ليبيا تطورات محتملة وعودة قوية للجيش - عين ليبيا

من إعداد: د. عبيد الرقيق

يرى البعض انه لا وجود للجيش في ليبيا بعد اسقاط النظام، بحجة انه جيش مرتبط بالنظام وانتهى بانتهائه! بل ان البعض يذهب بعيدا ليقول انه لم يكن يوجد في ليبيا جيش بالمعنى المؤسسي، حتى اثناء فترة حكم القذافي، ويعزون ذلك الى ضمور العقيدة العسكرية بالمفهوم الرسمي الناشئ عن ادخل القذافي مصطلحا جديدا، مستوحى من “نظريته الجماهيرية” حين استبدل مصطلح القوات المسلحة بمصطلح “الشعب المسلح”!، الا أن الأحداث اثبتت ان الجيش الليبي لم ينته، وان العقيدة العسكرية بمفهومها التقليدي الرسمي، لاتزال حاضرة في عقول وثقافة الكثير من افراد الجيش الليبي وعلى مختلف مراتبهم.

Yن تنادي مجموعة من افراد الجيش الليبي في المنطقة الشرقية في وقت قياسي، واستطاعتهم اعادة تنظيم انفسهم ثم اقدامهم على خوض معركة عسكرية شرسة، مع الجماعات الإسلامية المتشددة في بنغازي، وتمكنهم في نهاية الأمر من حسم المعركة لصالحهم رغم حجم التضحيات الكبيرة يمثل شاهدا حيا على وجود الجيش، ولقد بثت تلك الانتصارات نفسا جديدا في الكثير من افراد الجيش الليبي في الغرب والجنوب ومنحتهم الثقة الكافية في قدرات رفقاء السلاح في الشرق التنظيمية واللوجستية والانضباطية، فاندفع بعضهم بحماسة وشدّوا الرحال الى الشرق الليبي ليعلنوا عن انضمامهم ودعمهم لرفقائهم في بنغازي سرا وجهرا.

اما الذين لم يتمكنوا الالتحاق فآثروا ان يلتحموا بطريقتهم الخاصة في معركة إعادة هيبة الجيش الليبي، فانطلقوا يعيدون تنظيم انفسهم وفق برنامج طموح يستهدف إعادة التموضع والتمركز مناطقيا في جنوب وغرب البلاد من خلال الانفتاح على الاجسام الرسمية التي يفرضها الواقع والتعامل معها بما يصب في إعادة الهيبة للمؤسسة العسكرية التي فقدتها بعد احداث فبراير، نتيجة الفوضى المسلحة والانفلات الامني الخطير!، هذه الأوضاع الفوضوية التي تعيشها البلد شكلت العامل المشترك  بين كل افراد الجيش الليبي أينما وجدوا والذين شعروا بالتهميش عندما تغوّلت عليهم ميليشيات مسلحة غير نظامية، استطاعت ان تسيطر على السلاح وامتدت يدها لكل المواقع العسكرية والثكنات التي تخص الجيش الليبي وحالت دون تواجد العسكريين فيها!

ذلك التهميش جعل بعض القيادات العسكرية في الجيش الليبي وعلى مختلف اصنافه ومناطقه تبحث عن مخرج مناسب يستهدف توحيد الجيش وانهاء حالة الانقسام والتشظي فيه، من خلال لقاءات متعددة سرية وعلنية داخل ليبيا وخارجها فى جمهورية مصر العربية، التي نجحت في خلق قاعدة للتواصل والتقريب بين وجهات النظر المختلفة وليعلن فيما بعد عن تلك المباحثات رسميا برعاية مصرية مباشرة  وكان ذلك اول ظهور علني للعسكريين الليبيين الذين تنادوا من كل انحاء ليبيا بدافع توحيد الجيش ثم إنقاذ البلد من فوضى السلاح.

ان ما يساهم في نجاح تلك الجهود التي تقترب من مرحلة النضج التام هي الثقافة العسكرية التي تؤمن بالتراتبية العسكرية من حيث الرتب والأقدمية وهو ما يمكّن من تجاوز صراع القيادة الذي تحدده معايير الأعلى رتبة والاقدميّة، وعلى هذا الأساس سيكون خليفة حفتر الأقرب من غيره وهو أهل لها دون غيره وبمباركة من ضباط الجيش انفسهم الذين يدركون دوره الفعال في قيادة الجيش في المنطقة الشرقية والتي مكنت من انتزاع بنغازي من براثن الجماعات الإسلامية المتطرفة.

أتوقع ان يصدر خلال المدة القادمة بيان عسكري عن كل الضباط المشاركين في الاجتماعات المتعددة في مصر الشقيقة، ويعلن فيه عن توحيد المؤسسة العسكرية الليبية تحت قيادة واحدة، تنهي الانقسام الذي فرضته الفوضى على ليبيا سياسيا وعسكريا وتأخذ زمام المبادرة لتنطلق بخطى ثابتة على طريق إعادة هيبة الدولة الليبية المفقودة وسيادتها المسلوبة! ولتثبت للجميع بأن الجيش الليبي هو بجدارة اللاعب الأساسي الذي سيلعب دورا مؤثرا في إعادة تشكيل الوضع الليبي سياسيا وأمنيا، وفي تحليلي ستكون عودة الجيش الليبي قوية وترتكز على ما يلي:

  1. إعطاء فرصة للمؤسسات السياسية والتشريعية القائمة الآن وفقا لاتفاق الصخيرات، لتعلن عن توحدها وانهاء كل مظاهر الانقسام بينها من خلال الإعلان عن تشكيل مجلس رئاسي جديد من رئيس ونائبين يتولى فيما بعد تشكيل حكومة وفاق وطني جديدة، يباركها مجلس الدولة ويعتمدها مجلس النواب خلال فترة وجيزة لا تتجاوز شهر مارس القادم لتتولى تسيير الأمور في المرحلة الانتقالية القصيرة والتي لن تتجاوز نهاية هذا العام 2018م
  2. في حالة توافق اطراف الاتفاق السياسي وتشكيل مجلس رئاسي جديد واعتماد حكومة جديدة ينصب التركيز على انجاز استحقاقات الانتخابات القادمة من حيث الاستفتاء على الدستور وإصدار قانون الانتخابات وتحديد مواعيد الانتخابات النيابية والرئاسية التي يتوقع اجرائها خلال الثلت الأخير من هذا العام 2018م. وفي هذه الحال سيكون دور الجيش أمنيا وضامنا لإنجاح العملية الانتخابية
  3. في حال عدم تمكن اجسام الاتفاق السياسي القائمة الآن من انجاز الخطوة الأولى، واستمرار اختلافهم، فان البديل سيكون خيارا عسكريا لامحالة حيث سيتم الإعلان من قبل قيادة الجيش الموحدة على استلام زمام الحكم في ليبيا لفترة ما، ويتولى المجلس العسكري اخضاع كل المنافذ الجوية والبحرية والبرية لسلطته والعمل على انهاء تواجد أي ميليشيات مسلحة وتسليم الأسلحة وتجميعها وإعادة تفعيل مقرات المعسكرات والمواقع الأمنية كافة، وكذلك تكليف ضباط عسكريين كعمداء للبلديات.


جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا