صناعة المشهد الليبي القادم - عين ليبيا

من إعداد: المستشار علي ولد الحاج

الحوار الدائر الآن في تونس بين ممثلين البرلمان وممثلين المجلس الأعلى للدولة جاء ليعيد الأمل بلملمة الوطن المبعثر والمنقسم سياسيا وعسكريا وإداريا، فهو بارقة الأمل والفرصة الذهبية التي قد لا تتكرر في المدى القريب وإذا فقدناها قد ندخل في غياهب المجهول ويتشتت الوطن الذي يجمعنا أكثر ما يفرقنا.

هذه المرة نلمس الجدية والتصميم لفعل الصواب من أجل انقاد الوطن والوصول إلى استقرار يمكن أن يكون ركيزة أساسية لإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية التي توشك جميعها على الانهيار. لا شك أن الفاعلين الرئيسين على الساحة الليبية تجمعهم قناعة راسخة أن تعديل الاتفاق السياسي هو الحل السليم وأنهم لابد لهم أن يتنازلون جميعا من أجل أن تسير مركب الوطن، ومن دون شك أن المرور بالمرحلة الانتقالية الجديدة تحتاج أن يكون لكل منهم دور يقبل به الآخر برغم أن الخلاف بينهم كان على أشده ولكن إذا أردنا أن ننجز اتفاقا حقيقيا وفعالا لابد أن يرسم على أساس إشراك هؤلاء في تحمل مسؤولية إنجاح الاتفاق كونهم عناصر رئيسية في الحوارات سواء عبر الأمم المتحدة أو عبر الدول الراعية للحوار في ليبيا وحتي عبر الحوار المباشر الليبي، فالبحث عن شخوص آخرين غير الموجودين على الساحة  ومحاولة خلط الأوراق بأسماء وشخصيات جديدة الآن قد يربك المشهد أكثر ويقود إلى تعطيل الاتفاق الجديد. كما أن استمرار أي من أعضاء المجلس الرئاسي الحالي سوف يعقد الأمر بسبب تجاربهم الفاشلة طيلة السنة والنصف الماضية وعدم ثقة المواطن بالدرجة الأولى فيهم. لكن وجود واستمرار خليفة حفتر كقائد عام للجيش يعمل تحت سلطة المجلس الرئاسي، مطلب أصبح يعلق عليه نجاح الاتفاق الجديد ويدعمه طيف واسع خاصة في المنطقة الشرقية لابد أن يحترم وأن يقبل به كمخرج للحالة الراهنة. كما أن وجود رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة الدكتور عبدالرحمن السويحلي باعتبارهما يمثلان جناحي السلطة السياسية القائمة في المشهد القادم في تركيبة المجلس الرئاسي الجديد سيكسب الاتفاق ثقة جميع الأطراف خاصة الدولية و يكون بمثابة طوق النجاة لاتفاق الصخيرات، ولنا في تجربة اتفاق الطائف اللبناني خير دليل.

وحتى يكتمل أضلاع المثلث للمجلس الرئاسي الجديد يتطلب تواجد الاستاذ عبد الرحمن شلقم باعتباره شخصية وطنية سياسية متميزة، تتمتع بخبرة وقدرة على التعاطي مع الأمور المحلية والدولية، فالملف الليبي وكما هو معروف أصبح دوليا بامتياز ويحتاج شخصية تحضي بمكانة دولية مثله.

قد يكون هذا التصور غير مقبول لدي البعض بسبب المواقف والصراعات والشد والجذب في السابق ولكنه يبقي السبيل الأنسب لتجاوز الماضي وطي صفحته، فليس أفضل من أن تجمع كل هؤلاء في بوتقة واحدة بهدف إنقاذ ليبيا وإرجاع الأمل للمواطنين الذين أصبحوا يقاسون مرارة العيش. الأمل كبير ويلوح في الأفق في حال تجاوزنا خلافتنا كليبيين وقبلنا بالتنازل والوصول الي تفاهمات تشرك الجميع بدون إقصاء، فما لا يدرك كله لا يترك جله.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا