوات العقيمة  من الصراعات الدامية والفوضى التي لازالت تعيش معنا الي وقتنا الحالي ويجب ان ندرك دائما ان للسياسة لعنة او السياسة لعنة بحد ذاتها يتم الاعراب عنها من الاطراف المتنازعة لجعل المحن تزداد سوءا  وهدفها  إلحاق الضرر بالقوة المعادية لها.

وللأسف الشديد الساسة المتواجدين بالمشهد السياسي الليبي تسير على مبدا ان لم تستطيع اقناع الاخر بأية فكرة او برنامج فحاول ان تسبب له الارتباك وافشال سياساته وخططه ليدخلوا العامة في دوامه لا نهاية لها.

إن الاجسام المتواجدة حاليا متمثلة بالحكومات الثلاثة والبرلمان بكل امكانياتهم لم يستطيعوا السيطرة على مجريات الامور مما يؤكد ان قراراتهم غير مدروسة وتفتقر للحكمة والموضعية التي تحمي هذا الشعب وتجنب ابناءه المزيد من الفوضى والضياع.

ان ليبيا تحتاج اليوم الى حكومة تشعر بهموم المواطن وتعالج أوضاعه الاقتصادية وتحقق احلامه خاصة بعد ما شهدته البلاد من تردي واضح في اغلب المجالات منها غياب الامن وتدني مستوى التعليم وشبه انعدام الخدمات الصحية وابسط الخدمات الأخرى منها وجود جبال واكوام كبيرة من القمامة المنتشرة بالشوارع الرئيسية في أغلب المدن الليبية، وغيرها من مختلف قطاعات الدولة الرئيسية التي تعيق المواطن رغم وجود عدة حلول سهله وبسيطة لتنفيذها.

ان الشعب الليبي بجميع اتجاهاته ونحن على يقين وبدون استفتاء انه فقد الثقة بالبرلمان والحكومات الثلاثة التي لا يهمها ولا تراعي هموم الناس، اذن فأنها لا تستحق ان تستمر في المشهد السياسي الذي انتخبت من اجله.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا