في الوطن.. والوطنية… رقم (25) - عين ليبيا

من إعداد: أ.د. أحمد الأشهب

مشروع الدستور، وهوية ليبيا

أتينا في المقال السابق على مسودة الدستور بقراءة عامة ، وأشرنا من خلالها إلى ملاحظات عامة أيضا .

وفي هذا المقال نبدأ بمناقشة بعض مواد المسودة وبشكل محدد .

تنص المادة رقم ( 1 ) على اسم ليبيا وهو الجمهورية الليبية ، إنها بداية غير مشجعة لدستور يفترض فيه أن يجسد هوية البلد وشعبه وخاصة في هذه الظروف التي فككت وشتت كثيرا من ألأوضاع والقيم ومنها هوية البلاد وشعبها ، إن الانتماء للأمة العربية شرف لكل الليبيين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تشرف به ، وهو الذي حاز الشرف كله ، وقد كان يفاخر بأنه خيار من خيار من خيار من بني هاشم من قريش من العرب ، إنها أمة الإسلام وأمة القرآن ، فهل نتنازل عن هذا الشرف بهذه السذاجة والبساطة ، ولغتنا ، وثقافتنا ، وتاريخنا ونبينا وقرآننا وكلها بلسان عربي مبين وفي هذا إشارة إلاهية واضحة لمكانة اللغة والنبي والقوم.

فلماذا غابت الهوية العربية عن اسم ليبيا ؟ أم هي البداية للانسلاخ من هذه الأمة وتاريخها وأمجادها ، وأحزانها أيضا ، وحتى من يدعي من سكان ليبيا بأن أصوله غير عربية نقول له أعد قراءة التاريخ العربي بأجناسه ، وثقافاته ولغاته وآثاره ستجد نفسك عربيا حتى النخاع ، ولا داع للمكابرة ، فإذا انسلخت من عروبتك فلن تجد هوية أخرى ، بل ستجد نفسك في مهب الريح كشجرة (…) اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار.

المادة رقم ( 2 ) (( تعتبر ليبيا جزءا من الوطن العربي ، وأفريقيا ، والعالم الإسلامي ، وحوض البحر الأبيض المتوسط ، )) إنها صياغة جغرافية مسيٌسة لا أكثر، بل فيها ما يشبه الضحك على الذقون ، لأنها لا تحمل أي مدلول أو مفهوم واضح لهوية البلد، فليبيا حسب هذه الصياغة جزء من جغرافية الوطن العربي ، وليست جزءا من الأمة العربية ، والفارق كبير ، كما أنها تستوي في ذلك كونها جزءا من الوطن العربي ، كما هي جزء من القارة الإفريقية ، وجزء من حوض البحر المتوسط ، وبذلك يكون حالنا حال اليونانيين والمالطيين والقبرصيين والأسبان وغيرهم.

أهكذا نحن يا هيئة الدستور؟

المادة ( 3 ) هي استمرار لنفس المنهج الذي يؤدى إلى سلب هوية هذا الشعب ، فقد تجنبت الهيئة النص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية واكتفت بذكر أنها لغة الدولة ، وكأن الهوية العربية أصبحت عارا أو شرا ينبغي استئصاله والتنكر له ، يحدث هذا في وقت كانت ليبيا ليس فقط تعتز باللغة العربية وإنما تفرض على الآخرين احترام هذه اللغة ، إذ لا يمكن لأي أجنبي الدخول إلى ليبيا إلا بعد ترجمة جواز سفره إلى العربية ، وكذلك البضائع والسلع الأجنبية لا تدخل الأراضي الليبية إلا بعد ترجمة بياناتها إلى العربية ، وحتى ( كتيب بيانات ) السيارات لابد من ترجمته ، ولم يكن بوسع أحد إلا أن يلتزم بهذا القرار .

الآن ـ وللأسف ـ تجد الهيئة حرجا في الانحياز إلى هويتها العربية ، ولا مانع وفقا لنص المادة من أن نتفرنس أو نطلين أو …طالما يجمعنا معهم حوض البحر المتوسط ، أما العرب العاربة والمستعربة فقد تجاوزتها مسودة دستور ليبيا العصرية.

… يتبع …



جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا