ومسرح خيال الظل هو شكل من أشكال الفنون التقليدية يعتمد على تحريك الدمى اليدوية الصنع خلف ستارة شفافة رقيقة أو شاشة داخل مسرح مظلم لسرد سيناريو مقروء على أنغام موسيقى خفيفة.

وكان مسرح الظل جزءا أساسياً من يوميات المقاهي الدمشقية حيث استخدم كل حكواتي جلد الحيوانات المصبوغة كدمى أو عرائس وأمضوا الساعات في الترفيه عن رواد المقاهي من خلال الحكايات الطويلة المشوقة والأغاني الساخرة وأبيات الشعر التي تعكس حال المجتمع.

وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في الأسبوع الماضي مسرح خيال الظل على قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى الصون العاجل.

وأشارت إلى أن عوامل مختلفة مثل التكنولوجيا الحديثة وحركات النزوح الجماعية التي تسببت فيها الحروب أدت إلى انخفاض الإقبال على مسارح خيال الظل انخفاضا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية.

وبعد انحسار هذا الفن حمل شادي الحلاق المولود في دمشق عام 1976 عبء لواء الحفاظ عليه. وشادي ابن الحكواتي الراحل الذائع الصيت رشيد الحلاق ويعمل في هذا المسرح الذي يطلق عليه أيضا اسم “كركوز وعواظ”.

وقال شادي “لقبل، فينا نقول، لقبل ثلاث أيام أو خمس أيام كان فن ما بيطعمي خبر. هلق عم نفكر نشتري ربطة خبز ونأكل خبز لنشوف إذا بتطعمينا خبز ها الفن بعد تسجيله باليونسكو وبتوقع إن شاء الله الخير”.

وعندما اتخذ شادي هذه الحرفة مهنة له عام 1993 كان مسرح خيال الظل التاريخي راح طي النسيان واختفى من المجتمع الدمشقي. وعبرت عائلة الحلاق عن قلقها بألا يتمكن الشاب الشغوف بأن يحولها إلى مهنة تعيله في حياته اليومية.

لكنه أعاد إحياء هذه المهنة المنسية من خلال دراسته المتعمقة للقصص القديمة وكتب التاريخ وقام بصنع العرائس بمفرده من جلد الإبل والبقر والحمير.

وكان الحلاق قد خسر مسرحه الجوال في بداية الحرب ومعه 23 دمية كانت بحوزته في الغوطة الشرقية خارج دمشق بفعل الصراع المشتعل في كل الجبهات.

واستطاع الهرب من الحرب وعبر الحدود وصولا إلى لبنان حيث عمل في الأشغال اليدوية. وفي لبنان جرت العادة أن يقدم بعض العروض للتلاميذ السوريين، واكتشفه مسؤولو اليونسكو خلال أحد هذه العروض.

وقالت رشا برهوم، وهي مسؤولة ثقافية سورية إنه بعد عودته إلى دمشق حاليا سيبدأ الحلاق في تعليم محركي دمى في غضون ستة أشهر ليتسنى التأكد من إنقاذ هذا الفن.