لماذا يريدون رفع الحراسة القضائية عن «المؤسسة الليبية للاستثمار»؟

لماذا يريدون رفع الحراسة القضائية عن «المؤسسة الليبية للاستثمار»؟

محمد إبراهيم

خبير ومحلل اقتصادي مستقل

انكشف للعلن خلال اليوميين الماضيين قيام مكتب النائب العام بحبس السيد علي محمود حسن رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار وقالت معظم التقارير التي تعرضنا لها عبر وسائل الإعلام أن سبب حبسه يرجع لقيامه بالتواطؤ مع السيد إسماعيل أبو ظهير وذلك بإعادة تسليمه مبلغ 700 مليون دولار أمريكي من أموال المؤسسة رغم صدور حكم من المحاكم البريطانية يقضي برفض الدعوى التي رفعها السيد أبو ظهير ضد المؤسسة والتي كان يهدف من وراء رفعها لإبطال قرار المؤسسة باستعادة هذه الأموال منه.

حتى هنا تبدو الأمور طبيعية وتجري في السياق الطبيعي وهو محاربة الفساد، ولكن بعد ذلك بيوم قام مكتب النائب العام بحبس السيد عبد المجيد بريش لدي قوة الردع بمطار معيتيقة بناءً على شكوى من السيد علي محمود حسن اتهمه فيها بأنه يعارض رفع الحراسة القضائية علي المؤسسة في لندن.

بعد ما ذُكر يثور سؤال واضح للعيان ومشروع وهو إذا كان السيد علي محمود حسن تم حبسه على ذمة قضية فساد واستغلال وظيفته فكيف تقبل شكواه ضد السيد عبد المجيد بريش الذي هو أصلاً من تقدم ببلاغ للنائب العام عن واقعة الفساد التي اتهم وحبس فيها السيد علي حسن محمود، وللإجابة علي هذا السؤال لابد من معرفة ما هي الحراسة القضائية التي يسعي السيد علي محمود حسن المتهم بقضية فساد لرفعها بل ويصر بقوة علي ذلك إلى حد دفعه لتقديم شكوى ضد السيد عبد المجيد بريش يتهمه فيها بمعارضة رفع هذه الحراسة وانتحال صفة أمام القضاء الأجنبي، ولعل الإجابة علي هذا السؤال تساعد فك الغموض حول هذه التطورات.

وبعد أن رجعت لصديق مقيم بلندن وهو قانوني لمحاولة فهم ماهية الحراسة القضائية على المؤسسة الليبية للاستثمار استفدت كثيراً من حجم المعلومات المتوفرة لديه عن الصراع القائم حول رفع الحراسة القضائية على المؤسسة الليبية للاستثمار في بريطانيا، حيث يتوجب في البداية توضيح بأن الحراسة القضائية المفروضة علي المؤسسة الليبية للاستثمار لا تنصرف لأصول واستثمارات المؤسسة في لندن التي هي في الأصل خاضعة لقرارات التجميد الدولية، وإنما تتعلق ببعض ملفات الفساد التي سبق وأن قام السيد بريش عندما كان علي رأس المؤسسة في سنة 2014م مباشرتها.

قامت المؤسسة برفع هذه القضايا أمام المحاكم البريطانية وتكبدت مصاريف قانونية باهظة ولكن عند حصول الانقسام السياسي وإنشاء جسم موازي للمؤسسة تعرضت هذه القضايا لخطر الانهيار وكان الحل الأمثل والأفضل للمحافظة على مصالح المؤسسة هو تقديم طلب للمحكمة البريطانية لتعيين حارس قضائي يتولى متابعة هذه القضايا أمام المحاكم.

وفعلاً صدر قرار قضائي لتعيين حارس قضائي مهمته الأشراف على المنازعات القضائية ويكون هذا الحارس القضائي خاضع لرقابة وإشراف القضاء البريطاني، وفعلاً تمكن هذا الحارس من إنجاز اتفاق تسوية القضية المرفوعة من المؤسسة ضد بنك سوسيتيه جينرال الفرنسي وحصلت بموجبه المؤسسة على حقوقها من هذا البنك.

استمر هذا الحارس القضائي في الإشراف على عدة قضايا أخرى من بينها القضية المرفوعة من السيد إسماعيل أبو ظهير ضد المؤسسة والتي خسرها مؤخراً، وقد أسر لي صديقي بأن السيد علي حسن محمود حاول عرقلة جهود الحارس القضائي في متابعة قضية محفظة بلادين بعدة طرق من بينها إيقاف تمويل مصاريف هذه القضية حتى يتمكن أبو ظهير من كسب هذه القضية، وعندما باءت جهوده بالفشل وتوجت مصالح المؤسسة بالنجاح تحت إشراف الحارس القضائي قام السيد علي محمود حسن بإصدار قرار بإعادة سيطرة أبو ظهير علي هذه الأموال كما بذل جهود حثيثة لإنهاء الحراسة القضائية علي المؤسسة في لندن حتى يتمكن من إقفال بقية الملفات المفتوحة أمام القضاء البريطاني.

السيد بريش المتهم بمعارضة رفع الحراسة القضائية عن القضايا فإن وجهة نظره ترجع إلى أن الوضع في ليبيا غير مستقر ويجب بقاء الحارس القضائي المكلف بمتابعة هذه القضايا في ظل سعي بعض الأطراف لإنهاء دور الحارس القضائي حتى تتمكن من إقفال هذه الملفات وقد صدق ظنه بإقدام علي حسن محمود بتصرف مناقض لمصالح المؤسسة المكلف بحمايتها وصونها.

هذا شرح مبسط لوضع معقد والواضح والجلي أن اتهام السيد بريش بل وحبسه كان بسبب معارضته لرفع الحراسة القضائية عن القضايا الخاصة بالمؤسسة في ظل سعي البعض لإقفالها من خلال إنهاء دور الحارس القضائي المعين من القضاء البريطاني والخاضع لرقابته.

وهنا نريد استجابة سريعة من السيد النائب العام ووضع الأمور في نصابها الصحيح وإعادة الاعتبار للسيد عبد المجيد بريش، ونحن على ثقة في عدالة السيد النائب العام.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد إبراهيم

خبير ومحلل اقتصادي مستقل

اترك تعليقاً