لا لرفع الدعم.. نعم لتنظيمه - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

يُثار الحديث الآن حول موضوع الدعم الذي تقدمه الدولة للمحروقات وملحقاتها ، خاصة بعد قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية تشكيل لجنة برئاسة وزير الاقتصاد للنظر في الموضوع، من نافلة القول إن هذا الموضوع قديم جديد، وما كان ينبغي لحكومة مؤقتة مدتها شهور أن تحشر نفسها فيه، فهي مكلفة بمهام محددة وفق خارطة طريق اتفق عليها في اتفاق جنيف بالخصوص، وبالرغم من أهميته إلا أنه ليس من الأولويات في هذا الوقت بالذات.

البعض فهم الأمر على أساس انه رفع للدعم، والحقيقة أن الحكومة في قرارها أشارت إلى استبداله بمبالغ نقدية وليس رفعه، ولنعرف لماذا يُثار هذا الموضوع بين حين وآخر، علينا أن ندرك الآثار التي تنشأ عنه، وأولها تأثيرا وخطرا هي استغلاله من قبل المهربين وبيعه خارج حدود الوطن بأسعار مضاعفة، الأمر الذي شكل هدرا كبيرا للمال وبالعملة الصعبة تذهب سدى طيلة عقود، ومعلوم أنه قد زادت عمليات تهريب الوقود في السنوات الأخيرة بشكل كبير وعلني نتيجة الانفلات الأمني، والذي بدوره ضاعف من معاناة الليبيين، من خلال نقص متكرر للوقود في محطات التوزيع، بل أنه في مناطق الجنوب والدواخل،  بلغ ألأمر عدم وصوله لتلك المناطق، إلا عن طريق المهربين جهارا نهارا، واصبح لذلك المواطن في الجنوب يدفع ما يقارب من دينار ونصف للتر الواحدة بزيادة عشرة أضعاف عن ثمنه المعتاد.

وفي ظل ظروف الفوضى الأمنية، وعدم قدرة الحكومات الليبية المتعاقبة على ضبط الحدود، والحد من عمليات التهريب المتزايدة وعجزها التام على ذلك، يبدو أن الحكومة تحاول الآن أن تجد وسيلة أخرى ممكنة، للحد من التهريب تتمثل في رفع الدعم، ليكون سعر بيعه معادلا للتكلفة الحقيقية بما هو متوفر في الدول الأخرى، ما يعني انتهاء فرص تنفع المهربين، وتعادل السعر مع البلدان الأخرى، وبالتالي توقف عمليات التهريب تلقائيا.

وإذا كان لابد من تبني المعالجة بهذا الأسلوب، فإنه ينبغي على الحكومة أن تضع نصب أعينها حقيقة أن تأثير رفع الدعم لن يكون مقتصرا على المواطنين كأفراد، من خلال استعمالهم لسياراتهم فحسب، إنما الأثر ينسحب على مجموعة متكاملة من المنتجات والخدمات تستعمل فيها المحروقات وملحقاتها ومنها:

  • المخابز والصناعات الغذائية المحلية التي تستخدم الوقود
  • كافة المنتجات الصناعية المحلية والمعدات والتي تستخدم الوقود
  • وسائل النقل العام ( بري- جوي – بحري) والخاص وسيارات الأجرة
  • شركة الكهرباء وما يترتب عن ذلك من رفع في سعر التعريفة الاستهلاكية

إنه بالنظر إلى كل تلك الاعتبارات التي تتأثر مباشرة او غير مباشرة بتغير تكلفة المحروقات وملحقاتها يكون لزاما إجراء دراسات اقتصادية ومالية معمقة وشاملة حتى يمكن الوصول الى معالجات علمية وعملية تراعى فيها مصلحة الشعب والدولة ومن باب المساهمة فإني أقترح في سبيل ذلك ما يلي:

أولا:

استحداث صندوق “الدعم السلعي” أو إعادة تفعيل “صندوق موازنة الأسعار” الذي كان موجودا قبل سنوات، بحيث يتم سنويا تحويل المخصصات المحددة للدعم السلعي للصندوق وفقا لجدول الميزانية المعتمدة للدولة، وتشمل السلع (الوقود وبعض السلع الأساسية الدوائية والغذائية).

ثانيا:

آلية تفعيل عملية الاستفادة من الدعم على مستوى الأفراد والمؤسسات

  1. على مستوى الأفراد يتم إصدار بطاقات دعم خاصة لكل مواطن ليبي تجاوز سن الثامنة عشرة، وتضخ فيها المبالغ النقدية المخصصة كل شهر أو شهرين أو ثلاثة شهور، وتزود كافة محطات الوقود بمنظومة دفع إلكتروني خاص ببطاقات الدفع، وبذلك يمكن للمواطن الحصول على الحصة المخصصة شهريا من أي محطة وقود، وفي حالة تجاوز المخصص يدفع نقدا بالسعر العادي
  2. على مستوى الجهات الخاصة الخدمية مثل المخابز وسيارات النقل والأجرة وغيرها يتم إصدار بطاقات دعم ترتبط برخصة النشاط، حسب ما تحدده جهات الاختصاص من حيث القيمة المخصصة بالدعم، لكل رخصة نشاط سارية المفعول، ويتم ضخ المبالغ المخصصة في البطاقات كل شهر أو اثنين أو ثلاثة
  3. على مستوى الجهات العامة الخدمية والصناعية بما فيها شركات النقل الجوي والبري يقدم مخصص الدعم حسب الأحوال على شكل تحويلات مالية ربع سنوية وفقا لتقديرات مدروسة للجهات المعينة من وزارتي الاقتصاد والمالية


جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا