شركة الكهرباء.. إدارات فاشلة وشبكات تنهار - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

لا يخفى على احد مدى ما وصلت اليه الشبكة العامة للكهرباء، من ترهل وضعف وقصور في تلبية حاجات المستهلكين، وذلك لأسباب عديدة أهمها حالة الحرب التي تعيشها ليبيا منذ 2011 وحتى الآن، والتي انتجت وضعا مضطربا وغير طبيعي اثر سلبا في امدادات الطاقة الكهربية، حيث شمل الاضطراب كل المكونات الأساسية الثلاثة لشبكة الكهرباء وهي الإنتاج والتوليد والنقل والتوزيع، جدير القول، ان حالة الفوضى التي تعيشها البلد وفقدان السيطرة الأمنية الكاملة على المرافق العامة خلفت نتائج سلبية، كان لشبكة الكهرباء قسط كبير منها، حيث شمل ذلك عدم القدرة على اجراء الصيانات الدورية اللازمة للمحطات والخطوط، لعزوف الشركات الأجنبية المصيّنة عن التواجد في ليبيا، زد على ذلك التوسع الكبير في عمليات الربط الجديدة على الشبكة، من قبل المواطنين سواء سكنيا او تجاريا او حرفيا، وهو ما ضاعف من كمية السحب امام المعروض المتناقص، اضف الى ذلك أيضا الحالات المتكررة من الاعتداءات على الشبكة من قبل المخربين والمهربين الذين يتاجرون في معدات الشبكة واسلاكها.

علينا ان نعترف أولا بوجود ازمة حقيقية في الكهرباء في ليبيا، وهي قد بدأت منذ عام 2014 وأسباب قيام تلك الازمة الرئيسة لازالت قائمة، ولم تختف، الازمة تتمثل في ان المعروض من الطاقة حاليا لا يتناسب مع المطلوب، أي ان مقدار الطاقة المنتجة حاليا تقل بحوالي الثلث على ما يستهلك، الامر الذي يتطلب حسن إدارة لهذه الازمة وفق هذه الإمكانيات المتاحة، وحيث ان معدلات السحب في الطاقة تتأثر كثيرا بمعدلات درجات الحرارة انخفاضا وارتفاعا، فأنه ومن خلال الواقع يتبين أن اقصى حدود الاستهلاك عادة ما تكون في فصلي الشتاء والصيف حيث تبلغ الاحمال ذروتيها صيفا وشتاء.

وقد أمكنني التعرف بفعل التجربة والمعايشة اليومية للازمة، على أنه كلما زادت درجات الحرارة عن 35 درجة مئوية صيفا او قلت عن 15 درجة مئوية شتاء، خاصة في مدن الشمال الليبي التي تستهلك أكثر من 75% من الطاقة في ليبيا، فان ذلك يعني الحاجة لطرح الاحمال وتوزيعها بالضرورة، وحيث أن الوضع الأمني والاقتصادي للبلد لم يتغير ومازال كما هو عليه، فأن الازمة بالطبيعة ستكون مستمرة ومتكررة، انه وهذه الحال فأن المطلوب هو كيف يمكن إدارة ازمة الكهرباء بوضعها الحالي؟! وبمعنى اصح كيف يمكن إدارة توزيع الاحمال بصورة صحيحة ومتوازنة؟! وهذا للأسف ما افتقدناه خلال المدة الماضية ولازلنا، برغم تعدد الإدارات وتواليها على الشركة العامة للكهرباء، والتي كلها اثبتت فشلها الذريع وعدم قدرتها على إدارة توزيع الاحمال والتعامل مع الازمة.

ان الفشل الذريع الذي لحق بالإدارات المتتابعة في الشركة العامة للكهرباء، يضع إشارة استفهام كبيرة في الكيفية التي يتم بها اختيار تلك الإدارات، وخاصة واننا نعلم بوجود العديد من الكفاءات في هذه الشركة العتيقة، والتي يمكنها أن إدارة الازمة والتعامل معها بما ينبغي وبكل حرفية، ان المؤشرات تشير الى قصور كبير في اختيار العناصر القادرة الكفؤة التي يمكنها ان تدير الشركة وفق معايير الخبرة والمهنية، ويبدو ان المعايير التي اتبعت في اختيار الإدارات السابقة لا تخرج عن اطار الجهوية والمناطقيّة والمحاصصة المقيتة!، التي لا يمكن التعويل عليها في مسائل فنية صرفة مثل الكهرباء.

انه وبالنظر الى الأداء الباهت لكل تلك الإدارات، يمكنا الحكم عليها بالفشل الذريع وهو ما يستوجب إعادة النظر في اختيار عناصر جديدة كفؤة وخبيرة، بعيدا عن المحاصصة، وان المهمة الأساسية للشركة العامة للكهرباء خلال هذه الازمة التي تمر بها، هي كيفية إدارة توزيع الاحمال بصورة مرضية للمستهلكين أولا، و تفادي حدوث انهيارات كلية للشبكة مستقبلا، ان الأولوية اليوم تقتضي ان تكون مهمة إدارة الشركة ترتكز على مدى نجاحها في إدارة توزيع الاحمال، وتفادي حدوث انهيارات كلية للشبكة، وليس مطلوبا منهم اكثر من ذلك في ظل المعطيات الحالية!. اذ لا مجال الآن عن تحديثات او مشاريع جديدة!، فالوضع الاقتصادي والأمني لن يسمح بذلك، ولا نريد ان نكرر مزيدا من الصرف على الشركة ليذهب هباء كما حصل في أعوام 2012 و2013 و2014 حيث صرفت المليارات ولم يظهر أثرها على الشبكة مطلقا.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا