هرطقات التيار السلفي السعودي في ليبيا – الجزء الأول - عين ليبيا

من إعداد: محمد علي المبروك

تفسير المفهوم الديني لايؤخذ من تفسير العهود القديمة بل يفسر بحسب تعاقب العصور والأزمان لان التفسيرات الدينية خاضعة للعقل الذي ينمو معرفة وعلما عبر العصور والأزمان ومايفسر في عقول العهود القديمة يفسر بخلافه في عقول العصور الحديثة لتطور العقل ونضجه بمختلف انواع العلوم والمعارف في العصور الحديثة ولايجوز من ذلك تطبيق تفسير ديني في العهود القديمة عقول اهله محددة بثقافة وعلوم تلك العهود وتطبيقه على العصور الحديثة التي عقول اهلها متسعة باتساع ثقافة وعلوم العصور الحديثة وما صلاح الدين الاسلامي لكل زمان ومكان الا لانه يفسر بحسب العهد وبحسب الزمان ليس لانه هو المتغير ولكن لان العقل هو المتغير بتطوره عبر الزمن فالمعيار الذي يجعل الدين الاسلامي صالحا لكل زمان ومكان هو ثبات الدين وتغير العقل المفسر تطورا عبر الزمن فالدين الاسلامي يتسع طبيعيا تفسيرا وتوضيحا باتساع العلوم والثقافة عبر العصور ،،، فاتركوا الدين الاسلامي يتسع بطبيعته ولاتختزلوه في العهود القديمة . يختزل اتباع التيار السلفي السعودي الدين الاسلامي في عهوده القديمة ويقطعونه قطعا جامدة من عهوده الاولى لتطبيقه على العصور الحديثة دون تطويعه ودون تفسيره بتطور العلوم والثقافة واتساع المدارك رغم انه قابل بطبيعته للتطويع وقابل للتفسير بتطور العلوم والثقافة واتساع المدارك بما لايخرج عن الدين ويصفون اي تطويع او مخالف لمنهجهم الجامد بانه من اهل البدع والضلال في حين ان اصل خروج هذه الجماعة على اجماع العالم الاسلامي كجماعة تدعي ان منهجها لوحدها هو السلفي وانه هو المنهج الصحيح وأنها الفرقة الناجية المنصورة هو البدعة .. هو الضلالة لان المذاهب الاسلامية التى يهتدي بها العالم الاسلامي كافة هى مذاهب سلفية متوارثة عبر السلف فكيف تخرج جماعة عن اجماع العالم الاسلامي وتدعي لوحدها السلفية وتتهم كل عادات وتقاليد العالم الاسلامي بالبدع والضلال ؟ وسوف اكتفي هنا نظريا لانتقل بكم الى بعض سلوكهم العملي الذي يجمد الاسلام في عصوره القديمة ولايجعله يتسع كما اراد له الله من اتساع .
يعتبر هؤلاء ان الأعياد الانسانية مثل عيد الام والطفل وعيد العمال والاعياد الوطنية مثل أعياد الاستقلال هى من البدع والضلال ولم يكن وصم هذه الأعياد الانسانية والوطنية بالبدع والضلال الا لانها لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومابعده ولايعلم هؤلاء ان هذه الأعياد وان لم تكن على عهد النبي لايعني انها محرمة وهى لم تكن موجودة على عهد النبي ليس لانها محرمة بل لانها لم تبتكر بعد وابتكرت حديثا كوقفات زمنية إحسانية للتذكير بالام والطفل والوطن والحقوق وهى تذكير إحساني مساند للدين الاسلامي الذي يدعو للبر بالام والطفل والغيرة على الاوطان والحث على الحقوق وكون هذه الأعياد مبتكرة انسانيا من غير المسلمين فان الانظمة التعليمية والصحية والوظيفية والمالية والاقتصادية وغيرها ببرامجها وأساليبها السلوكية العملية هى مبتكرات انسانية من غير المسلمين فلماذا ترفض تلك وتقبل هذه ، كذلك فان هذه الأعياد لم تكن موجودة على عهد النبي وصحابته لان عهده لم يكن فيه اتفاق انساني بين الشعوب بل كانت شعوب منعزلة تتصادم دينيا عبر الحروب فيما بينها وبعد بلوغ العقل الانساني من التطور في العصور الحديثة بنمو مفهوم حرية مااعتقده المسلمون وما اعتقده غيرهم وببروز تعاون عالمي واتفاق آنساني ومساعدات انسانية في مكافحة التلوث والامراض والجوع والفقر والإنقاذ في الكوارث الطبيعية بين الدول فلايجوز تحريم هذا الاتفاق الانساني برفض المناسبات المتفق المتعارف عليها انسانيا كعيد الام والطفل وغيرهما ولكم اباحة واضحة لاي اتفاق انساني فيه تعارف وتعاون ومبادلات تجارية وثقافية بين الشعوب في آية من اعظم الآيات ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) صدق الله العظيم * .
من اغرب مايوصم بالبدع والضلال عند التيار السلفي السعودي هو كتابة اسم صاحب القبر على قبره وحجتهم ان ذلك لم يرد عن السلف وهو تجهيل واضح للقبور ، في العصور السالفة لم يكن البشر بالعدد الذي عليه اليوم ويتبعه ان الأموات لم يكونوا بالعدد الذي عليه اليوم ويعرف صاحب اي قبر من مكانه لاتساع مساحات المقابر وفي هذه العصور يزداد عدد الاحياء ويتبع ذلك ازدياد عدد الموتى وتضيق المقابر بالقبور يوميا ولايعرف صاحب القبر في زحمة القبور ان لم يكتب عليه اسمه الدال عليه ثم ان مايعتبره التيار السلفي بدعة بكتابة اسم صاحب القبر فيه تضييع واضح للحقوق لان القبور تصبح قبورا مجهولة واذا جدت اي شبهة جنائية في موت صاحب القبر كما يحدث الآن فلايمكن للقضاء استخراج الجثمان لتشريحه ومعرفة سبب موت صاحب القبر المجهول الذي لايعرف من بين القبور لعدم وجود مايدل على صاحب القبر كالاسم .
في ليبيا ينتهز افراد التيار السلفي السعودي الفوضى وضعف الحكام وضعف الديانة فيسيطرون على مكاتب الأوقاف ويسيطرون على المساجد ليس بالدعوة الحسنة والموعظة بل بالشجار والتهديد مع أئمة المساجد السابقين وطردهم من المساجد والخصام مع المصلين الذين يخالفونهم في التيار وازالة الكتب الفقهية المعتدلة وإحلال كتب التيار السلفي السعودي في المساجد وعلى ذلك يتقاضون مرتبات من الهيئة العامة للأوقاف وقد سبب هذا شقاق بين المصلين ويبدو الامر واضحا الاختلاف ببن المسلمين في اي مسجد في ليبيا حيث تتحاذى جماعة التيار السلفي انعزالا بمظهرها وارتباط أفرادها مع بعضهم البعض بمعزل عن الجماعة العامة في المسجد التى تذهب بالمذهب المالكي المعتدل السلفي ، حسبي الله فيما اقول الذي له القوة والحول ، يتبع هذا المقال بجزءين لاحقين .
* سورة الحجرات الآية 13، ألزمتني هذه الاية بورودها كدليل لوضوحها وضروريتها هنا واردت تجنب الأدلة الشرعية ما استطعت لذلك تجنبا والتركيز على الأدلة العقلية لان الأدلة الشرعية استغلت تطويعا وتفسيرا من مجرمي الحروب ومن كل الجماعات الدينية المتنطعة ذات العقائد المنحرفة لذلك ليكن العقل هو الدليل فلايهتدى الانسان الى دينه الا بالعقل .



جميع الحقوق محفوظة © 2024 عين ليبيا