محور المعارك الدونكيشوتية لحفتر - عين ليبيا

من إعداد: رمضان معيتيق

فتحت معركة غريان الباب على مصراعيه لتسارع الأحداث العسكرية والسياسية بعد جمود الوضع العسكري في محاور القتال جنوب وغرب طرابلس لفترة ليست بالقصيرة في الأزمة الحاصلة من محاولات حفتر في أبريل الماضي اقتحام العاصمة طرابلس.

وفي الوقت الذي كانت قواته تظهر سيطرتها على الوضع وفرض قواعد الاشتباك، وتعلن ساعات الصفر لحسم المعركة من خطوط لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن وسط مدينة طرابلس؛ بدأت الصفوف تنهار والقوات تخسر وتتراجع لصالح قوات الوفاق التي انتظمت واستطاعت الفوز بسبق المبادرة وإدارة قواعد الاشتباك لصالحها.

وتوجت قوات الوفاق عملها العسكري المنظم بمعركة غريان المباغتة، لتظهر مقدرة في التخطيط العسكري الدقيق، والرصد الواعي لمكامن ضعف قوات حفتر، وسرعة المناورة وتنفيذ الخطط، وتناغم القوات البرية مع سلاح الجو.

المعركة بقدر ما كانت مباغتة لحفتر كانت كذلك موجعة لأنها ليست ذات دلالة عسكرية فقط بضعف تنظيم قواته وتحولها لموقف الدفاع بعد الهجوم ، بل لكونها ذات دلالة سياسية أنه خسر معركته للاستيلاء على طرابلس وإحراج لحلفائه في مصر والخليج، في وقت تلوح أطراف دولية عدة للمضي في المسار السياسي وفق مبادرة السراج.

كما أن حجم الخسارة في الأرواح لم يعد يمكن إخفائه عن الحاضنة الشعبية التي تبنت مشروع الكرامة لحفتر ودفعت بأبنائها للقتال معه في طرابلس.

ولامتصاص آثار الهزيمة عند هذه الحاضنة قام عسكر حفتر بالتالي:

1. خلق مسببات واهية للهزيمة عنوانها (خيانة غريان) ومناقضة تصريحاتهم السابقة بأن غريان حاضنة لهم، وبعد ما عرضوه من وصفهم لفرح أهالي غريان لدخولهم لها في الرابع من أبريل الماضي.

2. ترويج أن الهزيمة كانت تكتيك عسكري للانسحاب والتخلي على أهم مركز لإدارة عملياته.

3. ادعاء أن الهزيمة لم تكن بفعل قوات الوفاق على الأرض بقيادة اللواء أسامة جويلي، بل بفعل عدو من خلف الحدود هو تركيا؛ التي نزلت بطائراتها من السماء.

4. الايحاء بأن القتلى في صفوف قواته لم يمت منهم أحد في القتال، بل تم تصفيتهم كلهم في الأسر.

5. التركيز على القتلى الذين سلمت جثماينهم لذويهم، وتناسي باقي القتلى من مقاتليه، الذين لم يفصح عنهم بعد في مستشفى ترهونة، وباقي الأسرى المحتجزين عند الوفاق خلال وقبل معركة غريان، وكأن امرهم لا يعنيه.

6. خلق تضامن من ذوي القتلى، واقناعهم بأن سبب فقدهم لاحبابهم ليس تفريطه وحساباته وعدم مقدرته على مجابهة الخصم، وفرار قيادته من امامهم، وإظهار أن مقاتليه كأنهم ذاهبون لنزهة وليس لقتال، احتمالية موتهم فيه أكبر من نجاتهم.

7. إلهاء الشارع -الموجوع من فقد الارواح- بمعارك دانكوشتية يحاربون فيها المطاعم التركية وخطوط الطيران ولافتات الطرقات.

8. تغيير ومواربة تصريحاتهم السابقة الكاذبة بشكل صريح بشأن سيطرتهم على الوضع في غريان، وهزيمتهم لمن حاول التسلل لها، والتي كانت سبباً لإيقاع المزيد من الارواح في صفوفه، وزادت من حجم الصدمة والذهول عند مناصريه؛ عندما تبين أنها كانت كاذبة ومعكوسة.

9. وصف الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها مقاتلوه في الأرواح والاملاك بأنها بطولات ضد الخوارج الإرهابيين والدواعش والإخوان، ومحاولة إقناع الشارع بها ليتقبلها.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا