فنزويلا هل تصمد أمام ديمقراطية ترامب؟! - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

تعيش دولة فنزويلا منذ تنحي رئيسها السابق شافيز، مرحلة صراع مرير على السلطة بين أنصار شافيز والمعارضة، ورافق ذلك إنهيار إقتصادي قوي، نتيجة جملة من التحديات التي تعصف بالدولة، وبرغم أن فنزويلا من كبريات الدول المصدرة للنفط في العالم، الا انها تعيش حالة من التردي المعيشي، وينعكس ذلك واضحا على مستوى حياة شعبها الذي أرهقته جملة السياسات المتبعة، ولم يتمتع بعائدات ثرواته النفطية كما ينبغي أن يكون، ولعل مرد ذلك سوء الادارة والتصرف الذي كان ولا يزال عنوانا لكل الحكومات المتعاقبة على البلد، ما أدى الى استشراء الفساد فيها بدرجة عالية جدا جعل ازمة فنزويلا تكبر يوما بعد يوم، ما استوجب البحث عن حلول مناسبة تحت ضغط الوقت والتذمر الشعبي.

وكما هي العادة في كل الأزمات، فإن مستغليها يبحثون دائما عن الثغرات التي تمكنهم من الاستفادة منها، وتوظيفها خدمة لأهداف معينة وفق مصالح الاطراف المختلفة داخلية كانت او خارجية، ولهذا فقد استغلت المعارضة الداخلية ذلك واتخذت منه وسيلة لتغيير نظام الحكم، والبحث عن بدائل ممكنة، لكن المعضلة هنا هي التدخل القوي من الاطراف الخارجية والتي تدعي تضامنها مع المعارضة انحيازا للشعب، وهي واقعيا تسعى لتحقيق اهدافها الخاصة مستثمرة لهذه الأزمات، وخاصة وأن موقع فنزويلا في امريكا الجنوبية واعتبارها من ضمن الفضاء الأمريكي العام فإن الولايات المتحدة الأمريكية تجد نفسها معنية بالدرجة الأولى وهذا ما يفسر تدخلها المستمر المباشر والغير مباشر في الشأن الفنزويلي.

الإدارة الأمريكية تحاول دائما ان تكون فنزويلا من الدول التابعة لها سياسيا واقتصاديا، وتحت الهيمنة، لكن سياسة شافيز كانت في الاتجاه المعاكس، وهذا ما جعل الأمريكان يعملون بقوة على الاطاحة به في اكثر من مرة، وحيث أن ذلك لم يكن ممكنا نتيجة تمسك الكثير من انصار شافيز بنظام حكمه، والذي ادّى الى انتخاب مواطنه “مادورو” في آخر انتخابات اجريت وتمكن خلالها من الاستمرار في الحكم لمدة 6 سنوات وفقا للدستور، ولكن بعد حوالي شهر من ادائه اليمين الدستوري في حفل تنصيب رسمي حضره ممثلون عن اكثر من 60 دولة، تضغط امريكا بتنسيق مع المعارضة التي يتزعمها رئيس البرلمان الفنزويلي ليعلن عن تنصيب نفسه حاكما لفنزويلا وعزل الرئيس، في حين يتمسك الرئيس المنتخب والذي يدعمه الجيش بمنصبه.

إذا تبدو الأمور اكثر تعقيدا في فنزويلا بعد هذه الأحداث، والتي تسببت في انشقاقات داخلية عميقة، وخاصة بعد الدعم الأمريكي المعلن والذي اكده الرئيس ترامب بإعترافه برئيس البرلمان رئيسا لفنزويلا في سابقة خطيرة لم تحدث من قبل! وتبعه في ذلك اعتراف اوروبي وغربي، ما يشير الى أن فنزويلا قادمة على مرحلة حرجة من الفوضى وعدم الاستقرار، خاصة اذا ما نظرنا الى انحياز قيادات الجيش الى الرئيس مادورو، وهذا يعني ان البلد صارت على شفير الحرب الأهلية التي ان وقعت ستمزق الدولة وتقطع اوصالها وتأتي على ما تبقى من بنيتها الإقتصادية المنهارة اصلا، وتكون فنزويلا قد دخلت نفقا مظلما لا يعلم الا الله متى وكيف الخروج منه! فهل تصمد فنزويلا أمام ديمقراطية ترامب؟!



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا