تناقلت قنوات التلفزيون المحلية والدولية دعوة السيد العقيد المسماري المتحدث الرسمي باسم قوات الكرامة في المنطقة الشرقية روسيا للتدخل في ليبيا كما فعلت في سوريا، والسيد المسماري في اعتقادي كان يتكلم باسم الجبهة الشرقية في المعادلة السياسية في ليبيا وهم ( الجيش ، والبرلمان ، والحكومة المؤقتة ). وإن جاءت هذه الدعوة متأخرة فأنا أعتبرها تعكس واقعية سياسية في ضوء التجربة العملية للمشكل الليبي ؛ وتعكس كذلك شجاعة أدبية في الاقرار بأن المسألة الليبية في مأزق ، وأن الأبواب أمام الحل المحلي موصدة لأسباب عديدة، وأن ليبيا خارت قواها أمام الأعداء الذين خرجوا من كل مغارة يريد سحق عظامها بعد أن نهشوا لحمها.
وكذلك أقول أن السيد المسماري وصحبه قد جانبهم الصواب حينما نظروا من زاوية من اعتقدوا بأنه حليفهم وهي روسيا خير من يخرج ليبيا من كبوتها. فصار ينطبق عليهم المثل الذي يقول ( كالمستجير من الرمضاء بالنار ). إن ما عملته روسيا على الساحة الدولية عموما وعلى الساحة الاسلامية خصوصا هو من أوسخ التجارب والتآمر على الحليف قبل العدو منذ فجر التاريخ. اقرأوا ماذا فعل الروس بالمسلمين ( وهو موضوع همومنا ) في البلاد الاسلامية منذ فجر الاسلام وحتى اليوم. من حطّم الممالك الاسلامية في آسيا الوسطى منذ القرن السادس الميلادي وحتى انهيار الخلافة العثمانية الاسلامية !!. من حارب الاسلام ونكّل بالمسلمين في عهد الاتحاد السوفيتي وحتى الآن !!. من هدم سوريا فقط لاشباع نهمها في محاربة الاسلام ومن أجل عيون الأجرب العلوي النصيري وعشيرته التي تكفر بالاسلام أكثر من يهود السامرة !!. من ورّط العرب في هزيمة 1967م ومكّن اسرائيل من الاستيلاء على كامل فلسطين وزيادة ؛ وأخضع لها تيجان الحكام العرب ومثقفيهم الملحدين والمنافقين وجعلتهم يتسابقون الى موائد المفكرين اليهود ومؤتمرات الدعوة الى الصلح والحج الى اسرائيل. أليست هي روسيا !!. ألم تكن روسيا هي أول دولة تعترف بالكيان الصهيوني عام 1948م بعد عشر دقائق من أعلان دولة اسرائيل !!. من هي الدولة التي زودت اسرائيل بأكبر نسبة من المهاجرين اليهود المؤهلين علميا وتقنيا لتقوية الدولة العبرية بالسكان والخبراء. أليست هي روسيا !!. …… الخ الخ . والتاريخ حافل بالشواهد والتجارب.
ألأفضل للساسة والمؤثرين اليوم على مسرح أحداث ليبيا أن يطلبوا من الأمم المتحدة وضع ليبيا تحت الوصاية الدولية. أي ؛ أن تختار الأمم المتحدة دولة راغبة وقادرة لتحكم ليبيا حكما مباشرا عشر سنوات تحت اشراف ومتابعة الأمم المتحدة. حيث تقوم هذه الدولة بفرض ارادة المجتمع الدولي التوافقية بتكوين حكومة ، ومؤسسات حكومية كاملة ، وتعلّم الشعب على ادارة نفسه ، وادارة اقتصاده ، واحترام القانون ، … الخ من وظائف الحكومة المتحضرة والديموقراطية. وبعد انتهاء فترة العشر سنوات يتم تسليم البلاد الى سلطة ليبية شرعية ، ودستور متحضر ، ومؤسسات قوية. أليس هذا ما فعلته الأمم المتحدة عندما وضعت ليبيا 8 سنوات تحت الوصاية الدولية وتكليف بريطانيا بحكم البلاد حتى اعلان الاستقلال عام 1952م. من وضع دستور 1951م ؟ …انها بريطانيا. من مكّن الملك إدريس السنوسي من حكم ليبيا…. انها بريطانيا. من وضع أول ميزانية ليبية في عهد المملكة ودعّمها بالهبات …. انها بريطانيا. وطبعا كان كل ذلك باشراف الامم المتحدة.
فلماذا نخجل اليوم من أن نقول للعالم أننا لازلنا أطفالا في السياسة ؛ وأننا لازلنا شعبا غير متجانس بل متكون من رقاعات ؛ وأننا لازلنا مستعدين أن نقتل بعضنا من أجل أن يفوز أحدنا بالخبزة كلها وأننا غير مستعدين لاقتسامها. ولماذا نخجل من أن نقول للعالم بأننا ندعو غيرنا الى الاسلام أما نحن فلسنا مسلمين صادقين. وأننا نحج الى مكة ومع ذلك فنحن نرتكب كل الموبقات التي حرّمها الاسلام. فاذا كان الأوربي المسيحي يشرب 100 مل من الخمر في اليوم فنحن يحتسي الواحد منا الزجاجة كلها في جلسة واحدة.
أنا أقول هذا لأن معرفة الذات لازمة لتصحيح النفس قبل اختيار من يحكمنا … روسيا أو اسرائيل كما ينادي البعض. أنا أقول هذا لأن تشخيص الداء بأمانة ومصداقية هو الطريق الى الدواء. أنا أقول هذا لكي نتوقف عن ( ببي الأطفال ) بأن نستحي من الله ومن أنفسنا فنتوقف عن رمي التهم جزافا على قطر وتركيا وايطاليا وبريطانيا وفرنسا ؛ على الرغم من أننا نحن العازفون ونحن الراقصون.
الم تأخذوا عبرة من صلح الحديبية؟. ألم تأخذوا عبرة من معاهدة الرسول الأكرم عليه صلوات الله وسلامه مع يهود المدينة؟. ألم تأخذوا عبرة من احتضان الرسول لأبي سفيان وهند؟. ألم تتفكروا احتضان الرسول لوحشي قاتل عمه وناصره حمزة عبد المطلب ؟. فاتقوا الله في اخوانكم المسلمين ، وفي بلادكم التي ارتوت بدماء الشهداء الأبرار منذ صارت اسلامية ضد أعداء الاسلام واقربها زمانا ضد الطليان ، وضد حكم العمالة والخيانة والبهتان حكم القذافي الذي أهلك الحرث والنسل والبلاد والعباد.
وصدقت جداتنا واجدادنا عندما قالوا ( من لم تعلمه التجارب # فليس له في الدهر صاحب ).