طرابلس لمن يريد أن يفهم - عين ليبيا

من إعداد: عبدالرزاق الداهش

من منّا وقفت طرابلس في وجهه، وسألته عن قبيلته، أو بلدته، أو فصيلة دمه، أو فصيلة حبره؟.

هل من أحد منعته طرابلس من أن يكون واحد منها، ينتسب إلى ليمونها، وعشبها، وبراحها؟.

طرابلس للجميع ليست لافتة مكتوب في شارع عشرة، أو على حافلة في طريق الشط، ولكنها موجودة أمام عتبة كل بيت، وعتبة كل جامع، وعتبة كل قلب، ولكن لمن يفتح عيون قلبه.

طرابلس مدينة مفتوحة، لا تعرف الأبواب المغلقة، ولا تعرف النوافذ المغلفة، ولا تعرف الرؤوس المسدودة.

لا ترفض طرابلس أن يكون القادم من القطرون طرابلسيا، أو أن يكون القادم من تازربوا طرابلسيا، أو أن يكون القادم من العوينات طرابلسيا، ولا ترفض أي قادم من أي ليبيا لأنها ليبيا.

طرابلس هي ليبيا، لأن كل القبائل الليبية فيها، وكل العرقيات الليبية فيها، وكل المزاجات الليبية.

وأن تكون طرابلس بمقاس الجميع، فهذا ليس عيبها، بل أنه عيبنا نحن الذي نريد طرابلس على قد فراشنا القبلي، وفراشنا العشائري، وفراشنا العرقي.

مشكلتنا أننا لا ننتسب إلى طرابلس حضاريا، وتاريخيا.

طرابلس تعيش في زمن المكعبات الزجاجية، ونحن مازلنا نخوض حواراتنا بالحجارة، الطوب.

طرابلس تعيش في زمن المربعات الخضراء، ونحن مازلنا نركل اشجار الزهر والحنة بالأحذية العسكرية، والعربات المجنزرة.

طرابلس تعيش زمن الجيل الخامس، والرقم الوطني، جمعيات المحيط، ونحن مازلنا ننصب خيامنا في شارع الرشيد حتى لحفلات الختان.

كلنا نختار رقم لوحة طرابلس لسياراتنا، وندعي أننا من سكان المدينة القديمة، وسوق الجمعة، لنحتمي بحياد هذه المدينة التي هي ارقى من حروبنا، ثم نعلن عليها الحرب.

في الحقيقة نحن نحارب ليبيا في طرابلس، والحلم الليبي في طرابلس، ولكنها ستنتصر لكل ما هو جميل.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا