صفقة القرن “واحة الجغبوب الليبية” - عين ليبيا

من إعداد: د. مجدي الشبعاني‎

قالوا قديما أصحاب العقول في راحة، فمن أعطى جزيرتي تيران وصنافير للسعودية وقد كانتا تحت سيادته وإدارته ويقرأ شعبه لسنوات طوال في مناهجهم أنهما مصريتان، يرى الآن أن واحة الجغبوب مصرية !!.
في واقع الأمر أجد نفسي متفاجئا من من استغراب البعض عما تم تناقله من اخبار مفادها أن المحاكم المصرية تنظر في موضوع قضايا تتعلق بضم أقاليم ومناطق ليبية لكونها مصرية من الأساس، والأغرب هو صمت الدولة الليبية بكامل سلطاتها العامة مؤسساتها ورجالاتها من سياسيين ومسؤولين ونخب واعلاميين أمام تحركات دولة جارة تسعى لأن تستحوذ على جزء من التراب الليبي ، ولكن لم الاستغراب وهناك منظومة مصرية كاملة تروج لهذا الأمر ومن مختلف أطياف مصر، فقد صرح كبار ألوية الجيش المصري بهذا مرارا وتكرارا، وصرح بهذا أعضاء من مجلس النواب المصري، بل يروج الإعلام المصري المرئي والمسموع والمقروء بذلك دون توقف؛ في دلالة واضحة لتهيئة الرأي العام لحدث عظيم ، فجريدتي الإهرام واليوم السابع لا تتوقف عن نشر مقالاتها لتغذي الرأي العام بهذه الأفكار، وقد تحدث حسنين هيكل كثيرا عن ذلك ونجد هذا في كثير من مقالاته وكتاباته وكتبه التي يجزم فيها “أن الحدود المصرية تمتد إلى مدينة بنغازي الليبية ” ، أو ما جاء في كتاب “سرقة واحة مصرية” لصاحبه محسن محمد ، ولا تتوقف الآلة الإعلامية المصرية على استضافة ضيوف يستغرقون في الحديث عن مصرية الشرق الليبي وعرض خرائط قديمة لحدود زائفة ، والكل يعلم أن الإعلام المصري ما هو إلا جهاز مخابرات عامة يروج لسياسة الدولة المصرية ويدافع عنها وإن كانت خاطئة، وله دور كبير في التعبئة المعنوية لأي حدث أو قرار تسوق له السلطة الحاكمة، فكيف إذا كان الحدث جزء من صفقة القرن الشهيرة .
وقد لوح رئيس جمهورية مصر الشقيقة عبد الفتاح السيسي في أكثر من مرة أنه إنسان متربي وعلى خلق ولولا أن امه ربته على عدم الاعتداء على حقوق الغير لقام باحتلال ليبيا واغتنام نفطها رغم حاجة مصر لذلك، ولكن هل ستكون هذه قناعته لو تحصل على أحكام قضائية بأنه صاحب حق وأن الليبين منذ سنوات قد أخذو أرضا مصرية وعززت هذه الأحكام بمطالبات شعبية عارمة ( تفويض شعبي )، فهل سيصمت على حقه ، أم سيحرك تلك القاعدة العسكرية العظيمة التي أسستها دولة الإمارات على الحدود الليبية !!!!
لقد عشت في مصر بضع سنوات أثناء دراستي بالإسكندرية وقد لاحظت أننا من يفترض بنا أن نطالب بضم المناطق والمدن الممتدة من منفذ السلوم إلى برج العرب وأرياف الإسكندرية بالكامل ، فمن يسكنها يتحدثون اللهجة الليبية وينتمون إلى قبائل ليبية ويتغنون بالأغاني الليبية وطقوسهم وعاداتهم ليبية بالكامل كالشك واغاني العلم والشعر الشعبي وغيرها، ويتميزون عن المصريين في كل شيء ، ويرتدون الزي الليبي التقليدي بل أن أسواق المنشية والرمل تعج باللباس الليبي التقليدي ومحلات لها باع طويل في صناعة الزي الليبي التقليدي وقد اقتنيت بعض ملابسي من هناك ، متسائلا في أكثر من مرة من يكون هؤلاء الذي هم ليبييون الطباع واللهجة والعادات وأهل أجواد ويبادلونك بالترحاب أينما التقيت بهم ولكن يحملون جنسات مصرية ويعيشون في مصر .
وكمواطن ليبي لا يملك إلا كلمة يقولها أطالب السلطات العامة في بلادي بدءا من المجلس الرئاسي ومجلس النواب ومجلس الدولة بالاستعداد الجيد تجاه هذه التحركات ووضع المقدمات التي أشرت إليها نصب أعينهم وضرورة الحفاظ على ليبيا موحدة والوقوف ضد دعوات الانقسام والانفصال ـ فما بعد الانفاصل هو ضياع الأراضي الليبية كما ضاعت سيادة وهيبة ليبيا الآن بسبب فرقتها وتشتت امرها وذهاب ريحها وضياع ريحها .



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا