لماذا تخلي من ساعد ثورة 17 فبراير عنها…… حسابات ومصالح ام لعبة سياسية - عين ليبيا

من إعداد: د. ناجي بركات

عندما اندلعت ثورة 17 فبراير بليبيا لم يكن في الحسبان بأن العالم وباسره سيقف ويدعم هذه الثورة ولم يدعم المقبور الا قلة او بعض المستفيدين ماديا منه.

لقد بدأت طلائع هذه الثورة مند نجاح ثورة تونس وثورة مصر وحدد يوم 17 فبراير يوم الحسم في ليبيا. فعلا  كان كل الليبيين والليبيات في الموعد وكان كل واحد يحب الخير لليبيا يعد في نفسه لهذا اليوم. انطلقت الشرارة من البيضاء والزنتان وبنغازي وطبرق وتبعتها باقي المدن الليبية. بحلول يوم 20 فبراير، شلة حركة النظام وشاع بأن المقبور علي وشك الرحيل الي فنزويلا. الكل يعرف بأن استمرار الانتفاضة في ليبيا مهم واستمرار الدعم العالمي بداء يأتي وتوالت الانتصارات الي ان قتل المقبور يوم 20/10/2011.

نبذة بسيطة عن تسلسل الاحداث بخصوص ثورة 17 فبراير وفي الايام الاولي ومن يريد الاطلاع اكثر يمكنه ان يذهب الى: http://hanein.info/vb/forumdisplay.php?f=110&page=72

1- 15-16 فبراير 2011 بداية الانتفاضة والاعتصامات في بنغازي والبيضاء وطبرق

2- 17-21 فبراير بداء التظاهر والاعتصامات وسقوط قتلي في عدة مناطق بليبيا

3- 21/2/2011،وزير العدل السيد مصطفي عبدالجليل يستقيل من حكومة القذافي

4- 21/2/2011 سيف القذافي يلقي خطابه المشؤوم والذي ارهب العالم وساعد في اتخاد قرار بمساعدة ودعم ثوار ليبيا وحماية المدنيين.

5- 21/2/2012 ، د علي العيساوي اول سفير ينشق عن القذافي من السلك الدبلوماسي

6- 02/03/2011م اعلان عن بداء تأسيس المجلس الوطني الانتقالي المؤقت

7- 07/03/2011 الإعلان الرسمي عن المجلس الوطني الانتقالي واعضائه

8- 10/03/2012، فرنسا تعترف رسميا بالمجلس الوطني الانتقالي وكأول دوله (وين قطر)

9- 13/03/2011، الجامعة العربية تصدر قرار بتبني فرض حضر جوي علي ليبيا

10- 18/3/2011، مجلس الامن يصدر قرار 1973 بفرض حضر جوي وحماية المدنيين

11- 19/03/2012، بداء العمليات العسكرية لحلف الناتو لحماية المدنيين بليبيا

12- قرار مجلس الامن 1973

كان اول اعتراف بالمجلس الانتقالي كممثل شرعي لليبيين والليبيات جاء  من فرنسا وتوالت الاعترافات وخاصة من الدول الكبرى.  فرنسا تعملها مرة اخري باعترافها بمجلس السوريين وهذا نصر للسوريين ولكن درس لهم كذلك بأخذ الحيطة والحدر. لقد تذكرت امس عندما شاهدت الوفد السوري يجتمع مع الحكومة الانجليزية وسوغ يكون اعتراف بهم يوم الثلاثاء القادم. لقد تذكرت زيارتنا الي بريطانيا في مايو 2011 انا والشيخ مصطفي عبدالجليل والاستاذ احمد جبريل وسليمان الفورتية. لقد اجتمعنا مع الحكومة برقم 10 دوننج ستريت وكيف كان اللقاء وكيف ان الحكومة الانجليزية تدعمنا وتعترف بنا ولن تتخلي عن دعمها لليبيين الي ان تكون ليبيا دولة حرة ومستقلة. هذا الدعم كان معنوي اكثر من ترجمة علي ارض الواقع وخاصة بعد اعلان التحرير. هذه الزيارة رسمت طريق جديد امام المجلس الوطني الانتقالي وامام المكتب التنفيذي للمضي في تحقيق رغبة كل الليبيين الليبيات للتخلص من حكم المقبور. لقد كانت هنالك حادثه طريفة ما زلت اذكرها. لقد كان هنالك شخص موجود اثناء العشاء ومن بعيد. قرابة منتصف الليل وجدت هذا الشخص يخرج من غرفة الشيخ مصطفي حيث كانت غرفتي في نفس الممر وبيديه بدل وعدد من الحقائب وشخص اجنبي. يقول له الشيخ بارك الله فيك. بالصدفة كنت قد خرجت من غرفتي وكنت مسرع، نظر الى هذا الشخص وسألني هل تريد اي شيء وهو متحشم لأنه انفضح. قلت جزاك الله خيرا وانا لأعرفه ابدا. اتضح فيما بعد انه من رجال الاعمال واصبح عضو في المجلس الانتقالي والان سفير ليبيا في بلد اوربي.  فعلا كان متسلقا وهم كثيرون امثاله والشيخ بنفسه قال لي لا اعرفه عندما سالته في الصباح. لنعد الي حديثنا عن دول العالم ودعمها لليبيا اثناء ثورة 17 فبراير.

حلف الناتو اخد علي عاتقه مساعدة الشعب الليبي والامام المتحدة اصدرت قرار 1973 بحماية المدنيين من الطرفين. قطر ودول الخليج العربي ساهمت ولكن قطر كانت اكثر وقناة الجزيرة اصبحت صوت ثورة 17 فبراير. قطر كان لها دور مميز في دعم الثورة وهذا يشهد له كل الليبيين والليبيات ومشكورين علي هذا وكان غير محدود سوء سياسي او مادي. بعد حين اتضح ان قطر لديها ميول للإسلامين وصار لديها فريق في بنغازي والجبل الغربي ثم في طرابلس بعد التحرير ويشمل خبراء عسكريين ومدنيين ورجال دين. لقد قامت بأرسال اسلحة ومعدات ودواء واكل الي ليبيا. كانت هنالك طائرة عسكرية تقوم بنقل الاشياء الضرورية واعضاء الحكومة وبعض من الشخصيات من والي ليبيا. كانت الوسيلة الوحيدة حتي شهر يونيو 2011 عندما بدأت الامم المتحدة في تسير طائرة بين ليبيا وتونس ومصر ومالطا. دور قطر كان فريد وغريب وكنا نقول نعم للعروبة ونعم للأشقاء ولكن بعد حين اتضح هذا الدور الي انه يهدف الى مصالح ربما تكون شخصية او تخدم مصالح مجموعة معينة او دولة معينة. الامارات كان لها دور ولكن لم تتدخل كثيرا وكان دورهم انساني وتطور الي دعم عسكري بعد حين . السعودية لم تقدم اي شيء وتركت قطر تعمل ما تريد. بعض الدول العربية تتفرج فقط وعندما تيقنوا  بأن القذافي انتهي ، بدأت هذه الدول تتحرك لدعم هذه الثورة وببطاء شديد ليس له مثيل في حين ان حلف الناتو يسير وبسرعة لأجل القضاء علي نظام القذافي. لم يمت جندي قطري او اماراتي او من حلف الناتو. طائرة واحدة فقدت لحلف الناتو نتيجة خلل فني وانقد الطيارين. كميات الدعم كانت كبيرة من حلف الناتو سوء علي الصعيد الحربي او السياسي او المعنوي او الانساني. هذا كله كان ايام التحرير وحتي نهاية سنة 2011 ثم حصلة عملية مراقبة من بعيد فقط دون تدخل وبحجة ان الامم المتحدة ستقوم بكل شيء وهو أسوء قرار او رأي يمكن ان يقوم به المجتمع الدولي.

بعد هذا صارت ليبيا لوحدها وانفضحت قطر وصار الصراع السياسي بين من تدعمهم قطر ومن تدعمهم السعودية ومن تدعمهم الامارات. مجموعة حلف الناتو لا تريد ان تتدخل ولكن تركت ليبيا لقمة صائغة في فم ذئاب جائعة ممن يلهثون وراء السلطة وممن يلهثون وراء الكراسي . اصبحت صراعتهم السياسية كثيرة وكبيرة الى ان وصلت واستهدفت اشخاص معينين وكان اولهم الشيخ مصطفي عبدالجليل والذي اجتمع علي تأييده كل الليبيين والليبيات. لقد استهدف المكتب التنفيذي واستبعد جميع اعضائه من الصورة وكان جلهم يفهم اللعبة السياسية والتي تقوم بها قطر وبعض دول الجوار لإيصال الاخوان الي السلطة. هذا الصراع السياسي افرز حكومة الكيب الضعيفة والتي اضاعت سنة كاملة علي الليبيين والليبيات في فرض الامن والاستقرار وارجاع ليبيا الى العالم في ثوب جديد ونظيف والوقوف وبحزم ضد من يحاولون الوقوف ضد العملية الديموقراطية في ليبيا. ليبيا مازالت على شفى حفرة او جرف والي هذا اليوم نتيجة ضعف  حكومة الكيب وعدم تدخل المجلس الوطني الانتقالي. الكل يعول علي حكومة زيدان لتقوم بتعويض الليبيين والليبيات علي ما لم يقوم به الكيب وحكومته. نتمنى له النجاح ويجب ان نقف معهم جميعا وندعمهم ونوفر خبرتنا ونوظفها معهم وكل من يريد ذلك يجب ان يكون في ليبيا ومع الليبيين وان يضحي من اجل ليبيا ويساعد هذه الحكومة والمؤتمر الوطني. يجب الابتعاد عن السلبية وليبيا لنا جميعا.

لقد تخلي العالم عن ليبيا طوال الفترة الماضية وخاصة بعد التحرير ولعدة اسباب:

1- لا يريدون تكرار ما حصل في العراق وترك الليبيين يحددون مصيرهم بأنفسهم

2- خبرة الليبيين والليبيات في العمل السياسي والتنظيمي ضعيفة ولم ينتبه العالم لهذا وتركوا لأمم المتحدة اخد القيادة للمساعدة ولكنها فشلت كما فشلت من قبل في عدة دول وهذا ليس بغريب

3- العالم يمر بأزمة مالية كبيرة ولا يريدون ان تصرف اموالهم وخبراتهم في ليبيا لأنهم بحاجة لهذا وشعوبهم ستحاسبهم

4- وجود صراع سياسي وخاصة بين المجموعات الدينية والليبرالية. الغرب لا يدعم احد بحجة ان الشعب الليبي سيختار الحكومة بنفسه وهو من يقرر وممكن هذا الصراع سيبرز وجوه جديدة وقوية ومن خلال الممارسة والتجربة. هذا لم يحدث واستبعدت كل الخبرات.

5- ميول الغرب وامريكا للإخوان المسلمين واعطائهم الضوء الاخضر كما هو موجود في مصر وتونس والمغرب، لأنهم مجموعة مسالمة ولن تقوم بمنافسة الاخرين ولن يحدث تطوير ولمدة 30-40 سنة اخري حيث برامج هذه المجموعات كلها روحانية واجتماعية وليس هنالك تصور الى اي تطور اقتصادي او علمي او مهني. كما ان حرية المرأة مكفوله فيما يخوله الدين والشريعة. كلها اشياء مطمأنه للغرب وامريكا ولا تضر امريكا او الغرب وسوف يستفيدون من النفط وثروات ليبيا

6- لا وجود لأى نظام ادارى او مصرفي او امني او عسكري في ليبيا قبل الثورة ومن الصعب بنائه وهنالك مخاطر كثيرة والجميع لا يريد ان يخاطر

7- سياسة الاحتواء وهذا ما يريدونه.  نظرا لوجود الصرعات القبلية والجهوية داخل ليبي عمدت هذه الدول على الوقوف من بعيد ومراقبة الجميع، حتي يمكن ان يتعرفوا علي القيادين في هذه القبيلة او المجموعة وتصنيفهم ومن بعد العمل علي احتوائهم. هذا فشل ولم يفرز اي نتائج.

هذه بعض الاسباب والتي جعلت مجموعة الناتو تبتعد عن ليبيا وتتبع سياسة المتفرج . لقد أخطأوا مرة اخري كما كان في العراق. الان المليشيات قوية واصبح لها نفود علي القبيلة والمنطقة ولديهم اسلحة وافراد وقيادات مؤثرة في الشارع. غياب الدولة ساهم مساهمة كبيرة في خلق الفوضى داخل ليبيا. هذه الفوضى مبرمجة في بعض الاحيان وفي بعض الاحيان الأخرى هي فرض رأي وبالقوة وخاصة ممن يملكون السلاح والافراد امثال مصراته  والزنتان والاخوان المسلمين والسلفيين. لقد تخلى حلف الناتو عن ليبيا وساهموا في خلق هذه الفوضى وصارت ليبيا غير مستقرة ومن حين لأخر يحدروننا بأن ليبيا ستضيع جراء هذه الفوضى.  الاف السجناء 8000 جلهم في سجون المليشيات ولا وجود لوزارة العدل وكل السجون تحت سيطرة المليشيات وهنالك انتهاكات كثيرة وخطيرة لحقوق الانسان. الايام القادمة عصيبة علي هذه الثورة من المجتمع الدولي وهم الان يعدون في طبخة بخصوص هذا الموضوع وله ابعاد كثيره. يريدون ان نطلب منهم القدوم بعساكرهم الى تراب ليبيا وهذا امر مرفوض. يريدون ان يكونوا حماة للنفط وهذا مرفوض. لا يفهم البعض بأنني اشجع علي هذا ولكن نريد مساعدتهم وكان من المفروض من هذه الدول عملي الاتي:

1- العمل مع المجلس الوطني الانتقالي والحكومة لاحتواء الثوار وذلك بخلق برامج لهم تكون تعليمية ومهنية واجتماعية لم يحصل هذا واللوم يكون علي حكومة الكيب.

2- وجود عدد محدود جدا من الكفاءات الليبية في مجالات حقوق الانسان والتخطيط الاستراتيجي وادارة الازمات وتأهيل الجرحى والمحاربين واسترجاع الاموال والعمل مع المجتمع الدولي ..الخ. هذه الخبرات موجودة بعدة دول ويمكنهم مساعدتنا في هذا ولكن هل طلب منهم او ان حكومة الكيب اخفقت في هذا كما اخفقت في الكثير من الاشياء.

3- مساعدة الدولة الليبية في انشاء مراكز تأهيل لمساعدة الجرحى ومعالجة الثوار نتيجة صدمة الحرب وكذلك الاهالي وخاصة الاطفال.

4- المساعدة في بناء جهاز القضاء وذلك من خلال بناء سجون حديثه وذات تقنيات عالية للحراسة وتدريب القضاة للبداء في محاكمة ازلام النظام والعمل بمبادي احترام حقوق الانسان والسجناء.

5- البداء في رفع كفاءات الاداريين والمهنيين للبداء في خلق نظام اداري تبني عليه مؤسسات الدولة حيث خبراتهم في هذا المجال كبيرة ومتطورة.

6- المساعدة في تكوين وزارة الداخلية والدفاع وذلك بأرسال مدربين وخبراء وفنيين والبداء من الصفر في تكوين جهاز الشرطة والجيش وبكل فروعهما.

7- التوعية السياسية والبداء في تدريب اعضاء الاحزاب عن التربية الحزبية والنظم الحزبية حتي تتكون نخبة سياسية جديدة وقوية للنهوض بليبيا.

8- الافراج عن الاموال الليبية بالخارج وتتبع اموال ازلام النظام ومساعدة الحكومة الليبية  لإنجاح هذا وبأسرع وقت. هذه الاموال مهمة بالنسبة لليبيا وهي استثمارات مهمة وورقة ضغط علي هذه الدول ولم يستعملها الكيب او المجلس الوطني الانتقالي وهي  ستكون فعالة لليبيا المستقبل وكذلك لهذه الدول اذا ارادت ان تكون صديقة للشعب الليبي.

هذا يكون من الدول ولا يكون من المنظمات العالمية حيث هذه المنظمات اثبت فشلها في كثير من الدول وليس فيه اي نوع من الاستفادة من برامجها وهي بطيئة جدا وبها بيروقراطية زائدة وتصرف اموال كثيرة دون ان يكون هنالك مردود ايجابي وواضح وليس به خطط طويلة الامد. تعتمد هذه المنظمات علي خبرات قليلة الخبرة وكل شغلها في الازمات والكوارث.

العباء الاكبر سيكون علي الشعب الليبي وهذه الدول فعلا ساعدة في انجاح هذه الثورة ولولا الله والثوار والشعب الليبي والناتو لم تنجح هذه الثورة. هنالك من يريد الخير لليبيا ولكن كثيرون لا يريدون الخير  وهمهم الوحيد هو مصالحهم الشخصية فقط ليس الا. لقد تعروا وانفضحوا ولكن من يترقب عليه الان ان يتقدم وبقوة لمساعدة ليبيا لأن ليبيا وبعون الله لن تكون دولة مارقة وستكون دولة ناجحة وبعون الله. زيارة وزير الخارجية الفرنسي الاخيرة ربما تكون بإيعاز من حلف الناتو للبداء في العمل مع الليبيين من اجل امن واستقرار ليبيا والخروج من الفوضى المبرمجة الي فوضي نموذجية تهدف الي خلق نظام واسس وقواعد للبداء في تكريس امن واستقرار ليبيا والمحافظة علي كرامة المواطن الليبي. ربما هذه الزيارة مؤشر للزج بليبيا في معارك كبيرة في الجنوب ومع طوارق مالي والنيجر والجزائر ويجب ان لا نقبلها ويجب ان نرتب بيتنا الداخلي ولا ندخل في صرعات مع جيراننا .

كلنا امل بأن المجتمع الدولي لا يترك ليبيا لقمة صائغة يلتهمها من يروجون لأيديولوجيات غريبة عن المجتمع الليبي وخاصة من يتسترون وراء الدين. اذا لم يقف الليبيين والليبيات ومعهم المجتمع الدولي في وجه من يحاولون زعزعة امن واستقرار ليبيا، حتما ليبيا ستستمر في هذه الفوضى وتكون النتيجة لبنان شمال افريقيا وتستنزف ثروات ليبيا وتفقد قيمتها ويطمع فيها جيرانها. انا متفائل بأن هذا لن يحدث لأن الليبيين ليسوا كالمصريين او التونسيين والليبيين والليبيات لهم خصوصياتهم ويحبون ليبيا واكثرهم مهنيين والان خاضوا تجربة سياسية فريدة وسيحافظون عليها لأنها جلبت الكرامة والعزة لهم ومن يخاف الله يجعل له مخرج.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا