فرنسا.. غضب شعبي بعد تعيين الحكومة الجديدة والشرطة تستخدم القنابل الصوتية - عين ليبيا
شهدت العاصمة الفرنسية باريس اليوم الأربعاء، تحركات احتجاجية واسعة، حيث قام نحو 800 متظاهر بإغلاق الطريق الدائري، فيما تدخلت الشرطة الفرنسية لتفريق المحتجين باستخدام القنابل الصوتية وسط توتر متصاعد في المدينة.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، اليوم الأربعاء، أن قوات الأمن أوقفت نحو 200 شخص في أنحاء البلاد، على خلفية مشاركتهم في حركة احتجاجية تحت شعار “لنغلق كل شيء”، والتي تم الترويج لها على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأوضح روتايو، خلال مؤتمر صحفي صباح اليوم، أن التوقيفات تمت خلال عمليات فك الحواجز التي أقامها المحتجون، مشيرًا إلى أن الحكومة تتعامل بحزم مع أي محاولات لزعزعة الأمن العام.
وأفاد ريتايو بأن قوات الأمن تنفذ نحو 50 عملية في مختلف أنحاء البلاد لإعادة فتح منشآت وطرق رئيسية أغلقها المحتجون، خصوصاً الطرق السريعة والمستودعات، وأكد الوزير أن الاحتجاجات الحالية “تنتهك حق الفرنسيين في حرية التنقل”، وفق ما نقلت قناة BFMTV.
وأفادت صحيفة “فيغارو” بأن السلطات الفرنسية اعتقلت 675 شخصاً خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد أمس الأربعاء، احتجاجاً على إجراءات التقشف المالي المقترحة في مشروع موازنة 2026، من بينهم 280 في العاصمة باريس.
وشهدت الاحتجاجات إصابة 34 من رجال إنفاذ القانون بجروح طفيفة، فيما خرج حوالي 200 ألف شخص في مئات التظاهرات عبر مختلف المدن الفرنسية تحت شعار “لنغلق كل شيء”. وقد تم نشر 80 ألف عنصر من قوات الأمن لضمان النظام، وتحولت بعض المظاهرات إلى مواجهات مع الشرطة.
وكان رئيس الوزراء الفرنسي السابق فرانسوا بايرو قد قدم مشروع قانون الميزانية لعام 2026، والذي يتضمن توفير 43.8 مليار يورو من بنود الميزانية بدلاً من 40 ملياراً مخطط لها سابقاً، مع عدم ربط المعاشات والمخصصات الاجتماعية بالتضخم، وزيادة ميزانية وزارة الدفاع بمقدار 3.5 مليار يورو بسبب تدهور الوضع الأمني العالمي.
وتأتي الاحتجاجات بالتزامن مع تعيين حكومة جديدة في البلاد، حيث عين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساء الثلاثاء، وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو رئيساً للوزراء، بعد استقالة فرانسوا بايرو عقب حجب الثقة عن حكومته في البرلمان.
وفي مدينة مرسيليا جنوب فرنسا، أظهرت مشاهد مصورة تدخل الشرطة بشكل مكثف لتفريق المتظاهرين الذين خرجوا احتجاجاً على السياسة الاقتصادية للحكومة، مع استخدام القوة بشكل واضح.
وتأتي هذه التحركات في إطار حراك شعبي واسع تحت شعار “لنغلق كل شيء”، مدعوم من بعض النقابات والتيارات اليسارية الراديكالية، يهدف إلى شل حركة البلاد اعتباراً من اليوم، في ظل أزمة سياسية ومالية غير مسبوقة تمر بها فرنسا.
ومن المتوقع أن تتواصل الاحتجاجات اليوم بشكل مكثف في مختلف المدن الفرنسية، في وقت يعكس فيه الشارع الفرنسي حالة غضب واسعة من السياسات الحكومية الاقتصادية والاجتماعية، وسط مخاوف من تصاعد التوترات بين السلطات والمتظاهرين.
في السياق، أعلن قصر الإليزيه، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلف وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو بتشكيل الحكومة الجديدة، بعد انهيار حكومة رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو إثر تصويت سحب الثقة في البرلمان بموافقة 364 عضواً مقابل 194.
وأوضحت الرئاسة الفرنسية أن مهمة لوكورنو تتضمن التشاور مع الأحزاب السياسية للتوصل إلى الاتفاقات اللازمة لاتخاذ القرارات المقبلة قبل الإعلان عن تشكيل الحكومة رسميًا.
وكان رئيس الوزراء السابق فرانسوا بايرو قد قدم استقالته صباح الثلاثاء، في أعقاب تصويت سحب الثقة، وفي المقابل، جدد حزب التجمع الوطني اليميني دعوته لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وهو ما يرفضه ماكرون حتى الآن. وأشارت مارين لوبان، زعيمة الحزب، إلى أن حل البرلمان يمثل الطريق الأمثل للخروج من الأزمة السياسية الحالية.
عميد مسجد باريس يطلق صرخة مدوّية بعد الاعتداءات على الجوامع وماكرون يتدخل شخصيًا
تصاعدت ردود الفعل في فرنسا بعد سلسلة الاعتداءات التي استهدفت تسعة مساجد في العاصمة باريس وضواحيها، حيث عُثر على رؤوس خنازير موضوعة أمام مداخلها، في حادثة أثارت صدمة كبيرة داخل الأوساط الدينية والسياسية.
عميد مسجد باريس، شمس الدين حفيظ، أصدر بيانًا شديد اللهجة وصف فيه الاعتداءات بأنها “انحطاط غير مسبوق” و”تجاوز خطير يهدد إمكانية العيش المشترك”. وقال: *”لقد وصلت الكراهية إلى مرحلة تستهدف أماكن العبادة، إنها لا تضرب المؤمنين فقط، بل تنسف أسس التعايش على أرض واحدة”*.
وأضاف حفيظ أن “الغضب والدموع والصمت الجريح ردود طبيعية أمام هذا المشهد غير المحتمل، لكن المسؤولية الدينية تفرض ما هو أبعد من التنديد”، داعيًا إلى تفكير جماعي يعيد بناء الثقة ويواجه جذور الكراهية المتصاعدة في المجتمع الفرنسي.
وفي بيانه، استعان حفيظ بكتابات مفكرين مثل حنة آرندت وسيمون فايل ومحمد أركون، وحتى الأديب المصري نجيب محفوظ، ليؤكد أن الأزمة الراهنة ليست مجرد حادثة معزولة، بل تعكس شرخًا عميقًا في النسيج المجتمعي. وقال: *”حين يتوقف المجتمع عن تخيل بدائل جديدة، فإنه يحوّل عاداته إلى قضبان وذاكرته إلى سجن”*.
وشدد على أن الديمقراطية لا يمكن أن تستمر إلا إذا “قبل سكانها أن يضيفوا إليها حجارة جديدة ويشعلوا فيها مصابيح الأمل”، معتبرًا أن فرنسا تمر بمرحلة انتقالية قد تعيد صياغة علاقتها بالتعددية الدينية والثقافية.
وفي تطور لافت، أعلن مسجد باريس الكبير أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصل مباشرة بالشيخ شمس الدين حفيظ ليؤكد تضامنه الكامل مع مسلمي فرنسا، متعهدًا بـ”تسخير جميع الوسائل لتعقب الجناة وتعزيز حماية أماكن العبادة”. كما كشف عن عقد اجتماع استثنائي للمنتدى الفرنسي للإسلام في أقرب وقت لبحث تداعيات الحادثة والإجراءات المرتقبة.
ومن جانبها الشرطة الفرنسية فتحت تحقيقًا رسميًا بعد العثور على رؤوس الخنازير، وسط مخاوف من أن تؤدي الحادثة إلى توترات أوسع أو هجمات انتقامية.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا