لماذا يتجاهل “الوطنيون” التبو و الأمازيغ؟ - عين ليبيا

من إعداد: حسين أرنيمي

لقد كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن مسودة الدستور، و الترويج لها على إنها مخرج من الأزمة الليبية المعقدة، ورأينا شخصيات عديدة تدعي الوطنية والحرص على وحدة التراب الليبي، وتسعى أناء الليل و أطراف النهار لمناقشة كل أبواب هذه المسودة وموادها، وتحاول إظهار هذه المسودة الإقصائية على أنها مسودة وفاق، تضمن كل حقوق المواطنين في ليبيا، متجاهلين مقاطعة التبو و الأمازيغ لهيئة صياغة الدستور، ورفضهم التام لهذه المسودة الإقصائية، التي لم يحترم مصوغوها مبدأ التوافق مع الأقليات العرقية، وضربوا قانون التوافق عرض الحائط، وصاغوا مسودة على هوى الأغلبية العربية المهيمنة على الهيئة والتي يحاول بعض أعضائها بشتى الطرق هضم حقوق الأقليات عامة و التبو خاصة بدوافع عنصرية وقبلية.

تناقشت في إحدى الأيام مع أحد هؤلاء الذين يدعون الوطنية، ويروجون لهذه المسودة،فسألته عن سبب تجاهله لمقاطعة الأقليات العرقية للهيئة، ورفضها للمسودة الإقصائية؟ حاول المراوغة والتهرب من سؤالي و إقناعي بأن الوضع المأساوي الذي تعيشه ليبيا، الناتج عن صراع الأحزاب العربية على السلطة، يتطلب من الأقليات العرقية من التبو و الطوارق و الأمازيغ التنازل عن حقوقهم الدستورية، وطمس هويتهم، والتخلي عن ثقافتهم، وثقافة أرضهم التي توارثوها عبر ألآف السنين، ورفع الشعارات الوطنية الزائفة، التي لا تسمن و لا تغني من جوع، و إنتهى النقاش دون التوصل إلى حل، و أدركت أن هؤلاء الأشخاص “المتبجحون بالوطنية” يتعمدون تجاهل الأقليات و يقفزون فوق حقوقهم عن الحديث عن الدستور.

إنه من المعيب و المخزي؛ أننا لا نرى أي شخصيات من المكون العربي تدافع عن حقوق شركائهم في الوطن، من التبو و الطوارق و الأمازيغ، و لا نرى أي أحد منهم يدعوا للتعددية الثقافية و صياغة دستور توافقي لكامل مكونات الأمة الليبية، و للأسف الشديد لم نرى حتى أي مبادرات من الشخصيات العربية، و كذلك الأحزاب العربية لإجراء حوار بين هيئة صياغة الدستور و بين ممثلي الأقليات العرقية من التبو و الأمازيغ، بل نراهم يتشاورن في تقسيم الحصص، و الكراسي، بين المناطق و الأقاليم و يطلقون المبادرات الحوارية فيما بينهم و كأنهم وحدهم لا شريك لهم في هذا الوطن.

وختاماً على كل من يدعي الوطنية، وحرصه على إنقاذ الوطن، عليه أن يدرك بأنه لن تهنئ البلاد إلا بحل كافة الإشكاليات، وأهمها حقوق الأقليات في الدستور و ضمان حقوقهم، و دسترة لغاتهم، و تمثيلهم تمثيلاً كافياً في المناصب، و أن التعددية الثقافية هي من أهم أسباب تقدم الدول وقوتها، وأما الطمس، والتهميش، وإنكار الوجود، والهيمنة، والخطابات الإستعلائية، السلطوية الفوقية، لن تبني دولة، ولن تحقق إستقراراً وتنمية، بل تؤدي إلى حروب أهلية، وصراعات مسلحة، وتدخلات خارجية نحن في غنى عنها.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا