ليبيا.. تدخل إيطاليا لتعديل المعادلة السياسية - عين ليبيا

من إعداد: رمزي مفراكس

ثمة من يلعب على وتر المؤتمرات الدولية، وتر الخلافات السياسية التي تربط القضية الليبية والمسالة الليبية  بمؤتمرات الساحة الدولية لأجاد حلول توافقية للأزمات السياسية والاقتصادية في ليبيا.

منذ ثورة السابع عشر من فبراير المجيدة، كان فيها زوال  نظام الجماهيرية الليبية والكثيرون من الليبيون داخل الوطن كانوا يتطلعون الى مستقبل جديد في ظل تحديثات وتجديد النظام السياسي الليبي السابق.

لكن مشاكل الصراعات الداخلية التي انتابت ليبيا بحالة من الفوضى والفزع جراء النزاع السياسي القائمة  بين الأقطاب السياسية المتنازعة على السلطة والمال و تفشي المليشيات المسلحة الليبية والجماعات الإرهابية  المتطرفة في البلاد.

غالبا ما كان الليبيون على حالة من الخوف من التدخل الأجنبي في شؤون ليبيا الداخلية من جراء المشاكل التي استعصى حلها من الداخل مسببا بذالك الكوارث السياسية والأمنية والعسكرية بعد الثورة الشعبية الليبية.

وها هي ايطاليا تحشد الكثير من بلدان  العالم العربي والأوربي والآسيوي والأفريقي من أجل تأييد مبادرتها في باليرمو الصقلية على غرار مبادرة فرنسا لحل الأزمة الليبية.

حشد مكثف تقوم به ايطاليا مع أطراف ليبية وبعض الدول الإقليمية والدولية، ذلك لتعديل ايطاليا المعادلة السياسية حول القضية الليبية الشائكة، بالرغم من عمل غسان سلامة المبعوث الخاص للأمم المتحدة بدون كلل العام الماضي من خلال عملية الأمم المتحدة الرسمية.

لكن جميع الجهود التي قامة بها الدول التي تعنيها القضية الليبية من فرنسا وبريطانيا كانت جهود فضفاضة تسمح للفصائل الليبية المتنازعة أن تستمر في المراوغة وعدم الاستجابة الى ما تدعوا إليه الأمم المتحدة من خطة لها الأبعاد الثلاثة.

عقد مؤتمر باليرمو في غصون الأيام المقبلة من شهر نوفمبر الحالي لعام 2018، في مبادرة أخرى تشير الى القوى السياسية التي تنتهجها ايطاليا في منطقة حوض البحر المتوسط من إعادة تمكين مصالح ايطاليا الاقتصادية والسياسية بالتنافس المستمر والقسمة مع فرنسا بقيادة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.

لكن ما هو الاختلاف بين المبادرة الفرنسية لحل الأزمة الليبية والمبادرة الايطالية لحشد القوى العالمية من اجل تأيد مبادرة ايطاليا لجمع القوى السياسية المناحرة مرة أخرى في مؤتمرا دوليا يسعى الى تسوية سياسية شاملة وكاملة مرة أخرى.

الكل يعلم أن الملف الليبي أصبح ينتقل من مؤتمر دوليا الى أخر بنفس الكيفية والنمط في تسير أمور ليبيا الداخلية وخروج من المؤتمر بإعلانات مماثلة حول القضية الليبية، لان القرارات الماضية ستكون بنفس القرارات حول الأزمة الليبية وليس لها من جديد.

نقاط كانت معلنة بين الجميع في توحيد لمؤسسة المالية وإلغاء أي مؤسسات موازية والشروع في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية واعتماد الدستور من قبل الهيئة التأسيسية لسيادة الدولة الليبية مع العمل المباشر والمتزامن مع المبعوث الأممي غسان سلامة في عملية استقرار ليبيا.

القوى المسلحة على الارض الليبية هي التي منها التوقعات ونتائج مخالفة عن المؤتمرات الدولية في الماضي، والذي يتصدر اللقاء في مؤتمر باليرمو أطراف النزاع على  السلطة والمال، والبعض الأخر ينسب المؤتمر إلى النزاعات الإقليمية الاقتصادية والسياسية على ليبيا من قوى أجنبية لها الأجندات الخاصة في البلاد.

المؤتمر القادم في باليرمو سوف لن يأتي بجديد طالما لم يكون هنالك توافق بين القوى السياسية المتصارعة والقوى العسكرية و المليشيات العسكرية المسلحة في عملية توافق سلمي ومحاولة تراضي في مسألة السيادة السياسية والسلطة العسكرية.

تم المبالغة في تقدير هذه المظالم واستخدامها كذريعة للحد من التنازلات الصعبة التي يحتاجها الليبيون أنفسهم لقيام بتحقيق سلام دائم وشامل بينهم، لكن على مدى الأعوام الماضية ، لعبت كل من فرنسا وايطاليا دورا أكثر تدخلا في السياسية الليبية الداخلية.

بل بذهب البعض على التعليقات حد التلميح بأن ليبيا غارق في الأزمات هو ما يتصدى له المجتمع الدولي باعتبار ليبيا دول غير مستقرة فكانت الالتزامات الدولية عبر الأمم المتحدة صعبة مما أدى الى تقويض مبادرة السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

العلاقات والاتصالات والحضور من الأطراف الليبية كانت تسير على مدار العام لتلعب كل من ايطاليا وفرنسا ادوار مهمة في جمع الليبيون في مؤتمرات دولية خارج نطاق الدولة الليبية، ولكل دولة من هذه الدول المصلحة في استقرار ليبيا نسبيا.

الآلاف من المهاجرين عائقين في ليبيا تمنعهم ايطاليا من الدخول الى أرضيها من إقامة الإجراءات مناهضة للهجرة الغير قانونية أو بالأحرى الهجرة غير نظامية الى ايطاليا ومن ثم الى دول أوروبا عبر الحدود الايطالية.

التنافس الايطالي – الفرنسي حول الهجرة ومستقبل أوروبا تخطت المرحلة الممتدة من ايطاليا بل وصلت الى باقي الدول الأوروبية الأخرى التي تبعد المسافات الطويلة في العمق الأوربي البعيد، لتصبح ايطاليا وفرنسا الصوت الدولي الرئيسي في الشؤون الليبية الداخلية، والضغط على ليبيا التي يضاف إليها المشاكل الداخلية.

لكن ما الذي بإمكان ايطاليا إضافته الى القضية الليبية التي لم تستطع فرنسا إضافته من تضمين بنود المبادرة الفرنسية من إجراء انتخابات عامة في ليبيا قبل نهاية 2018 وفقا لخطة المبعوث الأممي غسان سلامة وبالتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني والهيئة العليا للانتخاب.

مع اختلاف ايطاليا التي ترى أهمية تبني دستورا شرعيا أولا ثم خوض عملية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتعاون الكامل مع الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوربي لتأمين تحضير ومجرى الانتخابات في البلاد.

يعترض البعض على رؤية ايطاليا في تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية وترفع ايطاليا الراية البيضاء التي عجل العالم من استيعابها من منظور الدستورية الشرعية للبلاد التي تؤمن ممارسة الحياة السياسية المنظمة في ليبيا.

يبدوا المراقب لمجرى الأمور السياسية والعسكرية في ليبيا يتساءل عن أهمية الدستورية الشرعية في تحقيق السلم الاجتماعي في ليبيا، وجمال توحيد المؤسسات المالية والسياسية والعسكرية في نطاق الدولة الليبية الموحدة من الشرق والغرب والجنوب.

القاعدة الدستورية الليبية هي التي تنظم العناصر الليبية المتنازعة أن تقدم العديد من العناصر الحاسمة للمجهود  التي تبذلها الأمم المتحدة تجاه القضية الليبية والانتقال بليبيا الى المرحلة الثانية مرحلة الاستقرار السياسي والأمني والعسكري داخل الحدود الليبية.

إذا بادرت ايطاليا الى استخدام مؤتمرها القادم نحو قاعدة الشرعية الدستوري الليبية، فأن ايطاليا بذالك لا تهمش مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة في الانطلاق نحو الخطة التي تتكون من ثلاث مراحل أساسية ومتتالية في مساعدة ليبيا من الخروج من الفوضوية الليبية.

من حق الشعب الليبي أن يكون له دستورا شرعيا دائما مما يحمل في جعبته الإطار القانوني الليبي الذي يعمل على فصل السلطات الثلاثة ويعمل على المناوبة السياسية للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

لطالما كانت ليبيا دولة مهمة لايطاليا، والتي كانت مستعمرة ايطاليا سابقة وليبيا دولة عبور رئيسي للهجرة الأفريقية الى أوروبا ومورد رئيسي للنفط والغاز، فأن المصالح المشتركة بين ليبيا وايطاليا تبنى على أساس العمق السياسي والاقتصادي بينهم.

وبعد مؤتمر باليرمو القادم العلاقات التاريخ بين ايطاليا وليبيا ترجع الى كونها علاقات مركبة بحيث يحتل فيها العامل المصلحي التجاري مرتبة عليا بعد الاستقرار السياسي وبعدها تتدرج المصالح لتحقق الانتعاش والتنمية الاقتصادية الشاملة في ليبيا.

ولكن ايطاليا لديها الرابطة اليمنية (م 5 س) حكومة ايطاليا الحالية هي ائتلاف شيوعي بين الحركة الخمس نحوم اليسارية تتزعم السلطة، الحكومة التي يقودها وزير الداخلية المناهض للمهاجرين ماتيو سالفين.

إلا إن سالفين وضع سياسة جديدة رافضة جميع القوارب المهاجرة الى ايطاليا بما في ذالك السفن الانسانية التي تديرها المنظمات غير الحكومية، الى أن توافق الدول الأوربية الأخرى على استيعاب المزيد من الوافدين من المهجر الى ايطاليا.

مشكلة الهجرة الغير المنظمة الى ايطاليا تشكل الخطر الكبير على اقتصاد ايطاليا وأمنها المحلي، حالات الغرق تتكرر، حيث أجريت دراسة علمية تقدر بثمانية وفيات في البحر يوميا منذ بداية السياسة الايطالية الجديدة مقارنة بثلاث فقط في اليوم في العام الماضي.

سياسية ايطاليا للهجرة الغير نظامية الى أرضيها ممكن أن تحدث اثأرا كرائية  في ليبيا، وليبيا موطنا بالفعل لأكثر من 650.000 مهاجرا، وستقوم حملة الهجرة في روما الى إدانتهم بالبقاء في ليبيا، مما يزيد من سؤ الأوضاع المروعة في المعسكرات على الأراضي الليبية.

المهاجرين على الأراضي الليبية والمكدسين في المخيمات عرضة لأنواع أخرى من الاستغلال، أما الخطوات الأخرى التي اتخذتها ايطاليا أو اقترحتها – تمويل خفر السواحل الليبية لاعتراض المهاجرين في البحر ونشر القوات الايطالية لحراسة طرق التهريب في جنوب البلاد.

مشكلة لمفاوضات بين ايطاليا وليبيا مأزقها يقعان على المقلب الأخر من المعادلة السياسية التي سوف تتخذها ايطاليا تجاه استقرار ليبيا، الجنب الذي عجزت فرنسا الدولة المنافسة لمصالح ايطاليا الإستراتجية في منطقة حوض البحر المتوسط.

علينا جميعا نعمل على التعاون وبمرونة نحو توحيد المؤسسات الليبية المالية والسيادية لتكون لنا دولة معترفة بها دوليا، وإدارة الملف الليبي مثلما كان يتعامل ملف دولة ليبيا لإرهاب في عملية مماطلة مستمرة التي كان عليها عهد النظام الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى في الماضي.

هذا أمر أجدى وأفضل من الإغراق في البحث عن الخلافات بين الشرق والغرب والجنوب الليبي، واختلافات وان  لازم الأمر، نفخ في نيران الفتنة الداخلية وتقسيم الدولة الليبية الى ثلاث أجزاء في كل الحالات تصبح ليبيا منفصلة عن بعضها البعض وتكون تحت الوصاية الدولية.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا