كيف تنتقد حفتر؟ - عين ليبيا

من إعداد: محمد القرج

لطالما كانت الآلة الإعلامية التي تعمل ضد مشروع عملية الكرامة عندما أطلقه السيد خليفة حفتر تتفاعل بوتيرة عالية جداً وبشكل كبير والجدير بالذكر هنا أن الاعلام المضاد كان له الدور الأبرز في إظهار قوات المشير عند بداية عمليته كأنها إحدى أساطيل الاتحاد السوفيتي بينما كانت المجريات على الأرض متواضعة جداً عام 2014.

تركيز الضوء و كل الضوضاء على حفتر كانت حججاً واهية وتجعل من إعلام ممول بالملايين ضده ينشر أخباراً كاذبة ووهمية غالباً تصب في صالح مشروع حفتر وتدعمه بشكل كوميدي أكثر من كونهاً ساحة حرب إعلامية ساخنة تبني انتقادها على معطيات وحقائق وأرقام ووقائع فعلية وجعلو من حفتر اسماً كبيراً بهالة اعلامية وزخم تحصل عليه مجاناً دون تكبد أي عناء.

أسهم المعسكر الاسلامي المضاد لحفتر كانت تخرج سهامه مقوسة من جرابها فتعود لتصيب الرامي بدل الهدف ولهذا  دائما كل ما ظهروا بشكل جديد كتيار جديد بثوب جديد على أنها كتلة أخرى ضد مشروع الجيش كانوا يستخدمون ذات الحجة والاسهم فينكشف أمرهم ويخيب مسعاهم ولا يعلمون السبب.

من تلك الانتقادات التي لم تنجح في تأليب الشارع ضد حفتر لأن الحجة فيها ضعيفة ممن يستخدمها.

فقيل أن حفتر أسير حرب وهذه لا ينكرها وإنما حادثة وقعت كان حفتر أمراً للقوات الليبية ضد دولة أخرى وأسر غازياً على رأس قواته ولم يهرب فهذه لا تنفع مسبة ولا انتقاداً،. في المقابل أغلب من يطرح هذا كان حبيس السجن متهماً بالزندقة والارهاب ويعمل ضد مصالح نظام الدولة الليبية وقتها فهذه بتلك فيقال أسيرحرب أفضل من خريج سجن.

قيل انتقاداً عسكرة الدولة وهذه تعني استبدال المدنيين من المسؤولين بعساكر كما في السيناريو المصري، وهذه لم تحصل بعد فمناصب المدنيين في رقعة سيطرة حفتر لزالوا في مواقعهم ولم يتدخل فيها حفتر، بالمقابل تدعم الالة الاعلامية ذاتها المجالس العسكرية وكتائب الثوار والجماعات المسلحة خصوصاً في العاصمة والتي تضغط وتنصب من تريد من أفرادها بقوة السلاح فهذه بتلك فلا يجد المتلقي إلا أن يقول إن بعض الشر أهون من بعض.

قيل أن حفتر زلم يستعين بالازلام وأعادهم وضغط على البرلمان لإصدار ما سمي بقرار العفو العام ،هذا شكل حاضنة كبيرة لحفتر في صف من كان مع النظام السابق والتركيز على هذا من الاعلام المضاد دعم ركائز حفتر مع شريحة واسعة من الشعب لاتزال في غياهب النظام الجماهيري مع هذا حافظ حفتر على المغزى العام من فبراير كونه أحد قادتها، ومن يصفه بالزلم الذي تصالح مع الازلام، فحفتر فعل هذا بعد الثورة وفي مشروعه الخاص وهو قوي، بينما خصومه تصالحوا مع النظام وهم في حالة ضعف وبدؤ بمشوار مصالحة من جديد وتمكين قيادات من النظام السابق ضدحفتر في فترة يرى الشعب أنهم في حالة ضعف فوق أنهم كانو يعتدون بحفتر ثائرا وقائدا له ثقله وتأثيره ودوره في الثورة وهذه بتلك فلم ينجح الضرب في هذا الاتجاه.

قيل أن ما قام به حفتر انقلاب عسكري، الواقع انه تحصل على تكليف فعلي من البرلمان بعد حرب فجر ليبيا وانقلاب بادي على الانتخابات وارجاع المؤتمر وتنصيب حكومة الانقاذ، فهذه بتلك وبقي الاثنان في مواقعهم وحكوماتهم ولكن احرق بادي مطار طرابلس واعاد حفتر بناء مطار بنينا، انفقت الحكومات مليارات في الطرفين ولكن الفرق واضح جداً بغض النظر عن شرعية الاطراف من عدمها، فهذه بتلك ولا تصلح انتقادا لان الفرص كان متساوية وفرص حفتر اقل وتأثيره أعلى فالناس تتبع الملموس المحسوس لا الشعارات والشرعيات.

قد يصحح الانتقاد السليم الذكي الأمور ويدفع الرأي العام نحو دعم قضية معينة أو التحرك ضد قضية أخرى، ولكن هذا يوجب أن يكون مبنى الانتقاد وبنائه صلباً متماسكا عقلانياً ذكياً يجيد النقر في المكان الصحيح والا فإن المثل العربي سينطبق على الناقد:

لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ … عارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلتَ عَظيمُ

إنتقاد حفتر وحراكه العسكري، قد يتنجح إذا ما تحرك في مساره المثقفون و الاعلاميون و الكتاب ولربما رجال الدين المعتدلون و الحقوقيون ونشطاء المجتمع المدني ومؤسساته ، بالتركيز في حقوق الانسان والقوانين والتشريعات، بالانتهاكات، بالتحقيقات الاستقصائية، باستطلاعات الرأي والبحوث، بالبرامج الهادفة الذكية، قد يحجم دور الجيش ويحد من أمتداد أذرعه لما بعد المؤسسة العسكرية ويؤثر هذا فيمن مع حفتر من مناصرين ولو في قرارات أنفسهم.

أما نشارات الأخبار الكاذبة التي تصنع انتصارات وهمية بنشر أخبار عن المعارك مع الجيش بقيادة حفتر تتمثل في تدمير دبابة كل يوم وقتل عشرات الجنود واستهداف اليات مسلحة، يجعل المتلقي يشعر أن الحرب قائمة ضد سرايا وكتائب الاتحاد السوفيتي مع الجيش الألماني ويجعل من جيش حفتر كما يسميه الاعلام الوحش الكاسر الذي يتلقى الضربات الشديدة ومستمر في مساره دون توقف!



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا