ما بعد سرت.. حرب أم بناء دولة ليبيا - عين ليبيا
من إعداد: د. ناجي بركات
عندما تحدث الكثيرون عن وجود الدولة الإسلامية (داعش) بليبيا، خرجت الكثير من الابواق والعاهات تفند هذا ويقولون بأن داعش ليست بليبيا. كان هذا في سنة 2013م وفي بداية دخول داعش لدرنه وبنغازي ومن بعده سرت. كان الكثيرون من القيادات الدنية بليبيا يفندون هذا ويقولون على هؤلاء الداعشين، بأنهم ثوار. سرعان ما اتضح انهم ليسوا ثوار وسموا أنفسهم مسميات اخري مثل أنصار لشريعة وتحالف شورى ثوار بنغازي. مند بداية عام 2015م، بداؤ يسمون أنفسهم بجنود الدولة الإسلامية وأعلنوا البيعة لخليفتهم ببغداد كما يسمونه. تم طردهم من درنه ليتركزوا بسرت وكذلك طرد وقتل الكثير منهم ببنغازي على يد الجيش الوطني ببنغازي. للأسف بعضهم جعل من العاصمة مقر جديد لهم هذا ليس سينقل المعركة الي العاصمة في وقت لاحق أذا لم يتم ابعاد هؤلاء من العاصمة.
معركة بنغازي من قبل الجيش الوطني مازالت مستمرة ولها أكثر من سنتان وبقيادة المشير خليفة حفتر وكثيرون من قيادات الجيش الليبي بالمنطقة الشرقية. انتصر الجيش ومازالت بعض الجيوب القليلة ببنغازي بالصابري وقنفودة وقريبا سوف تتحرر كلها ويتم القضاء على داعش بليبيا. معركة سرت بداءة مند صيف 2016م بعد ما هددت داعش مدينة مصراته وحاولت التمدد غرب سرت. اخدت مليشيات مصراته زمام الامر ودخلت في حرب مع داعش وتم تحرير سرت قبل أسبوعين. هذه القوات تسمي نفسها الجيش الليبي وتحت مضلة حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج وشلته.
داعش في هذه الأيام تعاني من انتكاسات كبيرة في كل من العراق وليبيا مع معارك الموصل مستمرة وسرت انتهت. تعتبر هذه المعارك نقاط تحول كبيرة ومثيرة في تغير الصراع داخل ليبيا. سرت تحررت وتم طرد الدواعش حيث قتل الكثير منهم ولكن قيادتهم وكثير منهم هرب باتجاه الصحراء وربما التحق مع قوات تحالف ثوار شورى بنغازي وأنصار الشريعة بمنطقة الجفرة ومعهم الجظران وعصابته. هنالك توجه كبير لدي هذه المجموعات بالهجوم على الهلال النفطي وأخده من يد الجيش الوطني حيث يعتبر المسيطر على هذا الهلال النفطي هو من يسيطر على معظم عوائد النفط بليبيا. في هذه الأيام يتم تحويل المعركة الى الجنوب الليبي بين الجيش الوطني والتابع للمشير حفتر وبين القوة الثالثة والتابعة لمصراته هو تحول جديد يندر بخطر الحرب ودمار أكثر لليبيا وشعبها.
الإنعاش الاقتصادي لن يتم الا من خلال الاستقرار الأمني للدولة الليبية وللمواطنين الليبيين من خلال ما ذكرناه وما سيحدث بعد سرت. هذا الإنعاش ليس بالصعب بليبيا لآنها تملك ثروة كبيرة من النفط وشعب عدده قليل. كثير من الحلول الاقتصادية تتم من خلال البلديات وعمداء البلديات يجب دعمهم لا إحلال محلهم عسكرين كما يفعل البرلمان بطبرق.
طبول الحرب تدق ومصراته أعلنت حالة النفير وهذا لن يكون في صالح مصراته، هذه المدينة العريقة والتي قارعت القذافي وزمرته وانتصرت وساهمت في تحرير سرت من الدواعش. عليهم بدل أقصى جهد لمنع أي حرب مع مدن اخري حيث الكثيرون يتربصون بهم وسوف ينقضون على مصراته يوما إذا استمرت فيما هي فاعلة الان اتجاه مدن ليبية كثيرة.
كذلك الجميع يعلم بأن الأغلبية من الناس بغرب ليبيا منزعجة كل الانزعاج من هذا والان أصبح وعلانية من هؤلاء الناس بأن حفتر والجيش الوطني هو من سينقدهم. كل يوم تزداد هذه الحمية عند الليبيين بغرب ليبيا ويتمنون قدوم الجيش اليوم قبل الغد. لهذا يجب أن تتضاعف جهود الليبيين ومن اهل الخير لمنع أي حرب جديدة بين أي طرف من الأطراف المتصارعة على السلطة وما طرحه الاتحاد الأوروبي وما ستطرحه دول الجوار من حل جدري للمشكلة السياسية بليبيا، ربما سيكون هو الأنسب في هذه الظروف.
الاتجاه لبناء الدولة هو ما يجب أن تقوم به الدول الراعية للحل السياسي بليبيا بعد إنجاح أي اتفاق سياسي غير الذي مطروح الان. يجب تغير قيادات الاتفاق السياسي المتواجدة الان لآنها غير قادرة وفشلت في توحيد الليبيين حيث تم احتوائها من قبل بعض الدول وإصرار هذه الدول على وجود بعض التيارات الدنية ومليشيات بعض المدن لحماية هذه الحكومة. كذلك على الليبيين العمل مع بعض لبناء دولتهم واشراك الناس الصح في الحوار من اجل الوصول الى اتفاق سياسي يضمن استمرار ليبيا دولة واحدة ويتم البناء لكل المدن دون تحيز او تميز او تهميش كما كان يحدث بالسابق. الاتفاق السياسي يجب أن ترعاه دول مثل فرنسا وإيطاليا والسويد وألمانيا وتحت اشراف مصر وروسيا وبريطانيا وأمريكا. الأمم المتحدة كوسيط سيضمن الاستمرار في الحوار من أجل استكمال الاتفاق السياسي دون أن تقود هذا الحوار. بناء الدولة لن يتم في يوم وليلة ولكن يتم إذا تم الاتفاق وأن يكون الجميع مسؤولين على إنجاح أي اتفاق بين الليبيين.
ما بعد سرت غير الخير لليبيين أن شاء الله
جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا