مفهوم السيادة في القانون الدولي - عين ليبيا

من إعداد: د. رمضان بن زير

يكثر الحديث هذه الأيام عن السيادة الليبية هل هي حقيقة أم وهم، خاصة بعد عقد مجموعة من الاتفاقات مع إيطاليا والتي اعتبرها البعض انتقاصاً من السيادة الليبية، لهذا رأيت من المفيد التذكير بمفهوم السيادة في القانون الدولي العام.

موضوع السيادة موضوع إنساني عميق وحساس، وهو- بوصفه نتاجاً انسانياً- لا يرقى إلى الكمال أبداً، بل يصور عرضاً مستمراً للصراع الإنساني بين قوى الخير وقوى الشر، وبين المثل العليا والأطماع مما يجعل منه مأساة إنسانية. لا يتسع المجال في هذا المقال لعرض كافة مراحل الصراع في تاريخ البشرية، فتاريخ هذا الصراع تاريخ مستمر ومتصل. توج بظهور مرحلة السيادة في التنظيم الدولي.

يمكن أن نعرف السيادة بأن يكون للدولة الوطنية سلطان أصيل على الإقليم الذي يختص بها (براً وبحراً وجواً) بما يوجد فيه من أشخاص وأموال، وأن تكون علاقاتها بغيرها قائمة على أساس سلطاتها.

يظهر جلياً من خلال هذا التعريف أن لسيادة الدولة مظهرين أحداهما داخلي، كنتيجة لسيادتها تتولى الدولة بسط سلطانها وإدارة شؤون إقليمها، والقيام بمهمة التشريع والتنفيذ والقضاء، بحيث يكون جميع أفراد الدولة خاضعين لقوانينها.

أما المظهر الثاني فهو خارجي، يكون بتنظيم الدولة لعلاقتها مع المجموعة الدولية على أساس من الاستقلال الحقيقي الذي لا تبعية فيه للدول الأخرى. بل أن تقوم علاقاتها عن طريق تبادل التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والمشاركة الفعالة في المؤتمرات الدولية، والمشاركة في المنظمات والهيئات الدولية المختلفة.

السؤال الذي يجب طرحه هو ما هي الآثار المترتبة على هذه السيادة المطلقة؟

يمكن القول بأنه يترتب على هذه السيادة مجموعة من الحقوق منها للدولة الحق في أن تكون مستقلة في علاقاتها وفي اختيار الدول التي تريد أن تدخل معها في علاقات دبلوماسية أو قنصلية وكذلك للدولة حق في وضع الأنظمة القانونية والدستورية التي تلائمها حتى تضمن حسن سير دواليبها على ما يرام.

وفرعوا – على تكامل عناصر قيام الدولة بتوفر أركانها الثلاثة (الشعب والإقليم والسلطة عليهما) – حقوقاً أخرى منها حق الدولة في اختيار نظامها السياسي دون أي تعرض من قبل الدول الاخرى. كما لها الحرية الكاملة في إدارة إقليمها، فلها أن تختار النظام الاقتصادي الذي يتناسب معها رأسماليا كان أو اشتراكيا. كذلك للدولة الحرية في تنظيم علاقاتها بالأفراد وسن ما تراه مناسبا ولازماً من تشريعات بشرط مراعاة عدم التفرقة بسبب الجنس أو الدين أو اللون، تماشياً مع قواعد القانون الدولي.

من أهم مظاهر السيادة ولاية القانون وسلطة القضاء بالنسبة للرعايا وللأجانب الموجودين على إقليمها. ويستثنى من ذلك رؤساء الدول الأجنبية، والمبعوثون السياسيون والقوات الحربية للدول الأجنبية متى سمح لها بالمرور في إقليم الدولة، أو الإقامة بغرض معين، كما يستثنى أصحاب الامتيازات الأجنبية.

هذا من الناحية النظرية، أما الواقع خلاف ذلك، فمفهوم السيادة أصبح نسبياً وليس مطلقا كما يعتقد البعض. أي أن هناك فرق بين العرض والجوهر، والنظر والتطبيق.

للحديث بقية



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا