عقوبات أمريكية جديدة على السودان… وتدفق الأسلحة يعزز قبضة «الدعم السريع» - عين ليبيا

دخلت العقوبات الأميركية على السودان حيز التنفيذ رسمياً يوم الخميس 26 يونيو 2025، بعد إعلان سابق في 22 مايو يقضي بفرض إجراءات صارمة على حكومة السودان، على خلفية اتهامات باستخدام أسلحة كيميائية في الصراع المستمر ضد قوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في إخطار نُشر بالجريدة الرسمية إن الحكومة السودانية “انتهكت القانون الدولي باستخدام أسلحة كيميائية ضد مواطنيها”، مشيرة إلى أن القرار يستند إلى قانون مكافحة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لعام 1991.

وتتضمن العقوبات الأميركية الجديدة: وقف كافة المساعدات غير الإنسانية إلى الحكومة السودانية، حظر مبيعات الأسلحة وتمويلها، حرمان السودان من القروض والدعم المالي من المؤسسات الأميركية، حظر تصدير السلع والتكنولوجيا ذات الحساسية للأمن القومي الأميركي، كما شملت العقوبات قيوداً على التصدير والاستيراد، مع استثناءات محدودة تتعلق بالأمن القومي الأميركي، والمساعدات الإنسانية، وسلامة الطيران المدني.

وأكدت الخارجية الأميركية أن العقوبات ستظل سارية لمدة عام على الأقل، مع إمكانية التمديد، بينما ستتولى الجهات الفيدرالية المختصة تنفيذ بنود القرار.

تفاصيل العقوبات

* وقف جميع المعونات غير الإنسانية.

* حظر مبيعات الأسلحة والتقنيات ذات الاستخدام المزدوج.

* تعليق دعم الصادرات وحرمان السودان من الائتمان الأميركي.

* استثناء وحيد: صادرات الغذاء والسلع الزراعية.

* كما ينص القانون على إمكانية فرض عقوبات إضافية خلال 90 يوماً، إذا لم تستجب السلطات السودانية لشروط محددة، وتشمل: الاعتراض على قروض السودان من البنك الدولي وصندوق النقد، تعليق أو تقليص التمثيل الدبلوماسي الأميركي في السودان، منع الخطوط الجوية السودانية من دخول الأجواء الأميركية.

وفي سياق متصل، كانت حكومة السودان قد أعلنت أواخر مايو تشكيل لجنة وطنية تضم وزارتي الخارجية والدفاع وجهاز المخابرات العامة للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية، ونفت الحكومة السودانية والجيش الاتهامات الأميركية، مؤكدة التزامها باتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.

وفي تطور ميداني متصل، كشفت مصادر عسكرية سودانية أن قوات الدعم السريع تسلمت دفعة جديدة من الأسلحة تم نقلها عبر المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر.

وأوضحت المصادر أن هذه الدفعة قد تتضمن مضادات طيران وأجهزة تشويش وصواريخ لاعتراض الطائرات المسيّرة، مشيرة إلى تزامنها مع ظهور قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) في منطقة بدارفور.

وتشهد عدة جبهات في السودان توتراً متزايداً، لا سيما في مناطق كردفان ودارفور والمثلث الحدودي، وسط تكثيف الحشود العسكرية من الطرفين. وأعلن الجيش السوداني الأربعاء سيطرته الكاملة على منطقة “بالدقو” ومواقع أخرى في إقليم النيل الأزرق، بعد مواجهات عنيفة مع قوات الدعم السريع.

أول جسر جوي للمساعدات الإنسانية يصل دارفور منذ اندلاع النزاع وتحذيرات من مجاعة كارثية

أكدت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، اليوم الجمعة، هبوط أول طائرة مساعدات إنسانية في إقليم دارفور غربي السودان، ضمن جسر جوي ينفّذه الاتحاد الأوروبي لإيصال الإغاثة إلى المناطق المنكوبة.

وأفاد مكتب المنظمة في بروكسل بأن الطائرة التي هبطت هذا الأسبوع تمثل أول رحلة من أصل ثلاث ضمن الجسر الجوي الإنساني الأوروبي، وهي أول رحلة إغاثية تهبط في دارفور منذ اندلاع النزاع في البلاد في 15 أبريل 2023، حين توقفت غالبية المطارات نتيجة الاشتباكات.

وذكرت المنظمة أن الطائرة أوصلت 21 طناً من المساعدات المنقذة للحياة، وجرى توزيعها في مناطق نائية يصعب الوصول إليها، مشيرة إلى أن 35 طناً إضافية من المساعدات في طريقها إلى الإقليم، الذي يُعد من أكثر المناطق تضرراً بالنزاع ويأوي قرابة نصف عدد النازحين داخلياً البالغ عددهم نحو 10 ملايين شخص.

وتأتي هذه الإمدادات وسط تحذيرات دولية متزايدة من تدهور كارثي للأوضاع الإنسانية. فقد كشف مسؤول رفيع في مجموعة العمل الأوروبية المعنية بالشؤون الإنسانية عن وفاة أكثر من 1200 شخص في إقليمي كردفان ودارفور خلال الأشهر الأخيرة بسبب الجوع، نتيجة استمرار القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وصعوبة وصول الإمدادات الغذائية.

ووصف المسؤول الأزمة بأنها “واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية على مستوى العالم حالياً”، محذراً من أن ملايين السودانيين دخلوا “المرحلة الخامسة من المجاعة”، وهي أعلى درجات تصنيف انعدام الأمن الغذائي العالمي.

ورغم المحاولات الإقليمية والدولية المتكررة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، فإن الاشتباكات لا تزال مستمرة منذ أكثر من عام، بعد انهيار الاتفاق الإطاري الذي كان يُفترض أن يمهّد لفترة انتقالية تخرج فيها المؤسسة العسكرية من الحياة السياسية.

وتعمقت الأزمة إثر الخلاف بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بشأن المسؤولية عن تأجيج الصراع وإفشال المرحلة الانتقالية.

ولا تزال أعداد القتلى الإجمالية جراء الحرب غير دقيقة، حيث تشير التقديرات إلى ما بين 20 ألفاً و130 ألف قتيل، في ظل تردي الأوضاع الأمنية وغياب التوثيق المستقل في العديد من المناطق المنكوبة.



جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا