شطحات وزارة التعليم - عين ليبيا

من إعداد: د. عيسى بغني

منذ تولي الوزارة الحالية مقاليد التعليم أصبحت قرارات قطاع التعليم تشكل زوابع لا نتيجة لها سوى الإسنهلاك الإعلامي، نعم التعليم أكبر قطاع في الدولة الليبية فهو يضم قرابة نصف مليون موظف وله من الإدارات ما ليس لغيره، والتعليم كما نعلم يهم كل بيت وكل أسرة وهو الركيزة لخلق جيل جديد يواكب تحديات العصر، سئل مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي وأب النهضة الماليزية كيف قمت بتغيير وتطوير ماليزيا؟ قال: بالإهتمام بالتعليم ثم التعليم.

التعليم في ليبيا على مدى خمسة قرون عانى من سوء التخطيط ومن تولى الشخصيات الجدلية لمقاليد قراراته، عودة إلي تاريخ التعليم ترى عجبا، من تفريغ الطلاب للبواخر مقابل النجاح إلى الضابط المعلم إلى المدرسة يخدمها طلابها إلى إلغاء اللغات الأجنبية مرورا بلإشتراك في حرب تشاد مقابل النجاح وإختيار الكلية المفضلة، ناهيك عن تغيير المناهج حسب الطلب وحسب التوجه السياسي. رغم أننا نلتمس العذر لوزير يحكم بسم طاغية، فإن تلك الهانات والقرارات السمجة أصبحت عادة حتى بعد زوال سياسة الإرغام مع ثورة 17 فبراير.

من المؤسف أن هذا الجيش العرمرم من الموظفين والمعلمين والخبراء لم يجدوا قيادة واعية تأخذ بأيديهم لوضع سياسات تعليمية واضحة، وبقيت الوزارة تشتغل بطريقة سد الثغرات بإقامة حملات، تارة لتغيير مناهج بدلاً من تطويرها، وأخرى لإطلاق فلاشات هنا وهناك من باب أننا في الساحة، فمثلا المنهج السنغافوري تم إزالته بدلا من تأهيل المعلمين لتنفيذ المناهج، أو بإدخال الموضوعات العنصرية في المناهج مثل هضبة أفريقيا العربية التي يعنى بها شمال أفريقيا، وثارة بإلغاء التعليم الديني الرسمي وترك المجال لخريجوا الأشرطة المسموعة المدفوعة الجر لإعتلاء منابر المساجد وبث مذاهبهم المستوردة، ناهيك عن إلغاء اللغة الأمازيغية من المجموع العام لطلبة المدن التي يدرس بها هذه المادة.

لاشك أن الكثيرين قد رفعوا القبعات عند إجراء إمتحان الشهادة الثانوية العامة في الجامعات ودون تزوير يذكر، ولكن الوزير لم يستطيع الصمود وترك للجميع حرية إعادة الإمتحانات لأي عدد من مواد الرسوب، وأوقف نتائج بعض المدن ليخسر القضية أمام القضاء.

وأخير التعميم الصادر في 24 قيراير 2019 بخصوص إعتماد النقاب كلباس شرعي في الجامعات والمدارس وعدم مضايقتهن، وهو أسلوب ركيك يدل على أن وزارة التعليم أصبحت عش الدبابير، فالنقاب عادة لفئة من الخليجيين ولم يتم الإتفاق على أنه لباس شرعي، وهل حاربت السيدة عائشة منقبة؟ وأن التعليم ليس من أمره تحديد اللباس الرسمي من الشرعي، ثم أن هناك العديد من الجرائم تم إفترافها بسبب النقاب، منها تهريب الأفارقة من البوابات بإرتدائهم النقاب، ومنها دخول الطالبات في مكان بعضهن لإجراء الإمتحانات وغيرها من المشاكل الناتجة عن صعوبة التحقق من الهوية، والله لا يامر بطمس هوية أحد سوى من أراد العودة إلى مجتمع الحريم والرق والإيماء.

كان يمكن أن ينصب جهد وزارة التعليم لحل مختنقاتها التي هي ظاهرة للعيان، فمؤشرات تدهور التعليم في ليبيا كثيرة أهمها:

إنعدام أستراتيجية تعليمية: تخبط في المناهج وفي فتح ودمج الجامعات، مع زيادة الكم على حساب الكيف.
سؤ إدارة ونقص تمويل التعليم للمراحل الأولى وحتى العليا: ميزانية التعليم معظمها لدفع الرواتب.

إهمال التعليم الفني: معظم المعاهد الفنية تحولت إلى كليات بأعضاء تدريس غير أكفاء، وإمكانيات مفقودة.

عدد ساعات الدراسة للتعليم ما قبل الجامعي 5 ساعات يوميا لمدة 148 يوم في السنة (740 ساعة سنويا) في حين أن عدد الساعات في ماليزيا 10 ساعات لمدة 210 يوم بواقع 2100 ساعة سنويا.

التوسع الفوضوي في التعليم الجامعي (جامعة لكل 750 ألف نسمة، والمعروف دوليا لكل مليون نسمة).

التعليم الذي نريد لأبنائنا تعليما متطورا له أساتذه على درجة عالية من الكفاءة يستخدمون معامل ووسائل إيضاح متقدمة بخطط سنوية لا تهدر فيه ساعة واحدة، وليس كما نرى عطلات بسبب المطر وأخرى بسبب البرد، ومعلمات ومعلمين يجرون بالسلاسل إلى الفصول، ومناهج فاقدة للمعلومة الجيدة التي يتسلح بها الطالب لمواجهة معركة الحياة في زمن متعدد المهارات.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا