معادلة الدائرة الطرابلسية، وتسوية انحرافها، وتجنب حملة الدخول إليها - عين ليبيا

من إعداد: ابراهيم قرادة

هندسياً، مساحة أية دائرة هي قياس المنطقة المحصورة ضمن محيطها، وتعتمد على قطر الدائرة، وكلما نقص نصف القطر تقلصت مساحة الدائرة، وهذا ما تعيشه طرابلس الآن، بحصر مساحتها وفق استحداث صياغة نصف قطر جديد بمقياس انتقائي.

طرابلس ليست الأربع عرصات فقط. طرابلس المدينة، هي كذلك عاصمة إقليم/ولاية طرابلس التاريخية، وأيضا ودائما المجال الوطني الرحب والمستوعب لكل التنوع الليبي. طرابلس ولم ولن تكن ابدا حكرا استحواذيا مكتسبا لمن سكن أو استوطن داخل السور. غير أنه في السنتين الأخيرتين برز وترسخ اتجاه وتوجه بتمكن وتمكين “الطرابلسية”(وفق تعريف ضيق) من وفي العاصمة والمؤسسات المتواجدة فيها، كأن باقي سكان مدينة و اقليم طرابلس وافدين وغير طرابلسيين. فما بالك بباقي الليبيين.

حين وحيث برز وانتشر وسوق، بالموازة، خطاب يتمحور على اولاد البلاد والاسر العريقة. وهو خطاب عجيب غريب عن طرابلس المحروسة. وهو كذلك مفهوم غير صحيح ولا سليم، وبل مستفز و سقيم. لأنه ، حتى لو سلمنا وقبلنا افتراضا وتجاوزا ومضضا، بمرجعيات العراقة والنبالة الطبقي والاجتماعي والتاريخي، فالكثير ممن يدعيها لا تنطبق عليهم شروط الانتماء. كما ان الاسر الليبية التاريخية، أسما وسجلا، والتي أفرزت شخصيات وطنية مرموقة خلال الثلاث القرون معروفة ومدونة جيدا . الليبيون شعب اصيل وعزيز، ويعرفون بعضهم جيدا.

للاقتراب من المقصود، فاستقرار ونجاح أي سلطة في طرابلس المدينة، تاريخيا وسياسيا، كان ولا زال مرهونا بفهم وتقدير واعتبار القوى الاجتماعية المحيطة بها، سواء كان الحاكم وطني أو أجنبي، وآخر الأمثلة ما حدث في 2011.

تعمد إقصاء وتقزيم واضعاف المحيط الطرابلسي الممتد من المقيم الطرابلسي هو ليس قصور في الحسابات بل ايضا خسارة مؤكدة. كما أن المحيط الطرابلسي أصبح أيضا هو مقيما وساكنا في المدينة، والكثير منهم أكثر جدارة وعراقة ونبلا، رغم : إن الفتى من يقول ها أنا ذا .. ليس الفتى من يقول كان أبي .

وفي اختصار مباشر ، فتوازنات المنطقة الغربية مرسومة ومحددة في مخرجات الجمهورية الطرابلسية في هيئة رئاستها ومجلس الشورى، وتطوراتها.

ترتيبات وتطبيقات اتفاقية الصخيرات، والدعم الدولي المختل والغير المتوازن، نتج عنه اخراج وأطراف اجتماعية وسياسية فاعلة ومهمة، إلا أنه لا يمكن بناء وتحقيق استقرار موزون ومستدام بدونها، مهما كانت فعالية “الطائرات بدون طيار” المجهولة والمتوقعة الهوية. فكهذا فتوازن الميدان الراهن هو ليس انعكس لتوازان أرض الواقع الحالي او القادم.

التعويل والاعتماد على الطيران المجهول المعروف على أبعاد المعارض والمخالف والمشارك، لن ولن يكون إلا كمثل الاعتماد مظلة المطر للاحتماء من عاصفة رملية. كما أن التوازنات الدولية والتنافسات بينها متغيرة ومتقلبة.

ومن ذلك محاولات التذاكي لاثارة النعرات التنافسية والحزازات القبلية لن تنفع حتى لكسب الوقت. فلن يكتب النجاح والديمومة لأي مشروع وطني باعتماد وتعمد الإقصاء والاستحواذ. وفي تجربة 42 عاما عبرة قاسية وفي مخاض 7 سنوات درسا مهما لا زال يفور ويمور. المآلات والنتائج واضحة جدا أمامنا، على الصعيد الوطني، والشخصي أيضا. كما أنه من الحكمة الوطنية الانتباه ان هناك اطراف دولية او حتى محلية قد تلعب في هذه المساحة، مما قد يفهمه البعض بانه دعم وتأييد، غير أنه مكر سياسي خطير.

هناك استثناءات معدودة جدا، مميزة ومتميزة اجتماعيا و ميدانيا وسياسيا في فهم واستيعابها لمعادلة طرابلس واحتوائها لأطرافها وعناصرها وتنوعاتها.

تواصل ميل وحيف المعادلة الطرابلسية لن يستمر مهما استقوى، ومن الحكمة والرشد أن نستعجل بالمعالجة لتجنب تطورات وتداعيات متوقعة ومعروفة، ستأتي قريبا مهما تأخرت. والتاريخ فيه أحداث.

اقصر الطرق هو افضلها، ومتمثلة في استيعاب واحتواء كل الاطراف المجتمعية والسياسية في وطن يسع ويحتضن الجميع في دولة وطنية ديمقراطية.

ما سبق تنبيه دافع الحرص والاحتراس من اجل ليبيا وطرابلس. مما يدعونا لتناول المسألة بصراحة وموضوعية.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا