ليس دفاعاً عن مصراته.. بل دفاعاً عن ليبيا - عين ليبيا

من إعداد: البانوسي بن عثمان

لاعتبارات وطنية.. سأتناول بالحديث مدينتين اثنتين أحداهما بوسط البلاد مدينة مصراته والأخرى بغربها وهي مدينة الزاوية الغربية. أما شرق البلاد فهو في مدنه وقراه استثناء وطني بامتياز.

فقد لا نختلف كثيراً إذا قلنا عنهما بأنهما الأهم فى غرب البلاد ووسطها. فكلهما ذات كثافة سكانية عالية. ومخزون من القدرات والكفاءات مدعوم ومسنود بإرث وطني وتاريخي لا غبار عليه. ومن هنا وغيره، يعتبر أي ابتعاد أو إبعاد أحد هاتين المدينتين أو كلتيهما عن مسيرة الوطن، سيكون فيه خسارة ليست بالهينة ويصعب تعويضها على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد.

ضف إلى ذلك، لا تستطيع أي مقاربة موضوعية تتناول مدينة مصراته، أن تتغافل عن الدور الأساسي الذي قامت به المدينة أثناء أحداث انتفاضة الليبيين مع نهاية شتاء 2011م. فقد كان ما قامت به، يعتبر العامل الأساس في ترجيح كفة الانتفاضة في الغرب ووسط البلاد. طبعا بدون الإغفال عن المدد اللوجستي القادم والمساند من شرق البلاد، والدعم المعنوي الاستنهاضي الاستثنائي التى قامة به منصّة ميدان ساحة محكمة بنغازي.

ولكن رغم كل هذا، فما قامت به مصراته كان استثنائيا، فقد كانت حينها شبه معزولة عن محيطها القريب، ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك. ورغم ذلك تمكنت من احتواء الهجوم، رغم الفارق في العدّة والعتاد. ثم صده ورده ولاحقته، ومن بعد صارت المدينة محفّزا وداعما لمحيطها القريب والبعيد في غرب البلاد، حتى انتصار الانتفاضة. وفي تقديري، لو لم تنحاز مصراته إلى خندق الانتفاضة حينها، لانقسمت البلاد إلى فسطاطين اثنين، شرق في خندق الانتفاضة وغرب في الخندق المضاد.

ربما المتابع حينها لمسار الانتفاضة، وبعد شهور من انهيار النظام وسقوطه، لاحظ ظهور مشاعر من الاحباط والتذمر في لغة المدينة وسلوكها، نتيجة الحرب الإعلامية الموجهة والمُصوبة على المدينة. كل هذا في كنف صمت وارتباك من طرف الانتفاضة، ومحيط المدينة القريب والبعيد بغرب البلاد. فزاد ذلك من فعالية هذا الضخ الإعلامي على المدينة، فكان حصاده بطرد مصراته من مدينة طرابلس، عبر أحداث غرغور الشهيرة. وفي تقديري، لم يكن الهدف الأساسي من هذه الحرب الإعلامية طرد مصراته من مدينة طرابلس، بل سيكون ذلك تحصيل حاصل. بل كان يراد من هذا الضخ على المدينة أن ينتهى إلى تحميل المدينة وعلى نحو غير مباشر، كل أوزار وأثقال انتفاضة كل الليبيين، انتفاضة 2011م، لماذا؟؟

من هنا -وفي تقديري أيضا- وجدت مصراته نفسها في خندق موازي لخندق الانتفاضة، وانتهى بها هذا إلى خيار صعب، وجدت فيه نفسها تتقاسم ذات الخندق مع مليشيات طرابلس، بل وتدافع عن وجودها من خلاله.

هذا ما أردت قوله وباختصار شديد، لأتكئ عليه لأقول وبدافع وطني، بأن مصراته ذات كثافة سكانية عالية معزز بمخزون من الكفاءات والقدرات، ضف إلى ذلك، ومن خلال أحداث الانتفاضة، انحازت المدينة إلى الانتفاضة وبفعالية عالية رجحت كفة الانتفاضة في غرب البلاد ووسطه، ووقفت في وجه انقسام البلاد إلى شرق وغرب، فهذا الجسم لا يجب التفريط  فيه، لمن يريد أن يؤسس لدولة متينة.

قد تكون تداعت الأقدار، أو من خلق وهيأ الظروف لأمر في نفسه، فوجدت مصراته نفسها في مكان فُرض عليها، فوظّفته لتدافع عن وجودها من خلاله. وقد يكون المكان وظّفها ليدافع عن وجوده من خلالها. فلا يجب -في تقديري- ترك الأمر على حاله، ففي ذلك ضرر كبير على الوطن. بل يجب على من يتصدرون المشهد بشرق البلاد، فتح قناة تواصل مع المدينة، ومساعدتها على إعادة تموضعها، ففى ذلك خدمة لليبيا أولا ولمصراته وللجميع أخيرا.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا