طبول الحرب أم إطالة الفوضى - عين ليبيا

من إعداد: د. عيسى بغني

ليس غريبا أن يفشل اللقاء بين بين السراج وحفتر بل أنه من المتوقع جدا ذلك، ولكن ما لم يكن في حسبان الكثير من  المراقبين أن تفشل الدبلوماسية المصرية في تخريجة الإجتماع، وما شاهده المتابعون للقاء ينم عن الكثير من الفوضى وسؤ إدارة الأزمة الليبية، حيث يدعى الجميع لإجتماع مهم يعقد عليه العامة أمالا عريضة دون وجود أدنى إتفاق، وبعد يومين من الإنتظار  يرفض حفتر وصالح الإجتماع ويعلن الناطق بإسم القوات المسلحة الراعية للإتفاق على الفيسبوك بنود أربعة (يعتقد أنها موافق عليها من  كل الأطراف)، هذا التخبط هل هو عن قصد للتشويش عن مبادرة الجزائر وجهودها للم الفرقاء الليبيين أم أنه  أصيل الإدارة المصرية الجديدة التي عقدت مئات الإجتماعات مع أطراف ليبية عدة من أجل إقناع الجميع بأهمية وجود رجالات لمصر أي قيادة جديدة للدولة الليبية، أم أن التخريجة السيئة عنوان لخروج الدور المصري المباشر من عملية السلام المتعثرة، وتسليم الملف لروسيا.

فشل الإتفاق واضح ولا يحتاج إلى الكثير من عناء التفسير، فحفتر يرى أنه المسئول الرئيس على الملف العسكري والأمني في ليبيا ولا سلطة مدنية يأتمر بها، وقد يرقى ذلك لآن يكون رئيسا لليبيا بإنقلاب عسكري كما في مصر، وله مؤيدون في الداخل وهم المجموعات القبلية في الشرق الليبي، ومصر، وقد يتحصل على دعم من روسيا ضمن برنامج عودة الدب الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للبرهنة على أن روسيا قوة عظمى لها دور لا يستهان به، وهو ما نراه في سوريا مثلا، وهذا الدور يؤرق كثيرا الدول الغربية فقد ثم مناقشته بين الإيطاليين والروس في موسكو، وأعيد فتحه في مؤتمر ميونخ، ونوه إليه وزير الخارجية البريطاني مؤخراً، ويسيستمر نقاشه في كل إجتماع، لآن دخول روسيا إلى ليبيا معناه تبني دروب الأزمة السورية، فيكون حفتر رجل روسيا ولا ضير من هدم البيوت وتشريد السكان وحرق الأخضر واليابس، فحفتر بدعم إقليمي إستطاع تدمير بنغازي، فلا غرو أنه بدعم روسي أن يكون مدمرا لليبيا جمعاء.

من الواضح أن بطانة المجلس الرئاسي أرادت ان تسجل نقاط للداخل والخارج مفادها أن حفتر ومن يقف وراءه أس المشكلة ودروة سنامها، وكان من الأجدى إحراج رئيس مجلس النواب الذي أعطى له الحق في العبث بمقدرات الشعب الليبي بعد تشتيت أعضاء المجلس بين مقاطع وآخر في إجازة مفتوحة في شليهات شرم الشيخ والغردقة.

بالمقابل السراج ليس له قواعد شعبية كبيرة لا في الغرب ولا في الشرق الليبي ولكن له دعم دولي غير محدود، وتنازله عن بنود الإتفاق (بالموافقة على متطلبات حفتر وعقيلة) سيؤدي إلى إنهيار المجلس الرئاسي. بل أن محاولة إجتماعه مع حفتر والإعتراف به جعل الكثير من القوات الداعمة له تنخرط في مشروع الحرس الوطني وتنأى بنفسها عنه.

لقد آن الأوان لآعضاء مجلس النواب الرافضين لقيادة برلمان طبرق أن يجتمعوا ويشكلوا قيادة جديدة تقوم بتعديل الإعلام الدستوري وتحدد مع مجلس الدولة خارطة طريق جديدة لا تزيد عن عام كمرحلة إنتقالية تنتهي بإنتخاب رئيس دولة وبرلمان جديد، ولا خوف من أوهام الفيدراليين والقبليين في شرق البلاد وغربها  الذين عثوا في الارض فسادا، فالشرق الليبي له رجال صناديد غير الذين يتصدون المنابر الإعلامية الحالية، فالشرق الليبي ليس هو عقيلة والعريبي والميهوب والدغاري وحفتر كما يعتقد البعض، ومن يتذكر أحمد الزبير السنوسي زعيم برقة الذى تصدر الإعلام قبل سنوات قليلة، ويصدق فيهم قول الله تعالى:  وَقِيلَ الْيَوْم نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّار وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا