نداء إلى أحرار الوطن - عين ليبيا

من إعداد: المستشار خليفة الزواوي

بِسْم الله الرحمن الرحيم، في ظل م انراه من عبث وطغيان للمصالح الشخصية على حساب مصلحة الوطن والمواطن، وهذا المشهد البائس الذي دام لسبع سنوات عجاف، انتحل فيه حفنة مجرمة عاثت في الأرض فساداً، شرعية مغتصبة، سمت نفسها البرلمان الليبي، لم نره يومًا منذ أن اغتصب السلطة التشريعية قد سنّ قانونًا واحدا أو قرارًا واحدا يخدم قضية الوطن، وإنما كل همه وخاصة العصابة المسيطرة على دفة القرار فيه هو خلق الامتيازات لأنفسهم واتخاذ القرارات التي تخدم أوضاعهم المادية والمعنوية ومن فرط وقاحتهم أنهم كل ما خرجوا علينا يدّعون أنهم نواب الشعب.

وقد تنبهنا مبكرًا إلى هذا العبث ومنذ أن أصدرت الدائرة الدستورية بمحكمتنا العليا حكمها القاضي بعدم شرعية انتخاب مجلس النواب وتم القفز على هذا الحكم من قِبل المجتمع الدولي، وخرجوا علينا باتفاق الصخيرات وقلنا يومها بأن أي دولة لا تحترم قضائها لا تطلب من الآخرين أن يحترموا سيادتها، ولم يأت لنا هذا البرلمان إلا بالويلات والحروب، واستدعاء الأجنبي لانتهاك سيادتنا، وإن سلمنا جدلًا أنه يمثل سلطة تشريعية واقعية إلا أنه لم يتمتع يوماً بالمشروعية.

وبعد مخاض عسير وسنواتٍ عجاف حصل التوافق على إخراج حكومة وحدة وطنية بتوافق دولي وبإشراف بعثة الأمم المتحدة ومخرجات جنيف وقد تألفت هذه الحكومة من طيف واسع من أغلب المدن الليبية وقد استبشر الناس خيرًا بهذه الحكومة لما عملت عليه خلال أشهر قليلة من الاهتمام بكافة شرائح المجتمع، وحاولت وضع الحلول للمختنقات الأساسية التي تُعاني منها البلاد؛ كملف الكهرباء والسيولة وشريحة الشباب، وأصحاب المعاشات الأساسية، واستكمال بعض المشاريع المتوقفة، وتعاقدت على بعض مشاريع التنمية، وتقدمت بميزانية تغطي هذه النفقات جميعًا، فأبى هذا المجلس البائس (البرلمان) إلا أن يضع أمامها العراقيل بحجة أن هذه الحكومة أسرفت في إهدار المال العام وأنها انفقت أكثر من خمسين مليار خلال شهور، متناسياً هذا المجلس أن الحكومات السابقة لهذه الحكومة قد أنفقت ما يزيد على خمسمائة مليار دون أن يرى المواطن البسيط في الجنوب والشرق والغرب أثرًا لهذه الأموال الطائلة وكان هذا المجلس موجودًا.

واستمرت المماطلة وحصلت المساءلة وردت الحكومة على رؤوس الأشهاد، إلا أن النوايا الحقيقة لهذه المماطلة من قِبل عقيلة صالح وداعميه ليست كما يدّعون الحفاظ على المال العام وإنما الهدف أعمق من ذلك وهو الاستمرار في ممارستهم العبثية للسلطة ووضع العراقيل أمام أي جهد وطني لإنقاذ البلاد من أزماتها، وعرقلة الانتخابات التي يعلمون أنها ستُنهي وجودهم، فابتدعوا حيلةً أصدروا بها قانون لانتخاب الرئيس وفقًا لمقاييسهم، وسكتوا عن الانتخابات البرلمانية متجاوزين في ذلك اشتراطات ومخرجات جنيف في وضع القاعدة الدستورية وقانون الانتخابات بالتشاور مع الأطراف الأخرى، كما أنهم لم يكتفوا بذلك بل أمعنوا في الاستهانة بإرادة ومشاعر الليبين فأقدموا على خطوة خالفوا فيها الإعلان الدستوري بشكل صريح، كما أنهم خالفوا حتى القانون الداخلي المنظم لعمل مجلس النواب، بقرارهم سحب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية، حيث وبشهادة عدد من أعضاء مجلس النواب الذين حضروا الجلسة أنه تمت مخالفة طريقة العد المنصوص عليها وتزوير عدد المصوتين بسحب الثقة، ولم يحصل أن تصرف برلمان في العالم بمثل هذه الطرق المشبوهة والتي لم تكتفي بمخالفة القوانين فحسب بل وصلت لحد التزوير.

وإزاء هذا المشهد فإنني أهيب بالمجلس الرئاسي واستنادًا إلى مبدأ المشروعية والتي سندها الغضب العارم والبيانات المتلاحقة من جميع مدن وأطياف الشعب الليبي، وأغلب المجالس البلدية المنتخبة برفض هذه الخطوة، فإن هذه المشروعية تحتم على المجلس الرئاسي أن يقف موقفًا للتاريخ وانحيازًا للوطن ومصالحه العليا وأن يصدر قراراً بحل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وتشكيل فريق عمل من المختصين لإعداد قانون الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد حتى يتسنى للبرلمان المنتخب إعداد الدستور الذي يتوافق عليه الليبيون، ويختارون نظام الحكم الذي يرغبون، سواءً كان برلمانيًا أو رئاسيًا أو شبه رئاسي، لتخرج ليبيا بإرادة أبنائها من جميع أزماتها وتتحرر بسواعدهم من هيمنة المتدخلين في شأنها من الخارج وأدواتهم في الداخل، مع وجوب التأكيد على استمرار حكومة الوحدة الوطنية في أداء مهامها استنادًا إلى المشروعية الشعبية المنوه عنها آنفاً والشرعية التي أتت بها ابتداءً، وإذا ما كان المجلس الرئاسي في مستوى التحدي فإنه بإمكانه وضع حد لهذا العبث وإنقاذ البلاد من هذه الشرذِمة الآثمة، كما نهيب بالشرفاء في مجلس النواب تقديم استقالاتهم حفظًا لماء وجوههم، وعاشت ليبيا حرة تتسامى فوق جراحها، والله الموفق والمعين.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا