لا لازدواجية المعايير - عين ليبيا

من إعداد: د. رمضان بن زير

لقد شدني البارحة لقاء مع أحد الإعلاميين الليبيين – الذي كنت احترمه – انحيازه التام لطرف ضد الطرف الآخر في الوقت الذي كنت انتظر منه أن يكون موضوعيا.

للأسف طغت علية الازدواجية في المعايير أو الكيل بمكيالين وهذا لا يليق بالإعلامي أو المثقف الوطني الذي يجب أن ينحاز إلى الوطن وليس البطن.

يجب على النخب السياسية أو الثفافية أن يكون خطها الوطني واضح ومستقيم وليس معوجا، فعند الحديت عن التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن الليبي يجب أن نُدين جميع المتدخلين دون استثناء لأحد، فإذا أردنا إدانة التدخل التركي أو الإيطالي يجب أن ندين التدخل الإماراتي والفرنسي للطرف الآخر وهذا ما لم يفعلة الإعلامي الليبي البارحة.

الإعلامي الوطني هو الذي يقف بقوة أمام التدخل الأجنبي في الشؤون الليبية، نحن في ليبيا الجديدة لا نتدخل في شؤون الآخرين، الآخرون للأسف هم من يتدخلون في شؤوننا لإطالة عمر الأزمة وهو أمر غير مقبول في العلاقات الدولية.

ليبيا الجديدة ترحب بالتعاون المشترك والمعاملة بالمثل بينها وبين كافة الدول الشقيقة والصديقة.

لم يقتصر الأمر على الإعلاميين بل أن مرض الازدواجية ينسحب على من يسمون أنفسهم بالنخب الثفافية والسياسية الذين يطالبون بوقف الحرب من خلال بياناتهم وهذا أمر مقبول وانا كحقوقي يجب أن أكون من أول الداعمين لوقف إطلاق النار بشرط أن تقدم الأشياء على حقيقتها.

لكن الذي لا يقبل أن تساوي بين الضحية والجلاد برفض إدانة العدوان الغاشم على عاصمة الليبين طرابلس التي تدك بالصواريخ والطائرات من قِبل قوات حفتر بهدف الوصول إلى السلطة.

اعتقد من واجبي الإشادة بجهود القائمين على منتدى مصراته للحوار الذي يتوفر على عدد كبير من القامات الثفافية والسياسية من مختلف المناطق في ليبيا والذي أصدر بيان واضح لا يقبل التأويل أدان فيه بشكل مباشر الهجوم الغادر على العاصمة طرابلس ومؤكداً على ضرورة العمل على إقامة الدولة المدنية الديمقراطية دولة القانون والمساواة.

لا تقتصر ازدواجية المعايير على الأفراد بل أيضاً ينسحب الأمر في العلاقات فيما بين الدول فازدواجية معايير الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية تجاه بعض القضايا العربية والدولية واضحة خاصة فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان فنجدهم يدعمون الدكتاتورية في بلد ويتباكون على الديمقراطية وحقوق الإنسان في بلد آخر.

الازدواجية وللأسف أصبحت متلازمة السياسة الأوروبية والأمريكية في التعامل مع الدول الأخرى خاصة دول العالم الثالث بالرغم من مخالفة ذلك لمبادئها وأسس العدالة وإحقاق الحق ونصرة المظلوم.

لا يمكن قبول تصرفات شخص أو دولة في انتقاد غيره في وقت تكون تصرفاته أسوء، يجب التقيد “بالقاعدة الذهبية وأخلاقيات التعامل” عامل الناس كما تحب أن يعاملوك وهذا مبدأ “المعاملة بالمثل” وهذا صالحا للتطبيق لكل زمان ومكان على المستوى الشخصي أو العلاقات فيما بين الدول.

علينا الابتعاد على الازدواجية في المعايير وأن تقدم الآراء بشكل مجرد من أي خلفيات أيدولوجية خاصة إذا تعلق الأمر بالقتال بين الأخوة كما الحال في الحالة الليبية.

علينا أن نرتقي بمستوى الخطاب الإعلامي ليكون صادق وغير منحاز، القيم والمبادئ الأخلاقية لا تتجزء وهذا ما أكده الإعلان العالمي لحقوق العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م وقبله ورد في الديانات السماوية ومنها الإسلام وأكد عنها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع منذ 14 قرنا قبل صدور الإعلان العالمي لحقوق الانسان فهي أول إعلان عالمي للحقوق “أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى …”، ثم جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال قولته المشهورة “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا”، ليكررة بعده جان جاك روسو في القرن السابع عشر “يولد الانسان حرا، ولكنه في كل مكان يجر بسلاسل الاستعباد”.

وفي الختام علينا أن نُحكم كتاب الله في نزاعنا الحالي يقول الله تعالى “وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ“، صدق الله العظيم، هذا هو المبدأ الإلهي الذي يجب أن يُطبق على الحالة الليبية باعتباره صالحًا للتطبيق لكل زمان ومكان.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا