فبراير بردا وسلاما على أنصار الدولة المدنية.. وبركان غضب على دعاة الدكتاتورية العسكرية - عين ليبيا

من إعداد: أ.د. فتحي أبوزخار

منذ انبلاج انتفاضة فبراير في 2011 سطعت أنوار الأصوات المنادية بالحرية والعدالة الاجتماعية والطامحة لبناء الدولة الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة وفصل السلطات إلا أنه استمر المتربصون بها من الداخل والخارج وظلوا على أهبة الاستعداد للانقضاض عليها. ومع كل المؤامرات والتخطيط والدعم الذي يتلقاه أعداء فبراير إلا أن هناك معجزة حفظة هذه الانتفاضة من الموت والفناء! فمع أن تدخل الأقدار حق لا نبصره ولكن نراه يتجسد واقعاَ عشناه والدلائل على ذلك نوجزها في الأتي:

  • انتصرت فبراير بالرغم من عفويتها وعدم وجود قيادة مدروسة بل على العكس كان هناك من دُس بهم كقيادات لينحرفوا بمسارها الحر إلى العبودية بصيغة أخرى.. ولا نستغرب انكشاف حقيقة مصطفى عبد الجليل وتكشف عمالته للإمارات العربية متصدرة مشروع الاستبداد لتأمين بؤرة التوتر “إسرائيل”.
  • سيطرت العفوية على أنصار فبراير لسببين: ضعف الخبرة السياسية والمصداقية المفرطة لدرجة السذاجة أحياناً ومع ذلك ما زالت فبراير تشق طريقها نحو بناء الدولة المدنية بثقة وثبات.
  • استنفار أحرار فبراير كلما دعت الحاجة لهم ونجحوا في التصدي لانقلاب 2014 وفي حرب داعش 2016 والانقلاب النذل الحقير الأخير على الشرعية في 4/4/ 2019 ويستمر النضال.
  • مع كل المكايد لبعض الدول وحيل الالتفاف على فبراير إلا أنها ما زالت فبراير تقاوم  بل وبعض أحرار فبراير بات عندهم وعي بتحركات المجتمع الدولي وفهم أفضل للتواصل الدولي.
  • لعبت بعض الدول على التنوع العرقي واللغوي في ليبيا متسترة بحقوق الإنسان ولكن كان الوقت كفيل بفضحها بل توحد جميع المنادين بالحقوق من أمازيغ الشمال والجنوب “الطوارق” وتبو واصطفوا إلى جبهة الدولة المدنية.
  • ظلت صفة التسامح هي السائدة بالرغم من كل الخيانات والطعنات في الظهر التي تلقاها أحرار وحرائر فبراير وأخر الأدلة تصريحات المدعو بوزيد دورده وتأييده لـ”الاكرامة” وخروج بعض مخلفات فكر زريبة الجماهيرية في سرت  التي سمحت بدخول المرتزقة وعصابات الداعشي حفتر  للمدنية.

انتصرت فبراير بتحقيق أهم هدفين:

مهما يتبجح أعداء فبراير بأقاويلهم الزائفة وترهاتهم المكذوبة فإن فبراير انتصرت ولن يعود أحرار ليبيا للقيود وأكبر هدفين شهد لهما العالم واذعن لهما أعداء فبراير قد يختزل في هدفين:

  • كسرت فبراير حاجز الخوف عند الشعب الليبي الذي تراءى للجميع بأنه سيطر على عقول الثوار الأحرار في ليبيا فاستأنفت ثورات الطلاب من جديد وأعيدت الكرة بالهجوم على باب العزيزة معقل الطاغية، وعلا صوت الرافضين لترهات فكر زريبة الجماهيرية.
  • انتهى الدكتاتور الذي تطاول في الطغيان ليصل لتفجير طائرات أمريكية وفرنسية ويقتل شرطية بريطانية ومع ذلك يمول انتخابات ساركوزي بأموال الشعب الليبي في فرنسا ويتحول طوني بلير رئيس الوزراء من عدو لمستشار لعائلة الطاغية، بل ويأتي برلسكوني يقبل يدىَ الدكتاتور النجسة إكرامية ضخ غاز الشعب الليبي بأبخس الأثمان!!! نعم هذا البعبع الكرتوني الفاجر المارق أزالته فبراير!!! ولن يسمح أحرارها بتكرار هذه الصنمية المقيتة!.

بتحقيق هاذين الهدفين سيستمر النضال لبناء الدولة المدنية وسيظلان نصب أعين الثوار الأحرار وسترتعد له فرائس الأعداء ليبقى لهم إندار شؤم لكل من يحاول أن يقف حجرة عثرة في طريق فبراير طريق الحرية والعدل وبناء والسلام!.

هل من دروس مستفادة؟

رُب سائل.. ما هي الدروس المستفادة من تسعة سنوات من المعاناة والوقوع في فخاخ المجتمع الدولي وبعض أبناء جلدتنا من أدعياء الحرية والدولة المدنية؟ لا يمكن أن يستمر أحرار فبراير في التعاطي مع الشأن الداخلي والدولي بنفس الطريقة ويتوقعون نتائج أفضل.

لذلك يجب الانتباه إلى النقاط التالية والتريث في اتخاذ أي قرارات بشأنها:

  • مهما صغرت وضعفت مساهمات المجتمع الدولي فأي تدبير سيحصدون منه على أقل تقدير ثلث النصيحة لصالحهم ونقول بالليبي “ثلث الدبارة ليه”، وقد أفصح عن ذلك وبشكل مصلحة شخصية وضيعة تعدت نطاق العمل الأممي كما فعل مندوبي الأمم المتحدة وخاصة الأخير منهم السيد غسان سلامة، وتبدل المواقف لمسناه في بعض الدول من أجل مصالحها تارة بالدعم للدكتاتورية من تحت الطاولة وتارة بادعاء التزامها الحياد.
  • غياب النية الصادقة من جناحي ليبيا الغد “الليبرالي” و”الإسلامي” في قبول مشاركة أحرار فبراير أنصار الدولة المدنية لذلك على أحرار فبراير تشكيل تكتل يتكلم بصوت الأغلبية الصامتة المدافعة على قيم الحرية والعدل والسلام! مع فتح باب المشاركة في بناء الدولة الديمقراطية للجميع.
  • على قوى فبراير المدافعة على الدولة المدنية والفاعلة والمحافظة على استمرارية الحياة، ولو بالحد الأدنى، في ليبيا أن تعمل على بناء سلام عادل وشامل ودائم مستلهمين المدد الذي نحصل عليه من:

1-قيم الدين الاسلامي الوسطي المتسامح الذي استمر بالرغم من كل الأموال التي تصرفها السعودية على التيار التكفيري المدخلي وتغدقها على اتباعه. بل وحتى المؤامرة الاستخبارتية بزرع داعش في سرت! فظل الدين الوسطي هو سيد الموقف وزداد التمسك بالمولد النبوي الشريف وأحياء الموالد الصوفية والتمسك بالكثير من الطقوس الدينية في رمضان والزواج والختان وحتى الدفن المسماة بالرغم ما يسميه التكفيرين “بدعة”.

2-الحرص على التواصل بين جميع المدن الليبية فمع كل الدعايات المغرضة والمفتنة ومحاول اجترار كراهية الدكتاتور معمر القذافي إلا أنه استمر التواصل ولا يزال بالرغم من الاجراءات الأمنية التي يمارسها الداعشي حفتر بالمنطقة الشرقية.

3-بالرغم من كيد المكيدين ومع كل العوائق المصطنعة يعمل الشعب الليبي على استمرارية الخدمات  من كهرباء وماء ووقود وغذاء ولو أنها وبصعوبة أحياناً كذلك الأمر بالنسبة لعمل قطاعات التعليم والصحة والمواصلات.

  • جميع مدن ومناطق  ليبيا بمختلف توجهاتهم لهم الحق في المشاركة في نباء السلام في ليبيا ما ألتزم الجميع بالدفاع على الدولة المدنية بجميع الوسائل المتاحة.
  • مع ضرورة الابتعاد عن التخوين ولكن بدون التهاون مع من خانوا فبراير .. يجب فتح قنوات التواصل مع انصار النظام السابق المؤمنين بالدولة المدنية والرافضين لعودة حكم العسكر.
  • مع تأكيد الحيادية في العلاقات الدولية إلا أنه لا يمكن قبول بسهولة الدول التي قصفت ليبيا بالطيران المقاتل والمسير على علاتها.
  • يجب التصدي للهجمة التي تشنها بعض الدول العربية وغيرها ضد التحالف التركي الليبي ومحاولة تشوية الاتفاقية الدولية  بين الدولتين حسب ما تنص عليه المواثيق والمعاهدات الدولية.
  • مع أن الكاتب يرى بأنه من حق يهود ليبيا الرجوع إلى موطنهم، حيث ولد وفتح عيونه ببيت بوسعايت بوراس يضم اليهود والعرب والأمازيغ، إلا أنه يجب أن نفرق بين من هم يهود وولاؤهم لليبيا ومن هم أعداء لها وينون الانتقام من الشعب الليبي! فقد رأينا من اليهود من لم نسمع منهم كلمة بعد قصف الطيران الأماراتي والمصري والفرنسي وجيوش المرتزقة التي جاءت للقتل والتدمير إلا أنهم قاموا الدنيا وأقعدوها بعد الاتفاقية الليبية التركية!!! بل تجاوز الأمر إلى التهديد بالدخول في أضراب عن الطعام أذا لم يتم فسخ الاتفاقية!.

وستنتصر فبراير بسحق الغزاة وصنع السلام:

المجتمع الدولي خذل أحرار فبراير وتيقن أحرار ليبيا بأنه بقوته فقط سيصنعون السلام وزرع ثقافة حقوق الإنسان وبناء الدولة المدنية فجميع الشعارات والقوانين الدولية حبر على ورق كما وأن جميع قرارات مجلس الأمن المسؤول الأول على تطبيق السلم والأمن الدوليين تتلاعب به سياسات ومصالح أعضاء مجلس الأمن!!! وخير شاهد ما تقوم به حكومة فرنسا بانحيازها التام للهمج الغزاة الرعاع من مليشيات الداعشي حفتر مبطنة عدائها ضد أحرار فبراير و بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي ترفعها شعار فقط تدعي الاعتراف بشرعية حكومة الوفاق!.

لا أحد ينكر بأن أحرار وحرائر فبراير ينشدون السلام ويسعون لبناء سلام عادل وشامل ودائم.. لقد كانت رسالتهم واضحة وستظل.. نعم ستنتصر فبراير مهما كانت المحبطات المصطنعة فكل المؤشرات تقول بأن هناك عزيمة صارمة على بناء سلام ترجع فيه كل الحقوق وتعترف الدولة بمسؤوليتها على جميع الانتهاكات.. سلام لا يفرق بين المدن والمناطق ويشترك في صناعته الجميع، سلام يفتح باب الفرص للجميع في التعليم والصحة والمساهمة في صناعة الثروة وخلق تنمية مستدامة.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا