ليبيا بين انتصار الجميع, أو خسارة الجميع - عين ليبيا

من إعداد: عبدالرؤوف الشريف عبد الله

تسير ليبيا كل لحظة اليوم نحو خروجها من أيدي أبنائها السياسيين والمقاتلين, المحاربين والمتجملين, الزاهدين والمتصنعين, لكل نجواه, و لكل عقيدة وهدف والحقيقة التي يعلمها جميع هؤلاء أن بلادهم تخرب وتدمر وتحرق بأيديهم تحت أعين وأنظار العالم القريب والبعيد عنا الذي يحرك هذه اللعبة والذي لا يدفع ثمنها الا شعبنا الليبي وبلادنا الجريحة والتي لا أرى بلد تحمل هفوات وأخطاء أبنائه اتجاهه كبلدنا ليبيا.

لن اتطرق لحالة الحرب التي تعاني منها ليبيا والتي بدأت سياسية ثم وظف الدين بها و وظفت بها في بعض الأحيان القبلية والمناطقية بشكل سلبي وليس لدعم السلم والاستقرار الأهلي بل لمزيد من الفتنة , فالتطرق لها ممل وتافه لأنها كانت أمام أعين الليبيين وتذوق الكثير طعمها , طعم أصوات الانفجارات القريبة , طعم سقوط الصواريخ على بيوت الأمنيين , طعم النزوح الداخلي والخارجي والمؤقت والمستديم , طعم التعذيب والأذى والاعتقال خارج القانون وحرق أرزاق وبيوت ومزارع الابرياء والمذنبين أو المتهمين!

بأختصار طعم عدم وجود دولة فاعلة ودولة مفككة هزيلة تضيع من بين يدي أبنائها.

قد يوجد حل وحيد ولا اعتقد انه يوجد أفضل من حل أن الجميع منتصر ! لا غالب لا مغلوب , ولا الجميع خاسرين.

الحل هو في حوار غدامس 2 أو أي طاولة حوار وطني أخرى علنية أو سرية المهم تكون ليبية خالصة لا دولة عربية , أو أجنبية فيها او ورائها , من يرفضها يثبت انه مدار من الخارج وأمره وقراره مرهون للخارج ! ومن يكشف عنها أو بمعنى تخريب نتائجها والتشويش عليها هو كذلك لا قرار له ومرهون للخارج.

طاولة حوار عامة وطنية تجمع الجميع:

– قيادات او من يمثلهم من الأحزاب المعروفة والتي كان لها ادوار بغض النظر سلبية او ايجابية منذ فترة 2011 الى اليوم

– قيادات من الثوار , جيش وطني , مسميات عسكرية او قتالية أخرى

– قيادات قبلية معروفة وذات تأثير

– عناصر معروفة ومؤثرة من النظام السابق , لازالت داخل ليبيا أو خارجها , او حتى من هم في السجون

– مشائخ من أهل العلم والدين

الاتفاق على الآتي:

أقرار ميثاق شرف وطني بين الجميع يعلن لعامة الشعب:

1- إيقاف حملات التشهير والإساءة السياسية والجهوية والتحريضية والشخصية المتبادلة بين الجميع كأشخاص أو أحزاب او مدن ومناطق.

2- خروج المظاهر المسلحة من المدن وسحب الأسلحة الخفيفة والثقيلة منها لمعسكرات ومقرات يتعهد الجميع بعد استهدافها.

3- تثبيت نقطة أن الحوار الصادق هو أساس لحل كل الخلافات وعدم الاحتكام الى السلاح بين الليبيين أطلاقا.

4- رفع أي غطاء سياسي او ديني عن أي طرف لا يعترف بالدولة او له أهداف من خارج الحدود كتنظيمات الأمارات الدينية التي لا تؤمن بالوطن ولا الشعب.

5- إطلاق وتبادل سراح الأسرى بين الجميع.

6- السماح بعودة النازحين القدماء والجدد من خارج البلاد والنازحين داخلهـا وترطيب أجواء عودة السلم الأهلي بين المناطق.

7- التفاهم على شكل و أطار عام لإدارة الدولة من الناحية الإدارية والاقتصادية والمالية تعطي حق كل المناطق في التنمية المستعجلة و الفرص العادلة ولا فرق فيها بين مدينة أو أخرى,قرية أو أخرى.

8- اعتبار القضاء الليبي المرجع الأعلى للفصل في القضايا والاحتكام أليه دون سواه وتفعيله ودعمه وعدم الوقوف ضده من أي طرف والمرجع الدستوري للعودة أليه في حالة حدوث أي فراغ والإقرار والإذعان لقراراته.

9- الاستعداد لانتخابات جديدة رئاسية والمعد لها أصلا من المفترض بشرط أن تكون تحت أشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية مثلا لإضفاء طابع الجدية والنزاهة والرغبة الحقيقية للوصول إلى استقرار بين الجميع.

10- إلغاء العملية السياسية السابقة المتعلقة بالمؤتمر الوطني والبرلمان ولجنة الدستور وانتخاب لجنة دستور جديدة أو استمرار الاولى أن رضت الأطراف ذلك.

11- خروج السيد حفتر والسادة أمثال محمود جبريل , عبدالرحمن السويحلي, عبدالحكيم بلحاج ومحمد صوان من المشهد السياسي والأمني الليبي ولو لبضع سنوات , لان هذه الأطراف كان له دور تدميري مرت به ليبيا من 2012 وحتى الان أن كانوا فعلا فضلوا حقن الدم وتثبيت استقرار ليبيا على مصلحتهم الشخصية والدعائية , أو استمرارهم جميعا دون أن يقول طرف لا نريد فلان أو علان أو هذا معزول أو غير معزول.

12- استبعاد من الحوار الشخصيات الدعائية وعاشقة الصور ولا تأثير لها في الواقع الليبي والتي وجودها يزيد من تشويش الأمور.

13- إعلان تأسيس لجنة مصالحة وطنية عليا مستقلة تختص بأوضاع المصالحة بين المناطق والمدن وتجهيز آليات حل الخلافات وعودة النازحين.

14- تشكيل لجان حوار مصغرة أو ثنائية فرعية بين بعض الخصوم والمتصارعين او من المتصارعين من المناطق القريبة لبعض.

15- تحييد الاعلام الليبي العام والخاص بين الخصوم.

16- أي نقاط أخرى تخدم المصلحة الليبية بشكل عام وخاص وتحقق الاستقرار والسلم الأهلي الحقيقي وليس الدعائي.

فالحاصل اليوم في ليبيا لا رابح فيه والجميع خاسر ومضحوك عليه والشعب الليبي يدفع ثمن هذه الأجندات الخارجية التي لم تعد تحاك بل تنفذ على بلادنا وبأيدينا.

الكل متوهم بأنه سينتصر ولا طرف مسموح له بالانتصار في هذه اللعبة الخارجية القذرة ,فقط استمرار استنزاف الجميع وقتل الجميع للجميع وزيادة الحقد والكره لصالح فئة قليلة تعيش معظم وقتها خارج ليبيا.

نموذج مدينة بنغازي اليوم للأسف مؤلم جدا و مثال خطير لشكل باقي المدن الليبية أن استمرت هذه اللعبة الخارجية التي تجرى في الملعب الليبي المدمر, بنغازي تدمر اليوم بواسطة أبنائها من الجيش, قوات خاصة , دروع , مليشيات متطرفة, مليشيات دخيلة, المهم بأيدي أبنائها بغض النظر عن صدق قضية كل طرف او عدم صدقها وهذا أسوأ حال نصل أليه في ليبيا اليوم.

ما حدث في طرابلس منذ منتصف رمضان السابق الى ما بعده كان نموذج بالغ الخطورة لعاصمة تحترب من أطراف من داخلها وخارجها وتدمير وحرق مطارها بطائراته أمام أعين العالم ونزوح الآلاف العائلات البريئة التي لا علاقة لها بطرفي او أطراف الصراع يعطي مثالا قذرا لما يريده المجتمع الدولي من ليبيا حيث التزم التجاهل والصمت و أوضح مثال خروج السفيرة الأمريكية التي شهدت بعض من أحداث هذا القصف و أصواته وضوضائه حتى بالقرب من مقر سفارتها.

مدينة بنغازي تدمر اليوم دون وجود حل قريب لانتهاء النزاع المسلح أو أمكانية فوز طرف على طرف وهذا يعني استمرار النزوح والتدمير وتوقف معالم الحياة الطبيعية للناس خصوصا التعليم والصحة.

الكل يزيد جاهزيته واستعداده لمزيد من التدمير والحرق وهذا شيء يعاب عليه.

سيقول البعض قدمنا موتى في هذه الحرب فكيف نخرج بأتـفاق يساوي بين الجميع والكل فيه منتصر , هنا تعويض عائلات الموتى من شاركوا في القتال , ومن قتل من الابرياء الآمنين بسبب القصف العشوائي او بسبب الاشتباكات.

تعويض من حرقت بيوتهم وأراضيهم تلافيا للانتقام واستمرار الأحقاد.

صمت وخباثة المجتمع الدولي والعربي خصوصا الدول الغربية واضحة جدا , المشكلة ما هو تخطيطهم لليبيا المستقبلي , يريدون المدن الليبية تدمر وتحرق وبعد استنزاف المتقاتلين يفرضون عليهم التصالح او التوقف ومن ثم فتح المجال لمشاريع اعادة الأعمار لجلب شركاتهم العربية أو الأجنبية , وهذا مثال مشكوك فيه وليس مضمون أصلا , فالغرب دمر العراق الغني بالنفط , وثم أقرار اعادة أعماره بشركات وصفقات خيالية في ظل استمرار التخريب والتدمير فلا العراق استراح ولا أعيد أعماره و أمواله لازالت تضيع وتسرب وتسرق ولا يزال يعاني من المسرحيات الإجرامية وأخرها ما يحدث اليوم بعد ظهور داعش التي صنعت في وقت قصير وسريع.

أصبح لدينا كل يوم ثوار و أبطال , أسماء جدد يصعدون موجة التدمير في ليبيا , والإبطال لا ينتهون , كل يوم ثوار جدد بسبب هذه الفتن التي يتم إشعالها في ليبيا , كذلك ومن خلال الأحداث القصيرة والمؤلمة الماضية وما حدث في طرابلس وبنغازي والجبل الغربي وحتى الجنوب من أحداث , لم نرى أو نشاهد من يعترف بالخطأ , أو شخصية واحدة من قيادات الصراع في ليبيا تخرج وتعترف بوجود وارتكاب أخطاء ولحق الضرر بالأبرياء الأمنيين الذي لم يكن لهم أي علاقة بالصراع , الكل متكبر ومتصنع ومتوهم للأسف الشديد , وهذه من اخطر عقليات التدمير الذاتي للوطن.

اعتقد لا ضير أن يقدم الجميع في الحوار عن تنازلات مؤلمة و تصالحات وتراضي وفي ذات الوقت تقاسم العملية السياسية بشكل عادل وقانوني.

اعتقد لا ضير أن يقدم البعض عن بوادر طيبة ومن طرف واحد تثبت الرغبة في تحقيق الاستقرار والرغبة في بناء ليبيا ,كسماح الزنتان بعودة مهجرين الجبل الغربي من المشاشية وسماح بعض المناطق الأخرى في الجبل بعودة عائلات هجرت من أراضيها وبيوتها في القواليش وغيرها , او عودة على الأقل عجائز ومشائخ وأطفال تاورغاء من المخيمات لمدينتهم وبأشراف وحماية مجلس مصراتة وغيرها من المبادرات الطيبة في ليبيا بين كل المناطق والمدن.

اعتقد لا ضير أن تنتهي هذه اللعب الرخيصة والمسرحيات المدمرة التي تدمر الوطن , كرامة , فجر ليبيا , قسورة , جيش القبائل , النظام السابق ,,الخ

أصبح كل شي متوقع في بلد تخرج من بين أيدي أبنائها , فمن كان يتوقع بتدمير وحرق مطار طرابلس العالمي , ومن كان يتوقع بنغازي تتحول مدينة منكوبة هكذا , ومن كان يتوقع الصراع في الجبل الغربي يصل الى هذا الحد ونزوح منطقة ككلة , ومن كان يتوقع ليبيا أصبحت بلدا مميز في العالم تضرب في رقم2 لنا في كل شي اثنين , جيشين برلمانيين , حكومتين, ولا من يحكم على الأرض أصلا , ولن نستغرب شي في الأيام القادمة لان الصراع ليس لنا لكن الأدوات هي نحن الليبيين الذي لا نقيم لهذا الوطن الغالي الحب الحقيقي والقدر الذي أعطاه لنا في زمن نرى فيه أن الأوطان التي سقطت لا تعود مرة أخرى ومثال بعض الدول الإفريقية والتي ليست بعيدة علينا كثيرا واضحا.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا