هذا ليس زمنكم - عين ليبيا

من إعداد: سالم المعداني

يزداد المشهد السياسي الليبي كل يوم تعقيداً بسبب أن الفاعلين فيه والظاهرين على مسرحه بعيدين كل البعد عن الفهم السياسي، واختلطت أمورهم فأصبحت مماحكات وعناد أكثر منها صراعا لتحقيق أهداف سياسية، ولعل البعض منذ البداية كان غامضا يعمل بسرية تامة في مشهد علني، ولعل أهم من ينطبق عليه هذا الوصف هم أصحاب تيار الإسلام السياسي فهم اليوم فقدوا مقومات ومبررات وجودهم، فقد رفعوا شعاراتهم الدينية من أجل أسلمة المجتمع واتضح أن المجتمع ومكوناته مسلم أكثر منهم، ورفعوا شعارات بناء الدولة واتضح أن الفوضى في النظام السابق أكثر تنظيما من أفكارهم فقد تسللوا إلى المشهد السياسي وتغلغلوا في المجلس الوطني الانتقالى بعد اللقاء المشهور ببنغازي بينهم وبين رئيس المجلس مصطفى عبد الجليل والذي أصر أن يكون للتيار الإسلامي جزءا فاعلا في المجلس الانتقالي، تلك البدايات.

أما النهايات فكانت عبر تكوين حزب يمثل هدا التيار ادعوا فيه أنه مفتوح للجميع وقد شرفني ذات مرة لقاء بهم عندما كنت أظن أننا لم نتشرف برؤية سيدنا أبوبكر وعمر وعثمان وعلي وها نحن اليوم يعوضنا الله خيرا بهذا اللقاء، ولكن من أول الجلسات لاحظت الغموض والتدليس في الكلام والحديث عن خصومهم بمنطق شيطاني غريب وكيف أنهم على استعداد للتحالف مع الشيطان، وكيف صوتوا ضد زيدان ثم قبلوا العمل معه وتركوا وزارة الأوقاف والثقافة والتعليم ليستلموا وزارات المالية والنفط والإسكان والكهرباء، وكيف عاثوا في الشركات التي أمسكوا برقابها فساداً، ولا شك أن قصة وزيرهم للكهرباء معلومة وتعاونهم مع الجميع ضد الجميع، وتبين لنا أن من ليس منهم سيعزل وسيطلب الرحيل وحده.

وجودهم في ليبيا كمن يبيع الماء في حارة السقايين فهم في المكان الخطأ، فليبيا وشعبها المسلم المتدين بطبيعته لن يزيد هدا التيار إيمانا مع إيماننا، فليس لدينا خمارات وليس لدينا نوادي ليلية ليقنعونا بقفلها، والخمر محرم بالدين وبالقانون وبالعرف، فشعبنا غالبيته المطلقة يصلي ويصوم فرضا ونفلا وأحكام الشريعة في ما يتعلق بالقصاص مودعة بالقوانين الليبية، ولسنا دولة مركزية مثل مصر أو تركيا أو إندونيسيا لتنطلق من بيننا الخلافة الراشدة من جديد.

أقول إنني كنت أعشقهم من خلال كتبهم لأنني لا أعرفهم ولم أرى تصرفاتهم ولكن فبراير المجيدة أحضرتهم لنا فوق المسرح لنراهم، وليتنا لم نراهم فهم عقول بسيطة سطحية انتهازية تبحث عن الفرص، وغاب عن عقولهم ما هو مكتوب في أسفارهم وأدبياتهم فثلاث سنوات في بنغازي لم نر لهم نشاطا وأبوابهم مقفلة إلا لجماعتهم، ولم يقدموا مشروعا واحدا أو مقترحا يتعلق بالدنيا ولا بالدين، وتسللوا عبر مظلوميتهم مع النظام السابق والتي استلم أكثرهم تعويضات مجزية عنها، تسللوا إلى المشهد السياسي وكانوا وراء خراب المؤتمر الوطني عبر كتلتهم، وجعلوا المؤتمر عارا في جبين الديموقراطية ورفضوا كل الوساطات وأجهضوا جهود الحوار مع حزب التحالف.

اليوم وقد تسللوا أيضا لرئاسة مجلس الدولة بقدرات متواضعة جدا، فقد صارت حربهم وهمهم إبعاد كل الوطنيين ممن يعارضون سيطرتهم على المشهد، وبالرغم من أننا نختلف مع الدكتور عبد الرحمن السويحلي ربما في نظرته والبعض من أساليبه، ولكن الرجل يدرك أعدائه قبل أصدقائه قدراته ووطنيته وحرصه على بناء الدولة المدنية الديمقراطية، وأنه ليس عنصريا وهو مؤهل للقيام بدور وطني، فالصراع معه يصنع علامات استفهام كبيرة لها بداية وليس لها نهاية، لكنهم هكذا ديدنهم الحط من قيمة من ليس منهم وإن خدعوا فالتقية دينهم وإن خدعوا بغير ذلك.

في الختام نحن نحترم الفكر الإسلامي الذي ينطلق منه فكر الإخوان وينابيعه الصافية ولكننا مطلقا لا يمكن أن نصدق ما نرى من شخوص بأن لهم علاقة بفكر الإخوان فهم إما متلبسين أو غير مدركين للفكر الإسلامي على أصوله، ولعل نصيحتنا لهم أن الجماعة لا مكان لها في ليبيا وأن حلها ربما هو القرار الحكيم الذي ربما سيغفر لهم خطاياهم فالإسلام في ليبيا بخير بدونهم.



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا