شيشباني يا سيسي! - عين ليبيا

من إعداد: عبدالرزاق الداهش

لماذا لم يقل عبد الفتاح السيسي، الضفة الغربية خط أحمر، أو غزة خط أحمر، (بلاش) تل أبيب، أو القدس خط أحمر؟ ولماذا لا يستعرض السيسي بالدبابات، والمدرعات، وطائرات الهيلوكبتر في سيناء، ما بعد الخط الأخير حسب وثيقة كمب ديفيد؟.

المهم صديقك بوسعك أن تختاره، أما جارك فهو من صنع دكتاتورية الجغرافية. هذا ما ينبغي أن نعرفه نحن القاطنين في هذا الأطلس، بين جار حائر من الجهة الغربية، وأخر جائر من الناحية الشرقية.

ولكن بعيدا عن الكثير من المشتركات التي تجمع ليبيا مع الجار المصري، فالواقع الراهن، يجعل من هذه البخت الجغرافي، حالة سوء طالع، لغير سبب.

فالحكم المصري مازال يتصرف بسلوك النظام، وليس سياسة الدولة، ويرى ليبيا، ليست كجار بل كأسفنجة يمكن أن تمتص فائض المشاكل المصرية، أو فناء جانبي يمكن أن تستنسخ فيه الحالة المصرية.

دحرجت مصر نحو ليبيا بعيدا الشرق الأوسط، مشروع لبعض الدول الخليجية، وإسرائيل، فمصر بالنسبة للخليجيين عبء مالي، أما بالنسبة للإسرائليين فهي عبء أمني محتمل، حتى وأن تحولت مهمة الجيش المصري إلى اصطياد انفاق الفلسطينيين، التي يتزودون منها بالدقيق، وزيت الطهي.

مصر بسبب البقاء أسيرة سياسة النظام، لم تحل ربع مشكلة، بين فتح وحماس في الشمال، أما في السودان فقد حلحلت إثيوبيا الأزمة في أقل من أسبوع، بينما ظلت القاهرة تتلعثم في صفحة المقدمة لأكثر من تسعة أشهر.

الأمن القومي المصري ليس في سرت، أو الحفرة، بل في أسيوط، وأسوان، والقاهرة، حيث نحو 50 مليون أُمي، وحيث أن هبة النيل هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وحيث الاقتصاد المترهل، والبلهارسيا، والجيش الذي تحول عمال بالسخرة في مزارع البطاطا.

أي استعداء لمصر لا يفيدنا، ولكن أي اعتداء مصري علينا بالتأكيد سوف يضر بمصر، التي تعرف أن منابع النيل ليست في هراوة، أو سوكنة.

البلطجة السياسية، هي مجرد سلوك تعويضي، أو سلوك هروبي، لبلد لا يمكن أن ينجح إلا بمعالجة مشكلاته الحقيقية، فضرب نافذة الجيران، لا يصلح بابك المخلوع.

استدعاء الشيفونية المصرية، وتجييشها ضد ليبيا، عبر إعلام (الزحن دخن بوه)، يجعلنا، نشفق على مصر ونخاف عليها، أكثر من ليبيا.

المهم لا ننسى أنه على أسوارنا دولة يلامس عدد سكانها المئة مليون، وستتخطى في عام 2030 المئة وخمسين مليون، محملة بكل هذا المتصدع السياسي، والاقتصادي، والمعرفي.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا