هجرة الأدمغة الطبية تُقلق تونس.. دعوة من جنيف لتعاون دولي يُنقذ الأنظمة الصحية - عين ليبيا
في ظل تصاعد ظاهرة هجرة الكفاءات الطبية من دول الجنوب نحو الشمال، دعت تونس إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهة هذا التحدي الذي يهدد استقرار الأنظمة الصحية في البلدان النامية، وعلى رأسها تونس، وجاءت هذه الدعوة خلال مشاركة وزير الصحة التونسي، مصطفى الفرجاني، في الدورة 27 للقاءات الفرنكوفونية حول الصحة المنعقدة في جنيف، حيث ألقى محاضرة حول هجرة الكفاءات الصحية وآثارها المتزايدة.
وأكد الوزير الفرجاني في كلمته أن هذا التحدي يتطلب تعاوناً دولياً مسؤولاً، داعياً إلى إرساء شراكات مؤسسية قائمة على اتفاقيات شفافة بين دول الشمال والجنوب، بدلاً من الاعتماد على المبادرات الفردية التي تُضعف المنظومات الصحية في الدول النامية.
كما استعرض الوزير حزمة من الإجراءات التحفيزية التي أطلقتها الحكومة التونسية لتشجيع الأطباء والإطارات الطبية على البقاء داخل البلاد، لا سيما في المناطق الداخلية، من خلال تطوير البنية التحتية الصحية، ورقمنة الخدمات، وتعميم الطب عن بعد، إلى جانب تحسين بيئة العمل.
وشدد الفرجاني على أن التصدي لهجرة الكفاءات الصحية لا يكون فقط عبر المعالجات المحلية، بل عبر تعاون دولي متوازن يأخذ في الحسبان احتياجات الدول النامية ويضمن استدامة أنظمتها الصحية.
وتُعد هجرة الكفاءات الصحية من أبرز التحديات التي تواجهها تونس منذ سنوات، حيث تشهد البلاد نزيفاً متزايداً في مواردها البشرية من أطباء وممرضين وتقنيين باتجاه الدول الأوروبية، وفي مقدمتها فرنسا وألمانيا وكندا،ويُعزى هذا النزوح بالأساس إلى الفوارق الكبيرة في ظروف العمل، وتفاوت الأجور، ومحدودية الإمكانيات والتجهيزات داخل القطاع الصحي العمومي في تونس، لا سيما في المناطق الداخلية والجهات المحرومة.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن آلاف الأطباء والممرضين غادروا البلاد خلال السنوات الأخيرة، ما تسبب في اختلالات هيكلية داخل المؤسسات الصحية العمومية، وأدى إلى تراجع جودة الخدمات المقدمة، وصعوبة تعويض الكفاءات المغادرة في ظل ندرة الأطباء المتخصصين، وخصوصاً في المجالات الدقيقة كالتخدير والإنعاش، وأمراض القلب، وجراحة الأعصاب.
وفي مواجهة هذا الوضع، تسعى السلطات التونسية إلى اتخاذ جملة من الإجراءات للحد من هذه الظاهرة، من بينها تحسين بيئة العمل، وتوفير الحوافز المادية والمعنوية، وتحديث البنية التحتية الصحية، إلى جانب العمل على تعزيز التعاون الدولي لوقف الاستقطاب غير المنظم للكفاءات، والدفاع عن حق الدول النامية في الحفاظ على مواردها البشرية الحيوية.
تونس تقترح إنشاء صندوق إفريقي للتضامن الصحي لتعزيز التمويل والابتكار الطبي
اقترح وزير الصحة التونسي، مصطفى الفرجاني، إنشاء صندوق إفريقي للتضامن الصحي، وذلك خلال مشاركته في اجتماع رفيع المستوى حول “التمويل والصحة في إفريقيا”، الذي نظمه المركز الإفريقي لمراقبة الأمراض والوقاية منها على هامش الدورة الـ78 لجمعية الصحة العالمية في جنيف.
وقدّم الوزير رؤية تونسية متكاملة لتطوير التمويل الصحي في القارة الإفريقية، تضمنت ثلاث مسارات رئيسية: إنشاء الصندوق الإفريقي للتضامن الصحي، إطلاق أقطاب إقليمية متخصصة في التحديث والابتكار، واعتماد تقنيات الرقمنة والذكاء الاصطناعي لتوفير العلاج عن بعد، لا سيما في المناطق النائية.
كما استعرض الفرجاني خطة تونسية ترتكز على ترتيب الأولويات الصحية وفق التحديات الوبائية، وتعزيز الشراءات العمومية للأدوية الأساسية، بالإضافة إلى دعم الاستثمارات الوطنية ذات الطابع التضامني سواء في القطاعين العام أو الخاص.
وأكد أن إفريقيا تحتاج اليوم إلى رؤية موحدة وشجاعة لإعادة ترتيب أولوياتها الصحية، بهدف بناء مستقبل صحي يعتمد على القدرات الذاتية للقارة.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا