كورونا هل يوحّد الليبيين “وين تشوف الذيب تروم ضناها”! - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

لقد آن الأوان أن تطغى لغة التعقل والتصالح بين الليبيين، لتكبح جماح هذا التقاتل والاستنزاف للأرواح والثروات في ليبيا، بعد هذه السنين العجاف، وعندما تكبر الملمات وتتعاظم، قد تتضاءل الأشياء التي كانت ربما كبيرة أمام طوارئ أكبر وأشد خطبا، واليوم حيث العالم بأسره يواجه خطرا جسيما، يتمثل في جائحة كورونا التي طغت وعمّت كل أرجاء المعمورة، قد يكون متاحا الآن أمام الليبيين التوقف والتأمل في مصيرهم المشترك لتقدير حجم ما قد يواجههم من خطر الإصابة بفيروس كورونا، خاصة بالنظر إلى ظروف الاحتراب القائمة الآن والتي إن لم تتوقف ستكون وبالا مضاعفا على الليبيين.

قديما يقال في أمثالنا الشعبية: “عندما ترى الشاة النافرة الذئب تروم ولويدها”، فهل يا ترى يسري هذا المثل على حالنا اليوم؟! وتروم الأطراف المتقاتلة بعضها خوفا من الذئب كورونا، الذي قد يلتهم الجميع فهو لا يفرق بين قوات مسلحة تتبع جيش السراج أو جيش حفتر! أم أن أجواء الحرب وغيومه ستحجب عنهم مجال الرؤية وتتركهم يتقاتلون حتى يفترسهم ذئب كورونا ومن حيث لا يشعرون!، إن ذلك سيخضع حتما لمدى إعمال أو إهمال العقل في مثل هذه الظروف الخطيرة، وبالتالي فإن النتائج ستكون مترتبة على ذلك سلبا أو إيجابا!.

هذه مجرد دعوة مثلها مثل كل الدعوات الخيّرة التي انطلقت تنادي من هنا وهناك، وتدعو لوقف فوري دائم للقتال بين الأشقاء فكفانا إراقة دماء، وكفانا خراب ودمار وبكاء، إن الأحداث الجسام تحتاج إلى قرارات جريئة شجاعة لا يقدر عليها إلا الشجعان، فهل سنجد من كلا الطرفين من هو في حجم المسئولية ويمتلك الشجاعة الكافية والجرأة على اتخاذ القرار المناسب وفي الوقت المناسب؟! إن تقدير المصلحة العامة وتغليبها على ما سواها مهما كانت النوايا صادقة، هو ديدن النفوس المؤمنة المخلصة لأوطانها، والتي تصغر أمامها كل الأمور مقارنة بمصلحة الوطن العليا، بما يمكّنها من التنازل عن كل كبير أمام مصلحة الوطن العليا التي هي أكبر و أولى.

غذا هل يرتقي الفرقاء الأشقاء المتقاتلون الآن في الجبهات والمحاور، إلى ما هو أكبر وأعظم حرصا على مصلحة الشعب والوطن، ويقررون في شجاعة وإخلاص، وقف كل العمليات القتالية وانسحاب القوات إلى مواقعها خارج السواتر والتبات، ومن ثم المشاركة بفاعلية في مواجهة جائحة كورونا، دفعا للضرر عن أهلهم وذويهم وأنفسهم، في ملحمة وطنية مخلصة توفر أعلى درجات المواجهة بما يحقق بحول الله أقل الأضرار، وأبعد من ذلك إمكانية المحافظة على خلو بلدنا تماما من هذا الفيروس، لما لا! فكورونا قد يوحّد الليبيين بعد أن عجزت محاولات الأمم المتحدة وغيرها حتى الآن في ذلك! “ووين تشوف الذيب تروم ضناها” نسأل الله السلامة لشعبنا وكل الإنسانية من كل جائحة وخطر.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا