من ‘فوائد’ القنابل الذكية: تدمير سرطان الثدي!

إحدى أكثر التقنيات رعباً التي تداولها الناس بالشجب والنقد قبل 20 عاماً هي تقنية القنابل الذكية التي تستطيع أن تستهدف شخصاً أو مبنى أو آلية دوناً عن غيرها وتدمرها عن بكرة أبيها، ولكن هؤلاء الناقمين على التكنولوجيا سيسرون بمعرفة أن هذا المبدأ بالذات لم يعد حكراً على الجيوش والقوى العسكرية بل أصبح يستخدم طبياً لمعالجة سرطان الثدي بحيث تذهب “القنابل” إلى الخلايا السرطانية فقط وتقوم بقتلها دوناً عن السليمة.

إذ تمكن باحثون من جامعة دوك من تصميم دواء معين يذهب إلى الخلايا السرطانية ويقضي عليها دون أن يؤذي الخلايا السليمة وقد عُرضت نتائج هذه الدراسة اليوم في مؤتمر السرطان في شيكاغو.

ومن ضمن ما جاءت بهذه هذه الدراسة أن هذا الدواء الحديث الذي دُعي “تي دي ام آي” تمكن من منح السيدات المصابات بمراحل متقدمة جداً من سرطان الثدي عدة أشهر كان مرضهن فيها متوقفاً تماماً عن النمو والانتشار.

والنتيجة التي تفوق سابقتها أهميةً هي أن هذا الدواء استطاع أن يزيد في أمد حياة المصابات، فبعد عامين من بدء التجربة بقيت 65% من المريضات اللواتي كن يتناولنه على قيد الحياة مقابل 47% فقط من المريضات اللواتي كن يتناولن علاجات السرطان التقليدية.

يذكر الباحث الرئيسي في هذه الدراسة الدكتور كامبرلي بلاكويل من جامعة دوك: “الفرق الذي يقدمه هذا الدواء للمريضات بالنسبة لإطالة أمد الحياة هو حتماً أكبر من سنة، مما يعتبر تقدماً هاماً للغاية في مجال علاجات السرطان”.

ولكن لا بد من تحذير المتفائلين بأن هذا الدواء لا زال في مرحلته التجريبية ولن يكون جاهزاً في الأسواق قبل العام القادم.

كما أن الخبر الذي قد يكون مخيباً للآمال أكثر هو أنه لا يناسب جميع مريضات سرطان الثدي، إذ أنه يعتمد على دواء الهيرسيبتين الذي يعتبر العلاج الجيني الأول لسرطان الثدي بعد إضافة دواء كيماوي للسرطان سام جداً بحيث لا يمكن إعطاؤه وحده.

والهيرسيبتين لا يفيد سوى 20% من مريضات سرطان الثدي، ممزوجاً مع الدواء الكيماوي السام ضمن “تي دي ام آي”بحيث يذهب الهيرسيبتين (الذي يلعب دور وسيلة النقل هنا) نحو الخلايا السرطانية وداخل هذه الخلايا فقط يتم تحرير الدواء السام للقضاء عليها.

ومما يميز هذه الطريقة هي تأثيراتها الجانبية القليلة نسبياً مقارنة بما نعرفه من تأثيرات ضارة لعلاج السرطانات عموماً كتساقط الشعر والتعب والغثيان وفقر الدم، إذ وفقاً للدكتور بلاكويل فإن أولئك المريضات لم تتساقط شعورهن ولم يحتجن إلى أدوية مضادة للغثيان أو إلى نقل دم.

ويضيف الدكتور مايكل لينك أخصائي سرطانات الأطفال من جامعة ستانفورد ورئيس الجمعية الأميركية لعلم الأورام السريري “تعتبر هذه النتائج مقنعة للغاية فالعلاج الكيماوي يصل إلى الخلية السرطانية ويقتلها دون الكثير من الأذية للخلايا السليمة المحيطة بها”.

بقي أن نشير إلى أن هذا الدواء تنتجه شركة “جينينتش” وهي إحدى فروع الشركة السويسرية “روشي” والتي عمل الدكتور بلاكويك مستشاراً علمياً فيها فيما مضى، هذا ولم تقدر كلفة الدواء بعد لكن الهيرسيبتين وحده يكلف ما لايقل عن أربعة آلاف دولار شهرياً.

ورغم أن هذا الدواء لن يفيد سوى نسبة قليلة من عدد مرضى السرطان الكلي إلا أنه يفتح أفق تجربة طريقة القنابل الذكية على المزيد والمزيد من السرطانات، على أمل أن يتمكن الباحثون من إيجاد علاجاتٍ أكثر فاعلية لهذا المرض الذي أشارت دراسةٌ سابقة أن حدوثه سيزداد بمعدل 75% بحلول عام 2030.

(إيفارمانيوز)

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً