الإذاعة والتلفزيون الليبي زمان - عين ليبيا

من إعداد: عبد السلام الزغيبي

خلال سنوات الخمسينات كان اقتناء جهاز الراديو في بنغازي مقصورا على عدد محدد محدود من عائلات المدينة، بسبب الظروف الإقتصادية التي مرت بها البلاد نتيجة الفقر والعوز واثار الحرب والإحتلال، وكان جهاز الراديو يحتفي بحضوره وله مكانه خاصه بين قطع اثاث البيت كزينه واظهار المكانه الاجتماعيه المميزه للعائلة، حيث  يوضع في مكان مرتفع  بعيدا عن ايدي الأطفال.واتخذت المقاهي المشهوره آلتي يؤمها الرواد أيام زمان، جهاز الراديو، كوسيلة جذب للزبائن، من رواد الاسواق واصحاب المحلات (الدكاكين) باعتباره أول وسيلة ترفية وتواصل مع العالم.

وكان هناك بعض الرجال الذين يمانعون في ادخال جهاز الراديو لبيوتهم خشية سماع اهل البيت من النساء للاغاني في حضورهم. ولذالك، كان من ليس بمقدورهم شراء جهاز راديو، الذهاب  إلى المقاهي لتناول المشروبات المختلفه  والاستماع آلى البرامج ووالأغاني ومتابعة الأخبار. بل كان الكثير من الزبائن يجلسون في المقهى لساعات طويلة ليسمعوا آخر الأخبار، باعتبار الراديو سبيلهم الوحيد لمعرفة ماذا يدور في العالم حولهم، ثم سرعان ما نشر الجهاز الوعي بين الناس، وزالت الخشية بين بعض الافراد  وتوفر الراديو بجميع اشكاله واستعمالاته في البيوت، وشيئا فشئيا ظهر جهاز التلفزيون الابيض والاسود، وكان شكله كبير الحجم وخشبى الاطار ولة اربعة ارجل صغيرة، يقف عليها، و يشبه الصندوق الكبير، وله باب يقفل على الشاشة عن طريق سحاب من خشب فى مقدمة الشاشة. وكان من عادة الاسر الليبية وضع الزينه والمزهريات فوق التلفزيون. . لاظهار مكانته ونوعيته، والتباهي بامتلاكه.

ومع ظهور التلفزيون تغيرت بعض مظاهر السهر بالليل وتمضية الوقت في بنغازي، مع بدء أول بث مرئي مباشر في يوم 24 ديسمبر من العام 1968.بظهور مباشر للمذيعين امام المشاهدين وكانت المفاجئة التي كانت مثار الحكايات، والنميمه بين الناس، في ظهور أول مذيعة ليبية على شاشة التلفزيون الليبي وهي السيدة عايدة الكبتي..رفقة بقية المذيعات اللاتي توالي اطلالهن علي المشاهدين المتسمرين امام الشاشه.

كان التلفزيون يبدأ برامجه كالعادة، بالنشيد الوطني، ثم آيات من القرآن الكريم يتلوها نخبه من المقرئين المشاهير كالمقرئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ثم تتوالى البرامج ووالاخبار وبعض المنوعات حتى موعد انتهاء البث قبل منتصف الليل وهى عبارة عن قناة واحدةفي بداية تجارب البث   ثم أضيفت قناة اخري بعد ان توسعت التجربه، فاصبحت اذان و عيون الجميع مصوبة نحو الشاشه. وكانت ساعات بث التلفزيون الليبي قليله في اليوم، لان الامكانيات كانت محدودة، حيث يوجد استوديو واحد فقط للتلفزيون، تقدم منه نشرات الأخبار مباشرة على الهواء وتسجل فيه كل الأغاني والبرامج الاجتماعية والسياسية والتمثيليات الدرامية والرياضية والدينية، وكذلك إجراء اللقاءات التلفزيونية.

كان هناك مذيعات ومذيعين الربط، وومذيعين ومذيعات نشرات الأخبار، واخرين واخريات لاعداد وتقديم البرامج التلفزيونية، يملكون الى جانب الموهبة اجادة اللغة والثقافة، والصوت الجميل، و الالقاء، والمظهر المحترم… من هؤلاء الساده الاستاذ المتميز عبد الفتاح الوسيع الذي تولي في بداية التجارب من اذاعة بنغازي مسئولية ادارة القناة اضافه لتقديمه لبرامجه التي قدمها في التلفزيون مثل برنامج (نوافذ)، ثم (العالم يبدأ غدا)، (والعالم في الحرب)، وقراة نشرات الاخبار والتقارير الاخباريه كذالك الاستاذ يونس نجم الذي يعتبر أول من قام بتقديم أول برنامج رياضي في التلفزيون الليبي، بمشاركة فتحي سويري، احمد الرويعى، علي الماطوني، محمد بالرأس علي، عياد الزوي، محمد علي الورفلي، والمذيعة سعاد ابوشيبة، والتي تعتبر أول مقدمة للبرامج الرياضية. والمذيعة نورية على القديري، التي كانت تقدم برنامج يعد من انجح البرامج التلفزيونية وهو (البيت السعيد)، ومذيعة الربط ليلي سحيم، و المذيعة سالمة الحمري، وبرنامجها الشهير (فرح الأسبوع) ومذيعة الربط فتحية العمامي، والمذيعة نبوية بن صريتي، والمذيع والممثل ومقدم البرامج علي احمد سالم، ومسلسله الشهير (محكمه الشعراء)، والمذيع عبد اللطيف سالم، وبلقاسم بن داده وطاهر رحومه،ومحمد المطماطي.

ومن المخرجين، اتذكر حسن التركي، خالد عيسى، عبد الباسط البدري، خليفة كريم، وعمران راغب المدنيني، والهادي راشد، و المخرج محمد نجم، الذي قام بإخراج مسلسلات مثل: نوادر القضاء – مواقف خالدة، وفتحي العريبي الذي قدم مجموعة من البرامج الفنيه والمشاهد الثقافيه والمتخصصه المميزه منها: (ألوان، أغاني الحياة، قوس قزح، ابعاد مرئية، سهرة عربية، برامج للأطفال، ظلال وألوان). ومخرجين اخرين من امثال، محمد البرغثي، جمعة عبشة، فرج المذبل، على المصراتي، احمد البشاري، محمود الزردومي وتخصص في المسلسلات، مفتاح الهمالي، عياد مكائيل، محمد حفتر وتخصص في البرامج الرياضية، محمد بوجاجه، صالح بويصير، صالح الجحاوى، محمد بن عروس، الصادق بوعامود، محمد بوفانه، اضافه لمجموعه من المخرجين المخضرمين العرب من العراق وسوريا ومصر، قدموا للعمل و لتقديم خبراتهم في التلفزيون الليبي.

ومع برامج التلفزيون الليبي، بدأ الناس في متابعة المسلسلات العربية والأجنبية المميزة التي كان يعرضها التلفزيون الليبي، والتي شدت انتباه الناس في تلك الفترة، وحيث ان بعض من العائلات، كانت لا تملك جهاز تلفزيون في البيت، لارتفاع سعره في ذاك الوقت، كانوا يذهبون لمشاهدة التلفزيون عند الجيران او لدي الاقارب اثناء الزيارات   المتبادله، لمتابعة روائع التلفزيون المصري في الستينات، وكان أهمها ثلاثية الساقية من تأليف عبد المنعم الصاوي وهي مسلسل الضحية، بطولة زيزي مصطفى التي جسدت شخصية (تفيده)، وصلاح السعدني الذي جسد دور (ابو المكارم) والرحيل والنصيب، وهارب من الأيام بطولة عبدالله غيث الذي جسد دور (كمال الطبال) والمسلسل الامريكي الهارب، بطولة ريتشارد كمبل، الذي تعاطف معه جميع المشاهدين لانه كان برئ من تهمة قتل زوجته، ومسلسل فيوري (الحصان) ومسلسل القديس، بطولة روجر مور، ومسلسل مقالب غوار، صح النوم، ومسلسل “فارس بني عياد”، من بطولة احسان صادق و سميرة بارودي، ومسلسلات لبنانية  مثل مسلسل الامانة لرشيد علامه ومسلسلات سورية تاريخية.

والتمثيليات والمسلسلات الليبية، التي شارك فيها، محمد السوكني، وفتحي بدر،  واتذكر المسلسل الذي كتبه  الراحل عبد الحميد الباح بعنوان( دعوني اعيش)، وشارك بالتمثيل فيه، سالم العمامي ومنصور الزغيبي، ومسلسلات وتمثيليات اخرى شارك فيها عدد اعضاء الفرق المسرحيه انذاك، المسرح الشعبي والمسرح العام والمسرح العربي والشباب والوطني  كمسلسل (الاستاذ ) الذي عرض في بداية افتتاح التلفزيون الليبي، ومسلسل «القضية»، بطولة، مصطفى المصراتي وفاطمة عمر وعبدالله الريشي وعلي القبلاوي، ومسلسل الهاربة، بطولة حميد الخوجه وزهرة مصباح، ومسلسل منزل للبيع، بطولة محمد الساحلي ومحمد الغزيوي والبهلول الدهماني،  والمسلسل الشهير (عيلة دردنو) بطولة محمد الكور، والتمثيلية الاجتماعية “مكتب مفتوح”، للفنانين على العريبى (عرفي) ورجب اسماعيل (حش)، ومسلسلات وتمثيليات، عبد الرازق بن نعسان (الحاج) ومحمد الكور (بنور)، والعجيلي وقزقيزه، وتمثيليات محمد شرف الدين ومختار الاسود، حميده الخوجه  وسعاد الحداد وخدوجه صبري، وزهرة مصباح، وفتحي كحلول، وسعد الجازوي، وصلاح الشيخي، وابراهيم الخمسي، وكاريمان جبر،عياد الزليطني،وغيرهم.

وكان الجميع يتسمر امام شاشة الضيف الجديد الذي اقتحم حياتهم، ينتظرون ساعة انطلاق البث لمتابعة برامجه التي كانت منوعة وهادفة مثل برامج الرسوم المتحركة للاطفال، مثل مسلسل سندباد والاشرطة العلمية والافلام الوثائقية، مثل برنامج حول العالم ومن هنا وهناك وعالم البحار والبرامج الاجتماعية والبرامج الرياضية، ونقل المباريات والمعلق الرياضي محمد بالراس علي، واغاني للمناسبات الدينية مثل اغاني محمد الكحلاوي، والاجتماعية واغاني وبرامج خاصة بالاطفال. مثل برنامج ركن الاطفال الذي كان يقدمه (حموده الوحيشي)، واغنية محمد السوكني الشهيرة مع الاطفال (هات الشنطة تعال وريني)، واغنيات اخرى مثل “شارعنا زمان”، و “يا قطوسه طبعك غدار”، وغيرها. وفي ليلة العيد كنا نستمتع بمشادة اغاني بالمناسبة مثل اغنية “الليلة عيد” لكوكب الشرق، واغنية “صوت السهارى: للفنان عوض الدوخي وايضا لناظم الغزالي، نستمع الى اغنية” اي شئ في العيد “، واغنية” يا عزيز عليا مبروك عيدك “، من اداء محمد مختار، واغنية الراحل احمد سامي “معيدين وديما عيد”.

ومن اغنيات المطربين الليبيين الرواد التي عاشت في الوجدان، وكنا نشاهدها على شاشة التلفزيون الليبي، فرقة المألوف والموشحات، بقيادة حسن عريبي، والفنان محمود كريم واغنيته الشهيرة “تعيشي يا بلدي” ومحمد رشيد، واغنيته “القلب ما ينساكم” ومحمد صدقي، والاغنية التي عاشت في الوجدان “طيرين في عش الوفا”، وعبد الوهاب يوسف، واغنيته “من حيرته بكاني” وسلام قدري، واغنيته “سافر مازال”، ومحمود الشريف، واغنيته التي ستبقى في الذاكرة “يا بيت العايلة” وخالد سعيد، واغنية “خلوه يسلم خلوه” ونوري كمال، واغنيته الخالدة “ذوقي الشوق”، ونوشي خليل واغنيته الشهيرة “حبيب خاطر”، وكذلك اغاني محمد مرشان، واغنية “والجوبه بعيده”، وشادي الجبل، واغنية “ماضي زال”، واحمد كامل واغنية “في عيونك حكاية”، واحمد سامي واغنية “طوالي مروح طوالي”، عبد اللطيف حويل واغنية “الوفاء يا ريدي”، راسم فخري “من القلب والا العين”، ومحمد الكعبازي واغنيته “الله يسامحك” ومحمد السيليني “حكى بكاني” ومحمد الحمري “سيلي كان الدمع يرده” وسالم بن زابيه واغنية “دارن لنظار”، شادي الجبل واغنيته “حبك برد ما عاد توقد ناره”، وعلي الشعالية واغنية “نور عيون”، وعلي القبرون، واغنية” وين عدى وين “ومحمد مختار، واغنية “ليش دمعتك”، وعطية محسن، وأغنية “ما تحكيلي”، وعادل عبد المجيد وابراهيم فهمي، وسالم زايد، مقدر جرا مكتوب “وابراهيم حفظي، وعمر المخزومي، اشقيت في غيابه، محمد حسن لا تبعدوا عني ولا تفارقوني”،وابراهيم حفظي “عيوني سهارة”، وغيرها من الاغاني التي سكنت في وجدان الناس.

واغاني مطربين عرب، من امثال ام كلثوم وفيروز وفريد ​​الاطرش وعبد الحليم وعبد المطلب وشادية ونجاة الصغيرة، ومحمد رشدي ومحمد طه، اسمهان، هيام ونزهة يونس وسميرة توفيق، ومحمد عبد المطلب، ووديع الصافي وصباح، محمد عبده، طلال المداح، سيد مكاوي، ليلي مراد، محمد فوزي، واشتهرت اغاني مطربين عرب مثل سعدون الجابر وأغنية “هلك وين يا نجوى”، ناظم الغزالي “عيرتني بالشيب”، ونجاح سلام واغنية “ميل يا اغزيل”. واغاني المطربات العربيات، اللواتي تغنن بالحان وكلمات ليبية، مثل نازك اللبنانية واغنية “ريدي كان”، وسلاف التونسية واغنية “ريدي الغالي” ونعمه التونسية واغنيتها “قمري يا مه”، والثلاثي المرح، واغنيتهن الشهيرة “يالعنب..ويالعنب، الله يبارك ع الدالية “، وهيام يونس” زين الحبايب “و” ياغالي نبيك “، وعليا” بيناتكم يا ساكنين الحاره “، وهناء الصافي” لو كان كلمة اه “وشريفة ماهر” جيتي وجيتينا”.

والى جانب كل هذا كنا نشاهد مسرحيات كوميدية هادفة مثل مسرحية الا خمسة، بطولة، عادل خيرى ومارى منيب ونجوى سالم وهدى زايد، ومسرحية السكرتير الفني بطولة، فؤاد المهندس وشويكار وعبد الوارث عسر، ومسرحية حواء الساعة 12 بطولة،  فؤاد المهندس – شويكار – عبدالله فرغلى – زهرة العلا، ومسرحية انا وهو وهي، بطولة، فؤاد المهندس – شويكار – عادل امام – سلامه إلياس – توفيق الدقن، ومسرحية سيدتي الجميلة بطولة، فؤاد المندس وشويكار، وعادل امام، ومسرحية حلمك يا شيخ علام، بطولة امين الهنيدي، عقيلة راتب وسلام الياس، ومسرحية نمرة 2 يكسب، بطولة المدبولي ومحمد عوش وخيرية احمد، ومسرحية اصل وصورة، بطولة المدبولي ومحمد عوض وميمي جمال، ومسرحيات عبد المنعم ابراهيم وغيرها ​​من المسرحيات.. الى جانب المسرحيات الليبية التي كان التلفزيون الليبي يعرضها بين الفينة والاخرى، مثل مسرحيات، ثورة العبيد للمسرح العربي ومسرحية البيت الحرام وفي سبيل الحرية من اخراج الراحل عمر الحريري للمسرح الشعبي، ومسرحية الشقة جوها هلها للمسرح العام، وهي من تايف محمد ادريس واخراج علي بحيري، وبطولة منصور الزغيبي، بثينة خالد، سونيا رجب، سالم العمامي، محمد الشريف، المرحوم احمد التومي، ابراهيم طاهر، علي الفارسي، علي دغمان. المسرحية صورت للتلفزيون الليبي وكانت تعرض في كل مناسبة لعيد الجلاء. ومسرحية المشروع، من بطولة سعد الجازوي وعامر الجدي، بطولة الفنان محمد شرف الدين ومختار الاسود، ولطفي بن موسى.

وأغاني المناسبات الدينية، في قدوم شهر رمضان، مثلا، كنا نشاهد، أغنية رمضان جانا وافرحنا بيه، محمد عبد المطلب، وأغنية مرحب شهر الصوم، محمد فوزي، وأغنية وحوي يا وحوي، وفي ختامه نستمع الى أغنية “والله لسه بدري يا شهر الصيام”، شريفة فاضل. ونشاهد ايضا في كل عيد اغنية “الليلة عيد” وهي اغنية تونسية واغنية صوت السهارى لعوض الدوخي وايضا لناظم الغزالي، اغنية “اي شئ في العيد”، واغنية “يا عزيز عليا مبروك عيدك”، من اداء محمد مختار، واغنية الراحل احمد سامي “معيدين وديما عيد”. كان التلفزيون الليبي في نهاية الستينيات والسبعينيات، وسيلة للتثقيف والترفيه والتربية وتنظيم الوقت في ذلك الزمن الممتع من عمر المجتمع، ذكريات تعبر عن عبق الماضي الجميل بكل أيامه ولياليه الممتعة.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا