مواجع.. في ذكرى المولد النبوي - عين ليبيا

من إعداد: آمنة أحمد القلفاط

في ذكرى الاحتفال بمولد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، توافد الألاف، دون اتفاق بينهم، في الميادين العامة، في مختلف المدن الليبية للاحتفال به، في تظاهرات شعبية عارمة اتسقت دون سابق دعوة، توافق الجميع من مختلف الأعمار والثقافات والتوجهات السياسية والغير سياسية على التظاهر معاً، متوحدين تجمعهم راية وهدف واحد، هو الاحتفال بمولد سيدنا رسول الله.

الحشود المحتفلة والصادحة معاً، بصوت جهوري واحد معبراً عن السعادة الجماعية، جميل وملهم وحماسي، تشعر بالسعادة لكنها ممزوجة بالتساؤل عن سبب الفوضى الفكرية، التي تعجز عن تبني قرار جماعي مشترك يؤيد ويتبنى خطط إصلاحية، ريعها وصالحها العام يطال الجميع.

في الحقيقة مررنا بعدة ازمات على مختلف الجبهات، اقتصادية وأمنية، سياسية، تدخل أجنبي وغيرها، ولم يسبق لنا الاتفاق بهذا الزخم لمعارضة، أو لتوافق ودعم أي منها، جل الجبهات المعنية بحديثنا هنا، تشكل في مجموعها المصلحة العليا الجامعة لمستقبل وحاضر الوطن.

جمعتنا جزئية من الهوية الليبية المتمثلة في الاحتفال بمولد النبي عليه السلام، وفرقتنا جزئيات أعمق، وجب الالتفاف حولها، لم نلقي بالاً لدعوات كثيرة مختلفة للتظاهر من أجل مناهضة قرار، اعتراض، أو دعوة للأمم المتحدة مثلا، بمطالب توضح ماذا نريد؟.

إن كان من تفسير منطقي لهذا، فهو فقدان البوصلة، نحو التوافق في تلك الجزئيات الأعمق للهوية الليبية، التي لزم ووجب التوافق حولها. اختُلف حول الشكل الذي نريد عليه الخارطة السياسية لدولة ليبيا تباينت مختلف الرؤى السياسية لحاضر ومستقبل الوطن، وكلا ً منها يرى في مشروعة القدرة والأفضلية، بل والصواب المطلق دعم كل فريق مشروعه سلمياً بالدعاية، وجمع الأنصار، وغير سلمياً بالاستعانة بالسلاح والمليشيات والاستقواء بالأجنبي وغير ذلك.

ربما اجتمعنا من أجل جزئية الاحتفال بالمولد، رغم الأصوات التي حرمت الاحتفال. لكن الآلاف من كل المدن قررت السير على نهج الأجداد. يظهر جلياً وواضحاً أن الآباء فشلوا في تحديد هوية ليبية جامعة يسير الأبناء على نهجها، هوية ليبية جامعة مترسخة وواضحة، تلهم وتحرك العقول وتشحذ القلوب نحو الصالح العام. نحن نفتقر التوافق حول ما نريده لمستقبل بلادنا، وبالتالي نطالب به ونسعى إليه. ينقصنا مجس الهوية الوطنية، الذي يستشعر الاختلال، فيعترض، أو يحس باتجاه المصلحة فيدعم وبالتالي يعترض الآلاف في تظاهرات تعدل مسارات الاعوجاج وتعدله.

الحاجة مستمرة نحو تأطير وترسيخ هوية وطنية جامعة، محددة بثوابت مستقرة على الفرقاء الوعي بأن المشروع الوطني هو مشروع جامع، حاضراً ومستقبلاً، ولا يخص فريق بعينه كل من يريد أن يصبغ الحالة الليبية على هواه فهو يدفع نحو اقصائه هو وخروجه من المشهد، تماما كما سبق محاولة صبغها في الأربعين سنة الماضية، ولفظت في النهاية.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا