عن الاجتماع بالسفراء - عين ليبيا

من إعداد: عبد الرحمن الشاطر

لم أشعر بثقل الاحباط والتشاؤم في حياتي مثلما شعرت به بعد انتهاء لقاء مع خمسة عشر سفيرا وممثلا لسفارات دول أوربية مقيمة في طرابلس.

كان اللقاء مع مكتب الرئاسة ورؤساء لجان المجلس الأعلى للدولة.

تحدث السفراء والمندوبين أولا من وريقات مقتضبة بصيغ مختلفة اتفقوا فيها على توجيه رسالة محددة ومباشرة لنا في شكل أوامر مفادها ( أمامكم تفاهمات أبوظبي وملتقى وطني جامع عليكم أن تؤيدوهما ).

تكلم رئيس المجلس الأعلى للدولة السيد خالد المشري باستفاضة حيث أبدى الاعتراض على تجاوز الاتفاق السياسي والتغاضي على مشروع الدستور الذي أقرته هيئة منتخبة من الشعب الليبي والغموض الذي يكتنف ما يسمى بتفاهمات أبوظبي واختزال المشهد السياسي الليبي في شخصين اثنين هما موظفين قابلين للعزل من الجسمين التشريعيين المنتخبين بارادة الأمة الليبية مجلسي الدولة والنواب.

تحدث السادة ابراهيم صهد ومحمد تكالة وفتح الله السريري وعبروا عن المخاوف من التكتم المتعمد من الذين شملهم لقاء ابوظبي ، السراج وحفتر وسلامة ما أطلق سيلا من الشكوك في النوايا التي اتفقوا عليها في غياب رأي صاحب الحق ألا وهو الشعب الليبي. طالبوا بمعرفة التفاصيل حول الملتقى الجامع من سيحضره وبأي معايير وما هو جدول أعماله والى أي مدى سوف تمثل مخرجاته ارادة الشعب الليبي في التوافق على تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تتمتع باستقرار دستوري يضمن الحريات وحق المواطنة.

تكلمت أنا وقلت بأنني كنت أتطلع لأن نسمع منكم يا سعادة السفراء تفصيل ما حدث في أبوظبي فهل منكم من لديه من يفيدنا بالتفاصيل والا على ماذا سنتكلم ونتناقش؟

قلت أنه في عام 2016 اجتمعنا بالمبعوث الأممي السابق كوبلر وقلت له بالحرف الواحد: بانني محبط ان لم أكن متشائما هذا الاتفاق السياسي مصيره الفشل بسبب تدخلات فرنسا ومصر والامارات. وقد صدقت رؤيتي وفشل الاتفاق السياسي.

اليوم أدق جرسا وأقول لكم بأننا نرفض الرضوخ للأمر الواقع ولو تم فرضه عن طريق الملتقى الجامع فبلغوا حكوماتكم بأن تبدأ من الآن في تجهيز امدادات الاغاثة الانسانية فان الأمور تدفع بليبيا الى حرب لا تبقي ولا تذر.

ملخص ما حدث في هذا اللقاء المحبط وما استنتجته هو أن الاتحاد الأوروبي يبحث عن حل للاستقرار بليبيا لكن نظرته مشوشة لأنه لا يرى الصورة الكاملة للأسباب التي أدت الى تفاقم الأوضاع في ليبيا ويتغاظى عن التدخلات الخارجية المعلنة و الموثقة في تقرير لجنة مجلس الأمن الدولي وبالتالي فهو يذهب للأخذ بالأمر الواقع وليس بالأمر الذي يفترض أن يكون ويساعدنا على تحقيقه.
هو مثلا يرى الأحداث تسير نحو عسكرة الدولة ولا يعترض علىى ذلك واتضح من لقاء اليوم أنه يباركها ويضغط على المطالبين بالدولة المدنية الديمقراطية أن يستسلموا للعسكر ويقبلوا تفاهمات بين رجلين أحدهما عسكري يملك الاصرار على تولي الحكم مؤيدا بالمال والسلاح والاعلام من دولة الامارات العربية وفرنسا و آخر مدني لا يملك الا الاصرار على أن يبقى في السلطة ولو أدى به الأمر الى أخذ وضع الانبطاح.

خيبة أملي أن دعاة الديمقراطية التي تتبناها دول الغرب هي حصريا لهم وللغير لا مانع من حكم العسكر والقمع.

خيبة أملي أنهم لا يأبهون بتطلعات الشعوب نحوالحرية وبناء دولهم على أسس ديمقراطية سليمة وانما عيونهم على خيرات الشعوب و ثرواتهم.

خيبة أملي أن ما سمعته من كلام من سعادة السفراء يعبر عن رؤيتهم القاصرة واعتقادهم أن هذا الشعب يمكن قيادته كالخراف للزريبة التي يختارونها له.

خيبة أملي أن الغرب الذي ينادي بالديمقراطية وحقوق الانسان وحرية الرأي لا يٌمكّننا من ممارسة الديمقراطية ولا يُمكّننا من معرفة الحقيقة كاملة بكل تفاصيلها ولنا حق القبول أو الرفض . ولا يريد أن يسمعنا وانما يوجه لنا أوامره (أمامكم ملتقى تفاهمات أبوظبي و ملتقى جامع عليكم أن تؤيدوا مخرجاتهما).

أستغرب أن لا يطرح سفراء دول متقدمه الحقيقة وتفاصيلها أمامنا لنناقشها معا ونصل الى نوع من التوافق.

واستهجن اتفاقهم على تأييد تفاهمات ربما هم أنفسهم لا يعلمون دقائق تفاصيلها وبالتالي فهم أدوات ضغط لقبول أمر غامض ومجهول ومحفوف بالمخاطر.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا