طرابلس في الحضن والمخبول إلى العدم - عين ليبيا

من إعداد: حسن اونيس

ها قد عادت طرابلس إلى حضن الوطن وعاد أريج زهرها الفوّاح يضوع في أرجائها ووشم الحناء يظهر جليّاً على جدران مبانيها العتيقة ويتسلق نخلها الباسق على امتداد شاطئها الساحر الخلّاب، استردت “عروس البحر” رونقها وعمّت البهجة أحيائها وتعالت الزغاريد في أزقتها وشوارعها إعلاناً لمهرجان الفرح بعد أن تخلصت من أرذان فلول الجنرال المخبول التي لاذت بالفرار إمام اكتساح أبطال “بركان الغضب” الأشاوس لمعاقلها المهترئة وثكناتها الهشة وتهاوت جموعها الواهمة أمام الضربات القاصمة لعشّاق الوطن الذين آلوا على أنفسهم أن يطاردوا سقط المتاع من أتباع ذلك الانقلابي الأفّاق وتطرده وزمرته المرتزقة لا من “ترهونة” فحسب بل من كل شبر دنّسته حوافرهم العطنة من ثرانا الطاهر.

لقد كُنّا نراهن على عزم الرجال وشجاعة الأبطال منذ اللحظة التي هاجم فيها ذلك الأخرق المهووس بالسلطة مدينة الزهر والحناء لأننا نعلم يقيناً أن الحق يعلو ولا يُعلى عليه وأن أضغاث أحلام ذلك العرديد لن تتجاوز موضع قدمه فهؤلاء الصناديد يتكئون على تاريخ نضالي مُشرِّف مليء بالتضحيات الجسام لا يمكن أن تخذلنا وقائعه التي شهد بها القاصي والداني والتي حُفِرت في ذاكرة الزمن عبر مئات السنين.

وهكذا صدق أبطال بركان الغضب ما عاهدونا عليه وأوفوا بوعدهم الذي قطعوه على أنفسهم وهاهم يزيحون الغُمّة عن كاهل العاصمة بعد عام من الآنين لتعود “طرابلس الآبيّة” ترفلُ بهيّة في حضن الوطن وينتشي أحبائها حبوراً بعودة “أم السرايا” بعد أن تخلصت من الكابوس الجاثم على صدرها وانتهى إلى مزبلة التاريخ حلم عسكرة الدولة واستنساخ نظام القمع والاستبداد وعبادة الفرد وحكم الأسرة والعشيرة.

لقد كُنّا على بعد خطوات من التأسيس لبناء الدولة المدنيّة التي تحتكم إلى القانون وينظم شئونها الدستور لكن ذلك الانقلابي المهووس بالسلطة الذي يعيش في الماضي السحيق أبى إلّا أن يُفسِد على الحالمين بالعدالة والسلم وحق العيش بسلام فرحتهم وأن ينغص عليهم حياتهم ويغوي بعض التُبّع والمأجورين لتحقيق حلم لن يطاله حتى وإن قدر له أن يحيا عمراً جديداً.

تحية لأبطالنا الصناديد مع الدعاء بأن يمن الحق تبارك وتعالى بالشفاء العاجل للمصابين منهم وأن يشمل شهداء الواجب بكريم عطفه وعظيم سجاياه ليتبوؤا مقاعدهم صحبة الأنبياء والرسل ولا نامت أعين الجبناء .



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا