عام جديد كسابقه - عين ليبيا

من إعداد: سالم المعداني

اقبل علينا العام جديد، ربما لن يختلف علينا في وطننا بشئ ، الا مزيدا من العند والكبر ، عند البعض ، والجهل ، وامراض العنصرية والقبلية ، عند آخرين.

فمن قال ان القذافي انتهي يوم موته ، فقد ادركه العمي ، فهو يعيش معنا منذ ان مات ، والى ماشاء الله ، عبر اجيال صنعها من الجهلة ، عبر ابنائه واحفاده في تراثه الفكري المتخلف ، فلقد صنع عقولا من حديد لا تفقه قولا ، ولا تستشير عقلا ، وانما اطباق متحركة ، من الحقد وتمني الفناء للجميع ، نعم اربعين عاما صنعت ثقافة الجهل والكذب ، والاستهانة بكل القيم الاخلاق ، فلا يرون القتل خارج القانون جرما عندهم ، ولا يرون سجن الابرياء جريمة نكراء ، نحن اليوم نعاني وكذلك وطننا ، فقد انهار بفعل نظام مريض ، نظام لا يعرف الاخلاق ولا حتي يسمع عنها ، والجميل ان هؤلاء القتلة أول من ذاق نارهم هو صانعهم ، وباني ثقافتهم ، وكم من غثيان يصيبك ، وانت تستمع الى من ينظر للجماهيرية الثانية ، في صلف وكبر وانحطاط ، لن تجد له مثيلا ، وهو الذي سرق مع من سرقوا ، كل ماخف وزنه وغلا سعره ، ليهربوا وليتركوا قائدهم وحيدا ، يواجه غضبة الرب على أيدي من كانوا عندها رجال الثورة ، وقبل ان تتفتح شهيتهم علي المكاسب والمغانم.

عام جديد تتكرر فيه التجارب ، ويصحوا في العقول تراث اربعين عاما من الاستبداد ، ليصحوا فينا الحنين الى الدكتاتور مجددا ، نشتاق الى الامن الداخلي ، ونشتاق الى القائد الصنديد والمهيب ، لنصنع صنما جديدا ، والذي جاءت به ثورة فبراير ، حقا لقد اخطئت فبراير خطأ كارثيا قاتلا ، يوم ان استجلبته الى ارض الوطن ، فمنذ اليوم الأول كان يعتقد انه القائد ، وانه ايضا ملهم ، مثل قائده السابق ، فكان احد مشاكل فبراير ، وقصته مع اللواء عبدالفتاح يعرفها الجميع ، ثم انقلب ليذيع بيانه المضحك المبكي ، والذي لم يعيره الوطنيين أي اهتمام بكل أسف ، ولم يتوقعوا نتائجه ، وتناسوا البيئة التى هرب اليها ، بيئة القبائل التى لا تؤمن بالدولة وانما تؤمن بمكاسبها ومغانمها ، والتى كانت عدوا لفبراير ورجالها منذ الدقيقة الأولى ، الم تذبح الذبائح للرتل الذي زحف ليقيم المشانق لأهل بنغازي ، ألم تكن دائما أداة القذافي لقمع بنغازي وسكانها ، لقد كانوا يحملون حقدا دافعه الشعور بالنقص الدائم تجاه الحضر وثقافتهم.

عام جديد نتذكر فيه ، ولن يكفينا اسماء من كان سببا في موتهم ، وفي ترميل نسائهم ، وتيتيم اطفالهم ، خمسة عشر ألفا من أبناء الوطن ، دفع بهم الى نار حرب بعيدة عن فنون القتال ، فهل يستحق اقتحام حيين ببنغازي هذا العدد من الضحايا ، ولكن لم تكن اعداد الموتي ذات اهمية عنده ، فقد اقنع الرعاع ان ابنائهم ذاهبون الى الجنة ، عبر ثلة المداخلة الفاسدين ، وعليهم تعليق الاضواء ابتهاجا بذلك ، وقد آلت نساء بعضهم الى ممارسة البغاء للصرف على الايتام ، وآل المرضي الى اوجاعهم ، ولا من يهتم بهم ، فقد انقضت الحاجة اليهم ، وصاروا يستجدون و يبحثون عن من يعالجهم ، اما ابناءه فيكفي انشغالهم بما يتغني به بلعيد عن الصنديد ، وباملاكهم واستثماراتهم ، هناك في مملكة الهاشميين ، خاصة بعد غزوة البنك المركزي ببنغازي ، والتى كان شاهد الزور فيها محافظ المركزي الموازي ، والذي يتميز بالخوف من ظله.

قتل الدواعش ببنغازي نعم ، وكانوا موجودين نعم ، وقد اغتالوا ظلما ، اكثر من مائة وخمسون شخصا نعم ، خلال ثلاث سنوات ، بينما تسبب الصنديد في قتل خمسة عشر ألف مواطن ، لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل ، ودمر مدينة بنغازي ونسيجها الاجتماعي ، والتى لم يفعل ويل الحرب العالمية الثانية ذلك بها ، وكأن دمارها خطط مدبرة ، للحاقدين عليها وأهلها ، والذين كانوا ضحية كرمهم لقائدهم ، والذي تحالف مع القوي القبلية الحاقدة عليهم ، والمحيطة بهم ، والتى لا تتميز بشئ اكثر من كراهيتها للدولة ، والقوانين ، وبدأت حربها علي الدولة منذ مطالب الفيدرالية القبلية ، ومسمي الفيدرالية منهم براء ، فقد كانوا همجا يكرهون من يختلف عنهم ، لسانهم يقطر حقدا.

عام جديد ومصراته ايضا يتغلل فيها الفاسدين ، اصحاب الثروات من اتباع القذافي ، لكي يضعوا مصراته في صورة غير صورتها الحقيقية ، بتصرفات لا تتناسب بمن صنع الثورة ، نعم مصراته تخوض المخاض لتتخلص من آفات لحقت بثوبها ، فهل سيكفيها عام لتمسح مالحق بها.

عام جديد والصراع بين امعيتيق وجماعته في صف ، والسراج ومازن رمضان في صف آخر ، والمجبري والقطراني ، واللصوص باسم حقوق برقة في صف ثاني ، وصوان وجنده في صف آخر ، ولا تنتهي الصفوف ، ولكن أكثرها قوة وثبات ، صف الصديق الكبير ، فهو صف أقوي من الجميع . عام جديد مع المليشيات ، زمرة اللصوص المتسترين بالدين او بدونه ، ومع آلاف يتقاضون مرتباتهم كمتعاونين ، من السفارة الإيطالية ، سخاء وحبا وكرما من روما.

عام جديد و الصلابي وجماعته ومن يمثلون في صف وحفتر والمصريين والامارات صف عاشر.

عام أخر والامم المتحدة لا تعلم ما تريد ولا تدرك ما تفعل… عام جديد ونحن نعايش عقيلة صالح ،والمشري ، والثني وسعادة رئيس الوزراء الايطالى ، يجوب الوطن متي شاء وكيف شاء.

عام آخر سنسمع صحفيين ومحللين سياسيين ، تقطر السنتهم فتن وكذب ودجل ، منهم من ترعرعوا هناك في جبال افغانستان ، ثم اكملوا دراستهم عند المخابرات الدولية.

عام آخر من تغريدات شمام وقنواته الامارتية ، وجمعة القماطي وسفاسف قوله ، وعبدالقيوم والمصراتي وتفاهات نجم.

عام جديد لن يأتي بأي جديد ، بالرغم من ثقتنا بالله ان تحدث المعجزة ، و بالرغم من الدماء التى سكبت يبدوا أن صراعا وخلافا واحدا لم ينتهي ، وسنستمر في دفع الدماء ، فمن في يديه المدافع والقنابل لازال في مواقعه ، لم يتحرك وان بدل البعض مواقعهم.

عام كسابقه لا يبشر الا بالويل وعظائم الأمور ، ولكننا نعلم أن هناك ربا عظيما قادرا نستجير به ، من هذه العصابات التى استوطنت وطننا ، وتحرق الاخضر واليابس لمصالحها ، فلندعوا الرب جميعا فهو ملجئنا ، اما الوطنيين فنقول لهم احلاما سعيدة ، وغطيطا هنيئا.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا