ليبيا والحاجة إلى اتفاق الطائف - عين ليبيا

من إعداد: عبدالرؤوف الشريف عبد الله

تستمر الحرب الفارغة على تخوم وأطراف العاصمة الليبية (طرابلس) ويستمر معها الفراغ الأمني الذي تعاني منه معظم الأراضي الليبية، وتستمر الجريمة المنظمة في العمل بكل أريْحية على التراب الليبي، وإجمــالاً تستمر معاناة الليبيين الغير المبررة ويستمر تأكل ما تبقى من قوام الدولة الليبية.

لم اعد افهم لما تستمر هذه الحرب وكل اطراف الحرب والصراع يعلمون انهم لن ينتصرون ويعلمون انه في اي لحظة قد يتلقوا ما يجعلهم يخسروا القليل من الذي يحتفظوا به!.

الحرب على طرابلس ليست صدفة وليست مفاجأة كوْنها كانت استمرار لحروب متتالية بدأت من الشرق الليبي ووصلت حتى الغرب، مجمل هذه الحروب شارك فيها معظم الأطراف بالدعم إن كان سياسياً، اجتماعياً، وعسكرياً، وهي حالة الحقد ورغبة إقصاء الأخر الذي للآسف يتبناه معظم الرؤوس الفاعلة اليوم إن كانوا سياسين أو عسكريين أو احزاب أو حتى مدنيين.

توجد حالة غريبة بعدم الاقتناع بالاخر ويجب اقصائه مهما كلف ذلك من خراب ودمار، مع العلم لا احد يستطيع الانتصار، لأن صبغة الصراع الدولي اصبحت واضحة جدا ولم يعد ينكرها احد، بل اصبح يوجد من يفتخر بها للأسف .

طرفي الصراع اصبحا في خوف، ليس من الاخر بل الخوف من الحلفاء والتحالفات الضعيفة لكل طرف، حيث اصبحت الجهات المتحالفة مع حكومة الوفاق برئاسة السيد السراج مسببة للصداع والقلق لهذه الحكومة اكثر من الصراع مع القوات التي يقودها السيد حفت، وكذلك القوات المساندة والتحالفات التي تقاتل مع السيد حفتر مسببة قلق وانفلات اكثر من قوات الخصم.

وكلما طال الصراع كلما فقد كل طرف السيطرة على هذه التنظيمات واهتزت هذه التحالفات نتيجة المصلحة او نقص الدعم المادي او نتيجة الابتزاز والمطالبة بالمال من اجل القتال.

لا يخفى لاحد استعانة طرفي القتال بأجانب للقتال معهم، وهذا ذكرته تقارير الامم المتحدة وشاهده الليبيين بالعيان، وهذه مأسآة ومصيبة وجود مرتزقة في ليبيا وهي تعاني التمزق، وكل الدول التي دخلت حروب اهلية او شبه اهلية واستعانت بمرتزقة كانت نتائج الاستعانة بالمرتزقة وبال شر ومصائب لم تنتهي، ودول كانغولا وسيراليون والكونغو والعراق مثال بسيط على ذلك.

الحوار رغبة في الحل ليس ضعف، لان الطرفين ضعفيْن جدا اصلا، وكل طرف يوهم الاخر انه مدعوم دولياً اكثر منه، متناسيا كل طرف ان العالم غدار ودعم الفتات الذي يتلقاه كل طرف قد يختفي في اي لحظة!، فالحوار رغبة في حل نهائي هو مصلحة وليس ضعف وانـقـاذ البلاد والعباد شرف وليس ضعف او هزيمة، فقلم التاريخ يكتب كل يوم، ولا احد يستطيع ان يكذب على التاريخ، فالعناد والمماطلة من طرفي الصراع نهايتها الانهاك التام لهما والقبول بما تريده الدول الداعمة او الدول الغربية عموما.

كذلك ان ملف حقوق الانسان والجريمة المنظمة في ليبيا اليوم في وضع مخجل، والدول الغربية قد تستخدم هذه الورقة لمعاقبة اطراف بعينْها والدول الغربية لها باع طويل في المتاجرة بهذه القضايا واستخدامها متى ترى المصلحة لذلك والامثلة كثيرة ولا فائدة من سردها.

ان اتفاق الطائف والذي انهى الحرب الاهلية في لبنان كان من الانجازات القليلة والجيدة التي قام بها العرب عبر تاريخهم، وانهت حرب اهلية دموية مريعة في لبنان، لم يسلم منها احد ولا مدينة ولا طائفة، وانهت انتهاكات صارخة لحقوق الانسان، والتي تكللت بقوات الردع العربية التي دخلت لبنان وعملت على المساعدة على تأسيس جيش ودولة وحل وتفكيك المليشيات والتنظيمات المسلحة، وان كان هذا الحل تآكل في الاخير وانتهى بأنسحاب قوات الردع العربية وسيطرة القوات السورية على لبنان، لكن كان اتفاق ممتاز لحقن دماء شعب كامل.

ليبيا تحتاج لاتفاق طائف داخلي، لا اعتقد ان الليبيين تبعدهم مسافات طويلة حتى يلهثوا وراء هذه الدولة وتلك الدولة حتى يتفاوضوا مع بعض، ولا اعتقد ان الليبيين يتكلمون لغات مختلفة غريبة لا يفهمون لغة بعض حتى يتوسط ويترجم بينهم غريب، ليبيا تحتاج لاتفاق داخلي ينهي الصراع والتآمر ورغبة اقصاء الاخر التي ستنهي طرفي الصراع ان استمرت.

طرفي الصراع يدعي محاربة الارهاب والتنسيق لضرب الارهابيين، ولهما جولات حقيقية ضد الارهاب في الشرق والغرب فما الذي يمنعهم من الحوار والاتفاق نهائيا لمنع الحرب بينهم والاضرار ببعض.

طرفي الصراع اصبح يعي جيدا خطر والثقل الذي تمثله التنظيمات والتشكيلات الغير منضبطة والتي مسألة السيطرة عليها وضبطها مستحيلة ولا تنفع ان تكون جزء من مشروع دولة او جيش او شرطة، وطرفي الصراع يعي ما قد تشكله اي مفاجآة تحدث دوليا او داخليا قد تطرحه ارضا ويخسر كل ما يملك في لحظة خاطفة، لذا يجب من اتفاق داخلي نهائي ينهي الصراع والتآمر المتبادل وغسل كل طرف من الاعباء الثقيلة التي يعاني منها او فرضتها عليه ظروف الصراع, بل ان هذا الصراع قد يكون فرصة لكل طرف ان يتخلص من الاطراف الضارة المتحالف معها وبداية حل نهائي لليبيا.

كما من المفترض ان كل طرف يرسل ما يطمئن الاطراف الداعمة للخصم، فالاطراف الخارجية اصبحت امر واقع لا ينكره احد وطمئنتهم قد تخفف من دعم كل طرف وتمهد لحل حقيقي دون اقصاء حتى للاطراف الخارجية وبالشكل الذي يكفينا شرهم على ليبيا.

والاستعانة بأجانب في الصراع وصمة عار ومصيبة ستدفع ليبيا ثمن غالي عليها ان استمرت ويجب تدارك ذلك وابعاد الاجانب عن الصراع والسلاح الذي يقتل به الليبيين.

اما الوقوف والتغني مع طرف ضد طرف ليس الا نوع من النفاق والمصلحة يختفي فيها اي شكل من اشكال الوطنية والاخلاص للوطن والدماء، المنطقة تدخل في غليان، اوضاع الدول المجاورة الاجتماعية والاقتصادية غير مطمئنة، ما يسمى بمشروع او صفقة القرن غير مطمئنة، اوضاع الخليج العربي غير مطمئنة، علينا كــمواطنين ليبيين ادراك ذلك، وانـــــقاذ والحفاظ على ما تبقى من بلدنا، وكوجهة نظر خاصة ارى كل من السيدين: فتحي باش اغا و خليفة حفتر، الشخصين المناسبين والذان يملكان ادوات الضغط لبدء هذا الحل وبشكل مباشر والتمهيد لاتفاق طائف ليبي-ليبي.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا