لإنهاء الفترة الانتقالية.. سلامة يُعلن عن عقد الملتقى الوطني في الـ14 من إبريل القادم - عين ليبيا

من إعداد: هيئة تحرير عين ليبيا

قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، إن الملتقى الوطني الجامع الذي سيُعقد برعاية أممية، يُشكل فرصة حاسمة لجميع الأطراف من دون أي اسثناء لوضع خلافاتهم جانباً في سبيل إعلاء مصلحة البلاد وتوحيد صفوفهم وتجنب الحرب واختيار طريق السلام والازدهار، وفق قوله.

جاء ذلك في الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي حول تطورات الوضع في ليبيا إلى مجلس الأمن الدولي، من مقر البعثة في العاصمة طرابلس.

وبدأ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إحاطته بالقول:

“كنت أتمنى أن أكون في نيويورك وأن تتاح لي الفرصة لأقدم هذه الإحاطة بنفسي. على أية حال، ليس من قبيل المبالغة القول بأن الوضع في ليبيا يقف عند مفترق طرق حاسم. ونحن دائبون في العمل على منع أي تصعيد في التطورات والتوترات الأخيرة على أرض الواقع، ونركز بدلاً من ذلك على تحقيق الاستقرار ووضع ميثاق سياسي يمكّن من إنهاء الأزمة في البلاد”.

وأعلن سلامة عن عقد الملتقى يومي 14 و15 أبريل القادم في ليبيا، مشيرًا أنه يشكل فرصة حاسمة لإنهاء الفترة الانتقالية التي بدأت قبل ثماني سنوات.

وتابع يقول:

“ونعمل الآن، وقبل انعقاد الملتقى الوطني، مع العديد من الأطراف بغية ضمان أوسع مشاركة ممكنة في العملية السياسية، وقد تجلّى لنا أن الليبيين تحدوهم رغبة شديدة في توحيد مؤسساتهم في أسرع وقت ممكن، غير أنهم للأسف يواجهون قوى متنفذة تستفيد مادياً من حالة الفوضى والانقسام السائدة في البلاد ولذا فإنها تعزف عن العمل باتجاه التوحيد”.

وأضاف أنه ثمة كثير من الأمور على المحك الآن، وما لم يتم اغتنام الفرصة التي يتيحها الملتقى الوطني لن يتبقى سوى خيارين محتملين، ألا وهما إطالة حالة الجمود أو اندلاع النزاع، وربما أيضاً تؤدي حالة الجمود هذه في النهاية إلى نزاع محتوم، حسب وصفه.

وقال:

“وربما يندلع النزاع في وقت أقرب من ذلك بكثير. حيث إن أي إخفاق الآن في المضي قدماً بالعملية السياسية يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن البلاد واقعة بشكل تام في قبضة قوة السلاح. غير أنه في مقدورنا اليوم أن نحول دون الإنزلاق في هذه الهاوية”.

هذا وسيتم في الملتقى الوطني بحسب إحاطة المبعوث الأممي، اختيار ما إذا ستتم المصادقة على الميثاق الوطني الذي كان نتاج العملية التشاورية التي تمت في إطار الملتقى الوطني.

وسيرسم  الملتقى أيضًا خارطة طريق لإنهاء الفترة الانتقالية وذلك من خلال انتخابات برلمانية تتزامن مع أخرى رئاسية، أو من خلال انتخابات تتم على مراحل، وسوف يقدم توصياته بشأن كيفية التعامل مع مشروع الدستور الذي أصدرته هيئة صياغة مشروع الدستور، وفقًا لسلامة.

وفي شأن آخر أشار غسان سلامة في إحاطته إلى دخول قوات الكرامة إلى مدينة سبها بشكل سلمي، وبينما وقعت بعض الحوادث البسيطة، إلا أن وصول قوات حفتر يُنظر إليه عموماً على أنه تطور إيجابي ويحقق الاستقرار، حسب وصفه.

وأشار أنه عندما تحركت هذه القوات للسيطرة على مُرزق في الجنوب الغربي، كانت هناك معارضة نشطة من مجتمع التبو والمجموعات المسلحة التابعة له، وفي هجمات انتقامية أعقبت ذلك مباشرة، تسبب هذا الاقتتال في قتل ما لا يقل عن 18 شخصاً من سكان مُرزق فيما أصيب 29 آخرون، ووردت أنباء عن إحراق تسعين منزلاً في هجمات انتقامية شنتها القوات التابعة للقبائل تحت إمرة ما وصفه بـ”الجيش الوطني الليبي.

وأضاف يقول:

“وفي الوقت الذي حقق فيه تواجد الجيش الوطني الليبي قدراً كبيراً من الأمن والاستقرار في الجنوب مما مكّن المصرف الموازي في الشرق من إيصال الأوراق النقدية إلى سبها، إلا أنه من غير الواضح إلى متى يمكن أن تستمر هذه الحملة في ضوء الصفوف الطويلة في انتظار إعادة الإمداد ومحدودية الموارد المالية للحكومة الموازية”.

كما أشار سلامة إلى بعض التحركات لقوات الكرامة في الجفرة فضلاً عن تسيير دوريات باتجاه سرت، وقد أدى ذلك إلى احتكاك وتصعيد في التوترات مع قوات من مدينة مصراتة ما زالت تتمركز في سرت بعد عملياتها المناهضة لتنظيم “داعش” هناك.

وقال:

“وفي الشرق، انتهى القتال في درنة. غير أنه يعتريني بالغ القلق إزاء تقارير تفيد بانتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني خلال العمليات العسكرية الأخيرة في درنة. حيث وردت تقارير تفيد بأن القتال أسفر عن سقوط العديد من الضحايا المدنيين.

وفي غرب البلاد، تحركت القوات المحلية رداً على التوترات الراهنة. وحتى الآن، يبدو أن هذه التحركات المحلية ما هي إلا استعراض للقوة ولا يبدو أن أي من هذه الأطراف مستعد لشن هجوم ضد أي طرف آخر. ولكن هناك خطر حقيقي من سوء التقدير أو من أن تبدأ القوى المتطرفة مناوشات أملاً في أن ينجرف الآخرون إلى مواجهة أكبر.

وفي طرابلس، لا يزال وقف إطلاق النار قائماً، غير أن خطة الترتيبات الأمنية لطرابلس الكبرى تبقى في طور التنفيذ الجزئي فقط”.

كما أشارت الإحاطة إلى قيام البعثة الأممية برعاية جولتين من المحادثات التّحضيرية بين مستشارَي رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج وقائد قوات الكرامة خليفة حفتر، انعقدت في مكاتب البعثة بتونس، وتمخض عن تلك المحادثات لقاء جمعهما في أبوظبي حيث اتفقا على عدد من المبادئ الهامة وهي أن تكون ليبيا دولة مدنية بنظام ديمقراطي تتمتع بالسيطرة المدنيّة الكاملة على الجيش وأن يكون انتقال السلطة سلميّاً،. كما اتفق الطّرفان على ضرورة توحيد مؤسسات ليبيا التي تعاني انقساماً منذ أمد طويل وعلى تحديد موعد للانتخابات الوطنية قبل نهاية هذا العام.

وعلق المبعوث الأممي بالقول:

“العديد من هذه المبادئ ليست بالجديدة، فهذه المحادثات، في واقع الأمر، استمرار للمسار الذي شُرع فيه في أيلول/ سبتمبر 2017، ما استجد في الأمر هو النية الصادقة في ترجمة هذه الكلمات إلى نهاية فعلية للمرحلة الانتقالية من خلال الانتخابات”.

وفي سياق آخر قال المبعوث الأممي:

“اسمحوا لي الآن أن أحيطكم بالتطورات والأنشطة الأخرى التي تتم على الأرض. إذ يسرني أن أعلن عن افتتاح مكتب للأمم المتحدة في بنغازي. فبعد شهور عدة أوشكت فيها البعثة على فتح المكتب، يجري الآن إرسال موظفي الأمم المتحدة إلى بنغازي للإضطلاع بمسؤولياتهم بشكل أفضل في جميع أنحاء شرق البلاد.

ويجري النقاش الآن حول افتتاح مكتب آخر في سبها لدعم العمل في جنوب البلاد. ولقد قامت برامج الأمم المتحدة بزيارة لسبها كانت الأولى منذ توقف العمليات هناك في عام 2013”.

وفيما يتعلق بالشأن الاقتصادي قال سلامة:

“لقد حذرت في إحاطاتي السابقة من عواقب الاقتصاد القائم على النهب في ليبيا، غير أنه مما يبعث على التفاؤل هو الإجراءات المتخذة لمكافحة التهريب غير المشروع. ففي 7 شباط/فبراير، أصدرت النيابة العامة أكثر من 100 أمرٍ بالاعتقال ضد أفراد متهمون بالتورط في تهريب الوقود والتصرف فيه بشكل غير قانوني، كما أمرت بمصادرة 115 محطة وقود، حيث تبلغ قيمة عمليات تهريب الوقود المنظمة هذه أكثر من 750 مليون دولار أمريكي سنوياً.

وبشكل عام، لا تزال البنية التحتية في ليبيا تعاني من التدهور بمستويات تنذر بالخطر. فالخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والمياه والكهرباء، في حالة من التردي وإنتاج المياه يتسم، بوجه خاص، بالهشاشة. ومع تعطل ما يقرب من أربعة آبار كل شهر، فإن الفرع الغربي للنهر الصناعي، والذي يشكل المورد الرئيسي للمياه في منطقة الشمال الغربي، معرض لخطر الانهيار الوشيك.

وتم إطلاق خطة الاستجابة الإنسانية لليبيا لعام 2019 في 5 شباط/فبراير. وترمي هذه الخطة إلى الحصول على 200 مليون دولار أمريكي لمواصلة توفير خدمات الرعاية الصحية والحماية والمياه والمأوى لأكثر من نصف مليون من الأشخاص الأكثر عرضة للخطر في ليبيا. وتشير التقديرات إلى أن نحو 823000 شخصاً، بمن فيهم مهاجرون و248000 طفل، هم بحاجة إلى المساعدة الإنسانية في ليبيا.

أما الوضع الاقتصادي فيرسم صورة مختلطة. إذ أدت إعادة فتح حقل الشرارة النفطي، والذي كان للأمم المتحدة دور هام فيه، إلى زيادة إنتاج النفط ليعود إلى 1.2 مليون برميل في اليوم. وتستمر الرسوم على صرف العملات الأجنبية، مقترنة بتحرير القيود على فرصة شرائها، في توليد الإيرادات وتعزيز قيمة الدينار. وقد أدى ذلك إلى زيادة القدرة الشرائية والحد من التضخم وتقليص ربحية السوق السوداء على بيع العملة.

وعلى الرغم من أهميتها، فقد لا تدوم هذه الفوائد طويلاً دون إصلاحات اقتصادية حقيقية. حيث تقتضي مثل هذه الإصلاحات تخفيضاً مباشراً لقيمة العملة ورفع الدعم الذي يستهلك ما يقارب 10 بالمائة من الميزانية الوطنية. ومن خلال العمل مع فرعي مصرف ليبيا المركزي، سيتم الشروع قريباً في العملية الوطنية لمراجعة الحسابات”.

واختتم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا إحاطته بالقول:

“تشكل الأيام المقبلة الأساس للسنوات المقبلة لليبيين والمنطقة بشكل عام. وهنا أدعو الليبيين لأن يتوحدوا وأن ينأوا بأنفسهم عن أية أعمال تهدف الى العرقلة والتحريض. حيث نشهد ارتفاعاً ملحوظاً في استخدام المنصات الإعلامية كسلاح أو وسائل تحريضية. وذلك من شأنه أن يمزق النسيج الاجتماعي الحيوي الهام في ليبيا على الرغم من هشاشته ويمكن أن يستخدم أيضاً لإثارة العنف. لذا فإنني في هذه الفترة الحرجة أدعو جميع الأطراف الفاعلة إلى الامتناع عن استخدام الخطاب التحريضي والمنفّر في المحيط العام.

كما أدعو الجميع في المجتمع الدولي إلى وضع مصالح الشعب الليبي في المقام الأول والعمل بشكل ملتزم وصادق للضغط على جميع الأطراف لتجنب النزاع والتوصل الى صيغة سلمية لإنهاء الفترة الانتقالية في ليبيا، من أجل جميع أبناء الشعب الليبي”.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا