مشروع الدستور، وهوية ليبيا - عين ليبيا
من إعداد: أ.د. أحمد الأشهب
اتينا في المقال السابق على مسودة الدستور بقراءة عامة، وأشرنا من خلالها إلى ملاحظات عامة أيضاً.
وفي هذا المقال نبدأ بمناقشة بعض مواد المسودة وبشكل محدد.
تنص المادة رقم ( 1 ) على اسم ليبيا وهو الجمهورية الليبية ، إنها بداية غير مشجعة لدستور يفترض فيه أن يجسد هوية البلد وشعبه وخاصة في هذه الظروف التي فككت وشتت كثيرا من ألأوضاع والقيم ومنها هوية البلاد وشعبها ، إن الانتماء للأمة العربية شرف لكل الليبيين لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تشرف به ، وهو الذي حاز الشرف كله ، وقد كان يفاخر بأنه خيار من خيار من خيار من بني هاشم من قريش من العرب ، إنها أمة الإسلام وأمة القرآن ، فهل نتنازل عن هذا الشرف بهذه السذاجة والبساطة ، ولغتنا ، وثقافتنا ، وتاريخنا ونبينا وقرآننا وكلها بلسان عربي مبين وفي هذا إشارة إلاهية واضحة لمكانة اللغة والنبي والقوم .
فلماذا غابت الهوية العربية عن اسم ليبيا ؟ أم هي البداية للانسلاخ من هذه الأمة وتاريخها وأمجادها ، وأحزانها أيضا ، وحتى من يدعي من سكان ليبيا بأن أصوله غير عربية نقول له أعد قراءة التاريخ العربي بأجناسه ، وثقافاته ولغاته وآثاره ستجد نفسك عربيا حتى النخاع ، ولا داع للمكابرة ، فإذا انسلخت من عروبتك فلن تجد هوية أخرى ، بل ستجد نفسك في مهب الريح كشجرة (…) اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار .
المادة رقم ( 2 ) (( تعتبر ليبيا جزءا من الوطن العربي ، وأفريقيا ، والعالم الإسلامي ، وحوض البحر الأبيض المتوسط ، )) إنها صياغة جغرافية مسيٌسة لا أكثر، بل فيها ما يشبه الضحك على الذقون ، لأنها لا تحمل أي مدلول أو مفهوم واضح لهوية البلد، فليبيا حسب هذه الصياغة جزء من جغرافية الوطن العربي ، وليست جزءا من الأمة العربية ، والفارق كبير ، كما أنها تستوي في ذلك كونها جزءا من الوطن العربي ، كما هي جزء من القارة الإفريقية ، وجزء من حوض البحر المتوسط ، وبذلك يكون حالنا حال اليونانيين والمالطيين والقبرصيين والأسبان وغيرهم ,
أهكذا نحن يا هيئة الدستور ؟
المادة ( 3 ) هي استمرار لنفس المنهج الذي يؤدى إلى سلب هوية هذا الشعب ، فقد تجنبت الهيئة النص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية واكتفت بذكر أنها لغة الدولة ، وكأن الهوية العربية أصبحت عارا أو شرا ينبغي استئصاله والتنكر له ، يحدث هذا في وقت كانت ليبيا ليس فقط تعتز باللغة العربية وإنما تفرض على الآخرين احترام هذه اللغة ، إذ لا يمكن لأي أجنبي الدخول إلى ليبيا إلا بعد ترجمة جواز سفره إلى العربية ، وكذلك البضائع والسلع الأجنبية لا تدخل الأراضي الليبية إلا بعد ترجمة بياناتها إلى العربية ، وحتى ( كتيب بيانات ) السيارات لابد من ترجمته ، ولم يكن بوسع أحد إلا أن يلتزم بهذا القرار .
الآن ـ وللأسف ـ تجد الهيئة حرجا في الانحياز إلى هويتها العربية ، ولا مانع وفقا لنص المادة من أن نتفرنس أو نطلين أو …طالما يجمعنا معهم حوض البحر المتوسط ، أما العرب العاربة والمستعربة فقد تجاوزتها مسودة دستور ليبيا العصرية .
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا